لتجربة الأجواء المثيرة للمراهنة الرياضية والإثارة في ألعاب الكازينو عبر الإنترنت، ما عليك سوى التسجيل وبدء اللعب لدى شركة المراهنات Mostbet في المغرب . تعال لتستمتع باحتمالات عالية والعديد من المكافآت والعروض الترويجية والرهانات المجانية واللفات المجانية. سنمنحك نسبة 100% على إيداعك الأول، ولدينا أيضًا تطبيق ممتاز للهاتف المحمول!
وياكم 2015

وياكم 2015 الحلقة الثانية عشر الايتام

الأيتام

الأيتام.

أيتام العرب.

أيتام المسلمين.

أيتام الإنسانية.

حديثي عن اليتيم؛ لكنه ليس حديث استجداء رحمة، وعاطفة، ولا حديث إغاثة، فنحن يجب علينا أن نخرج من هذا الطور الذي أُغرقنا فيه كثيراً، فاليتيم في نظرنا هو من ينتظر شفقة من هذا، وعطفاً من ذاك، ويداً ممدودة من الآخر، ليس هذا مقصودي، لأن هذا أمر طبيعي، وبدهي، وإن لم نفعله فنحن لسنا بشر، بل كائنات من كوكب آخر، لا قلوب لها، ولا تعرف معنى الرحمة.

أتكلم عن الأيتام في زمن صناعة اليتم!! وهذه الصناعة مقصودة، مطلوبة! صحيح أن اليتم نتيجة، وثمرة لكوارث، لا أقصد الكوارث الطبيعية، وإنما أقصد الكوارث الإنسانية التي تكون بإرادة إنسانية، وهي في حقيقتها أشرس من الكوارث الطبيعية، وتزيد شراستها عندما تكون في عصر العلم، والتكنولوجيا، والحضارة، والمدنية، والعولمة، وحقوق الإنسان، والمصطلحات الأممية، وغير ذلك من الألفاظ، والبريستيج الذي يفخر به العالم، فيجعلون اليتم نتيجة لتلك القرارات التي تحكمها المصلحة!

فمن الذي يقع عليه اليتم أكثر؟

إنهم شعوب الشرق الأوسط!

من الذي تُحفر له القبور على مدار الساعة؟

إنها بيئتنا المسلمة!

ولكن: لماذا؟

لأننا بمنزلة مكب النفايات للغرب، فهو يطبق مشاريعه الضخمة جداً علينا!

ومع من؟

مع عملاء، ومستفيدين كثر، هم حلفاء لذلك الإنسان الغربي!

نعم إن اليتم يصنع صناعة!

فهذه القنابل التي تقذف بكل أنواعها، وهذه المجازر التي تنفذ بكل أشكالها، ما هي إلا مصنعاً لتفريخ اليتم في عالمنا العربي والإسلامي!

نحن اليوم نعيش في أشرس لحظات التاريخ الإنساني، الذي ليس مثيل، فهو يشاهد صباح مساء كيف القنابل تسقط على المدن، وعلى المدنيين، بحجج سخيفة، وإجرامية، بل ويسمح لهذا أن يكون؛ والسبب أن هنالك معادلات اقتصادية، وسياسية، لا بد أن تمرر ولو على حساب إنسانية الإنسان، فجميع مصطلحات الرحمة، والإنسانية، والعدالة، التي تنضوي تحت مظلة العناوين الحقوقية الإنسانية المعاصرة، قد ديست تحت الأقدام، وسقطت، ولم يعد لها أي قيمة؛ لأن الاقتصاد، والسياسة، والمصلحة، وقانون القوة، لا قوة القانون، هو الذي يسري في الحياة، ويسيرها.

كتاب: “وحي القلم“، من أواخر ما ألّفه الأستاذ الأديب الرافعي، وهو الذي يعبر عن أدبه العام، وعبقريته الأدبية.

في هذا الكتاب ذكر أقصوصتين، خلق من خلالهما حواراً يعبر عن مكنونات الإنسان، ومعنى الحياة، والواجب الأخلاقي في حركة وعلاقات الناس بعضهم ببعض؟

حقًّا إنه شيء عجيب…

القصة الأولى بعنوان: “أحلام في الشارع“.

يقول:

على عتبة “البنك” نام الغلام وأخته يفترشان الرخام البارد، ويلتحفان جوًّا رخاميًّا في برده وصلابته على جسميهما.

الطفل متكبكب في ثوبه كأنه جسم قطع وركمت أعضاؤه بعضها على بعض، وسجيت بثوب، ورمي الرأس من فوقها فمال على خده.

والفتاة كأنها من الهزال رسم مخطط لامرأة، بدأها المصور ثم أغفلها، إذ لم تعجبه.

كتب الفقر عليها للأعين ما يكتب الذبول على الزهرة: إنها صارت قشًّا.

نائمة في صورة ميتة، أو كميتة في صورة نائمة؛ وقد انسكب ضوء القمر على وجهها، وبقي وجه أخيها في الظل؛ كأن في السماء ملكا وجه المصباح إليها وحدها، إذ عرف أن الطفل ليس في وجهه علامة هم؛ وأن في وجهها هي كل همها وهم أخيها.

أهما طفلان؟ أم كلاهما تمثال للإنسانية التي شقيت بالسعداء، فعوضها الله من رحمته ألا تجد شقيًّا مثلها إلا تضاعفت سعادتها به؟

ثم يقول:

وقفت أشهد الطفلين وأنا مستيقن أن حولهما ملائكة تصعد، وملائكة تنزل! وقلت: هذا موضع من مواضع الرحمة، فإن الله مع المنكسرة قلوبهم، ولعلي أن أتعرض لنفحة من نفحاتها، ولعل ملكاً كريماً يقول: وهذا بائس آخر، فيرفني بجناحه رفة ما أحوج نفسي إليها، تجد بها في الأرض لمسة من ذلك النور المتلألئ فوق الشمس والقمر.

وظهر لي بناء “البنك” في ظلمة الليل من مرأى الغلامين، أسود كالحاً، كأنه سجن أقفل على شيطان يمسكه إلى الصبح، ثم يفتح له لينطلق معمراً، أي: مخرباً، أو هو جسم جبار كفر بالله وبالإنسانية، ولم يؤمن إلا بنفسه، وحظوظ نفسه، فمسخه الله بناء، وأحاطه من هذا الظلام الأسود بمعاني آثامه وكفره.

يا عجبا! بطنان جائعان في أطمار بالية، يبيتان على الطوى والهم، ثم لا يكون وسادهما إلا عتبة البنك! ترى من الذي لعن “البنك” بهذه اللعنة الحية؟

كلمات تنبض بالرقة والمشاعر والأحاسيس.

إلى أن يقول، وهذا هو المغزى من ذكري لهذه القصة، يقول:

فهؤلاء الحكام لا ينبغي أن يكونوا إلا من أولاد صالحي الفقراء، ليحكموا بقانون الفقر والرحمة، لا بقانون الغنى والقسوة، وليتقحموا الأمور العظيمة المشتبهة بنفوس عظيمة صريحة، قد نبتت على صلابة وبأس، وخلق ودين ورحمة؛ فإنه لا ينهزم في معركة الحوادث إلا روح النعمة في أهل النعمة، وأخلاق الدين في أهل اللين؛ وبهؤلاء لم يبرح الشرق من هزيمة سياسية في كل حادثة سياسية.

إن للحكم لحما ودما هم لحم الحاكم ودمه, فإن كان صلبا خشنا فيه روح الأرض وروح السماء فذاك، وإلا قتل اللين والترف الحكم والحاكم جميعا. وهؤلاء الحكام من أولاد الأغنياء لا يكون لهم هم إلا أن يرفعوا من شأن أنفسهم، إذ السلطة درجة فوق الغنى, ومن نال هذه استشرف لتلك، فإذا جمعوهما كان منهما الخلق الظالم الذي يصور لهم الاعتداء قوة وسطوة وعلوا، من حيث عدموا الخلق الرحيم الذي يصور لهم هذه القوة ضعفا وجبنا ونذالة. إن أحدهم إذا حكم وتسلط أراد أن يضرب، ثم لم تكن ضربته الأولى إلا في المبدأ الاجتماعي للأمة، أو في الأصل الأدبي للإنسانية. يحرصون على ما به تمامهم، أي: على السلطة، أي: على الحكم، فيحملهم ذلك على أن يتكلفوا للحرص أخلاقه، وأن يجمعوا في أنفسهم أسبابه؛ من المداراة والمصانعة والمهاونة، نازلا فنازلا إلى درك بعيد، فينشروا أسوأ الأخلاق بقوة القانون ما داموا هم القوة.

أما القصة الثانية فهي بعنوان: “عروبة اللقطاء!!“، في هذه القصة يجري حواراً بين فرسين وهما يشاهدان الأيتام؟ وماذا يقولان؟

هاتان الأقصوصتان في ظني إذا قرأهما الإنسان فسوف تكون له إضافة كبيرة في نظرته لليتيم، ولذاته، وللمجتمع، وما ينبغي، وللحياة.

ولذلك لا بد من وجود دراسات، ورصد، لكي نتصور الواقع، فإذا تصورناه عرفنا كيف نتعامل معه، وتجلى لنا حجم الواجب علينا، وحجم التقصير الواقع منا.

وتعالوا بنا نرى ما الذي يحصل لليتيم في مجتمعات قاسية؟

أولاً: التطرف، ويكون هذا التطرف باتجاهات متعددة، فإما أن يصبح هذا اليتيم ذا شخصية عنيدة لا تستجيب! ومن ثم فالعناد له نفسيته، وسيكولوجيته، مما ينعكس على علاقاته مع الآخرين في صغره، وفي كبره.

وإما أن ينكسر فيكون شخصية منقادة! وسرعة الانقياد هذه، وذبول الذات، وضعف الإرادة، تجعل منه ضحية، فينقاد للإرهاب، وينقاد لقضايا مخدرات، وينقاد لعصابات إجرام.

ثانياً: سيكولوجية اليتيم، فبالإضافة إلى الانقياد، والعناد، فهو دائماً في رحلة للبحث عن الذات، من أنا؟ فالبحث عن الذات هو جوهر خصوصية الإنسان عن سائر الكائنات الأخرى، فهذا سؤال مقلق ومصيري بالنسبة له، يجب أن يجد الجواب عليه.

وهذه رسائل واضحة أن هذا اليتيم الذي نهتم به في مأكله، ومشربه، وملبسه، ومنامه، ليست هي كل شيء، بل هناك أشياء كبرى يحتاجها هذا اليتيم؛ لأننا نتعامل مع إنسان.

ثالثاً: يُكثر اليتيم من السؤال عن الحكمة من وجوده، أي عن سؤال البدايات:

لماذا جئت إلى هذا الوجود؟

وما هو هدفي من هذا الوجود؟

أي أنه باختصار يبحث عن المعنى.

يقول أندريه مولر وزير الثقافة الفرنسي الأسبق: إننا نعيش في حضارة تجيب على أخطر سؤال بـ: لا أدري!!

وما هو أخطر سؤال؟

إنه: هل للحياة معنى؟

رابعاً: مشكلة القدر، والسؤال عن القدر إن كان يخطر ببالي وبالك كعارض، فإنه يخطر على بال اليتيم بصورة دائمة، ومقلقة له، فهناك بعد عقائدي ينبغي أن يجاب عليه.

ولذلك قد يخرج اليتيم؛ لأنه لم يجد رحمة، أو احتراماً، أو لم يعط حقوقاً، إما ساخراً من هذا المجتمع الذي لا يستحق الاحترام، وإما أن يخرج ناقماً على هذا المجتمع الذي لم يوفر له الحقوق، وقد يتخذ اليتيم من الفشل أباً بديلاً، أو من النجاح أباً بديلاً!

ولكن من الذي يصنع طرق، وروافد، ومنارات النجاح أو الفشل؟

إنه المجتمع.

ومشكلة كبرى إذا كانت ثقافة المجتمع متخلفة في التعاطي مع اليتيم أياً كان هذا اليتيم.

ولذلك لا بد أن ندمج هذا الإنسان في المجتمع بأي طريقة كانت، بما يكفل له كرامته، وإنسانيته، وحقوقه.

فما الذي يحصل إذا وفرنا لهذا اليتيم الحياة الطيبة الكريمة، والرعاية الكاملة، والاهتمام؟

أولاً: تحقيق العدل الذي هو مقصد الشريعة بل هو مطلب الإنسانية كلها.

ثانياً: الانتماء، فيحس اليتيم بانتمائه للمجتمع، وحبه له، فيكون الإنجاز، ويكون التلاحم، وتكون الراحة النفسية.

ثالثاً: الاندماج الاجتماعي .

رابعاً: تقبل الذات، واستيعاب الأسئلة الكبرى:

من أنا؟

ولماذا كنت هكذا؟

ولأين أتجه؟

وكيف المسير؟

وإلى أين المصير في ظل اليتم، والغربة الذاتية؟

إن إعطاء الحقوق، والاندماج، وغير ذلك يجيب على هذه الأسئلة، ليس معرفياً فحسب، وإنما واقعياً، فيخف من قلقها، ويفكك عقدتها وطلاسمها، فكل يتيم بحسب الدراسات النفسية، والاجتماعية، عنده أربع نظرات:

أولاً: لمصدره، أي نظرته لله تعالى، ونظرته لنظر الله تعالى عنه، ونظر الله تعالى له.

ثانياً: نظرته للمجتمع، ونظرة المجتمع عنه.

ثالثاً: نظرته لذاته.

رابعاً: نظرته للقرابة، لأسرته، ولأقرب الناس إليه.

إذا حققنا هذه الشروط، وهذه المعادلة، فإلى ماذا نصل؟

سوف نحصل على النبوغ في الأيتام، ويأتي الإنجاز.

إن تاريخ الدنيا مليء بالأيتام الذين قادوا البشرية في موضوعات، وفنون، وعلوم، وقيادات، فهذا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله، وسيد الثقلين، كان يتيماً، وهذا الإمام محمد بن إدريس الشافعي، الفقيه المعروف، كان يتيماً، وهذا أبو حامد الغزالي صاحب كتاب: “تهافت الفلاسفة” كان يتيماً، وكذلك أبو الطيب المتنبي الشاعر الفطحل يتيماً، والشاعر حافظ إبراهيم كان يتيماً، وعبد الرزاق السنهوري كان يتيماً.

بل إن مايكل هارت الأمريكي الذي ألّف كتابه عن المئة الأوائل في العالم وجد أن 53 من الشخصيات العالمية التي ذكرها منذ فجر التاريخ إلى اليوم كانوا أيتاماً!!

إذن اليتم ليس عيباً، وليس نقصاً، أو سوءة يخجل المرء منها.

وها هنا سؤال مهم:

كيف تنظر الشريعة إلى قضية الأيتام؟

أولاً: يجب أن نصحح مفهوم العبادة، والعقيدة، المختزلة في الشعائر التعبدية الموسمية، من صلاة، وزكاة، وحج، وعمرة، إلخ…! لا بد أن نقوم بتجديد الوعي في الدين؛ لأن الدين اختُزل اختزالات كثيرة، ومر بانحرافات في الوعي كبيرة.

ثانياً: هناك مفهوم كبير يجب الانتباه له، والانطلاق منه، ألا وهو: السلوك الاجتماعي في الإسلام، فأين سلوكنا الاجتماعي من حقيقة الدين

صحيح أن كثيراً منا يصلي، ويصوم، ويزكي، ويحج، ويأتي بشعائر الإسلام الظاهرة، ويقول: أنا مسلم، ولكن في المقابل انظر إلى علاقات الناس بعضها ببعض، وعلاقاتها في جوانب الحقوق، والمال، والأخلاق!! إنك سترى العجب العجاب!

تعالوا بنا لنرى كيف يجعل القرآن معيار صدق الإنسان، وسلامة العبادة في قضية التعامل الاجتماعي، ويجعل من الأيتام مرتكزاً، ومحوراً؟

يقول الله سبحانه وتعالى: {أرأيت الذي يكذب بالدين}، هذا تساؤل، واستفهام: فمن هذا الذي يكذب بالدين؟!

{أرأيت الذي يكذب بالدين. فذلك الذي يدع اليتيم. وﻻ يحض على طعام المسكين. فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. الذين هم يراؤون. ويمنعون الماعون}.

انظر إلى الالتحام بين العبادة الشخصية للمسلم في الصلاة، وأداء الواجب اليومي، مع قضية الإحسان، والقيام بواجب هذا الإنسان اليتيم، فإذا كنت تسيء لليتيم، وتدعّه، ولا تشفق عليه، ولا تأتي بحقوقه، فأية عبادة تؤديها إذن؟ وما قيمة صلاتك هذه أصلاً؟!

فالدين ليس مجرد طقوس، ومظاهر، والدين يجب ألا يؤخذ تفاريق، بل كتلة واحد مجتمعة.

هذه قاعدة يجب أن نعرفها في حياتنا.

درس آخر: يقول الله تعالى: {فلا اقتحم العقبة}، فأنا حتى أتجاوز عقبة المحن، والفتن، والاختبار في هذه الحياة، وأنجح يوم القيامة، ماذا أحتاج؟

{فلا اقتحم العقبة. وما أدراك ما العقبة. فك رقبة. أو إطعام في يوم ذي مسغبة. يتيماً ذا مقربة. أو مسكيناً ذا متربة}.

ما هي العقبات التي لا تزال أمامي حتى أصل إلى جنات النعيم، وأفوز بالفوز المقيم الدائم الأبدي الخالدي؟

{فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة}: أي: تحرير العبيد، وتخليص الإنسان من العبودية، والرق.

ثم: {أو إطعام في يوم ذي مسغبة}: ولاحظ التعبير: إطعام في يوم ذي مسغبة، والمسغبة هي: الجوع الشديد.

ثم يكمل القرآن الكريم:

{يتيماُ ذا مقربة. أو مسكينا ذا متربة}، أي التصق بالتراب من شدة جوعه.

هل انتهى الأمر إلى هذا الحد؟ كلاّ…

{ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة}، فلم يكتفِ بالصبر، ولم يكتفِ بالمرحمة؛ لكن لا بد أن يكون ذلك خلق عام، وثقافة تسري في نسيج المجتمع، فنتواصى بذلك، فالمرحمة شيء، والتواصي بالمرحمة شيء آخر، فهو زائد على المرحمة، الصبر أمر محمود، وجميل؛ ولكن التواصي بالصبر أمر زائد على ذلك.

ثم إن الاهتمام بحقوق اليتيم ليس عبارة عن وصايا، وتشديدات، بل هو فتح آفاق لهذا الإنسان،  فمثلاً: أموال اليتيم، من الذي يرعى هذه الأموال؟

إنه الأقرب فالأقرب، حسب الوصاية الشرعية، بقصد حفظ ماله، وتنميته، وعدم الإسراف فيه متاجرة من قبل الكفيل.

وهذا الكفيل إما أن يكون أقرب قريب، وإما أن تكون الحكومة، أو مؤسسة حكومية، وكلاهما مسؤول، ومحاسب عن رعاية حفظ مال اليتيم، وتنميته، وعدم المتاجرة به بما يعود عليه بالهلاك، أو الفساد.

وانظر إلى جمال التعبير عن هذا المعنى في قوله تعالى: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير}، والخطاب هنا للنبي صلى الله عليه وسلم، {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم}.

ثم إن القرآن الكريم لم يكتفِ بهذا، وإنما حذّر الأوصياء، ومن تحته يتيم، وفي رقبته حقوق لهؤلاء المساكين، تحذيراً شديداً من أمرين خطيرين:

أولاً: أكل مال اليتيم، بمعنى أخذ أموالهم، أو شيء منها بغير وجه حق، قال الله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً}.

ثانياً: أن يستبدل الرديء من ماله بالطيب من مال اليتيم، قال الله سبحانه وتعالى: {وآتوا اليتامى أموالهم وﻻ تتبدلوا الخبيث بالطيب}، أي: لا تتبدلوا الخبيث من أموالكم بالطيب من أموالهم! لماذا؟ {إنه كان حوباً كبيراً}، أي: إثم عظيم، وجريمة في منتهى البشاعة.

إن واجبنا يزداد، ومسؤولياتنا أمام الله عز وجل تكبر، وهنا تسقط كل المنظومات العالمية من حقوق إنسان، ومن عدالة، ومن أممية، ومن عولمة، ومن أمم متحدة، والتي تسير تسييراً عبر الحكومات العالمية المتحكمة، وعبر الشركات العابرة للقارات، وعبر شركات السلاح، وشركات الدواء، وشركات البلاء، فالإنسان عندهم وفي نظرهم عبارة عن مادة استعمالية، مثل البلاستيك، والحديد، والقماش، لا فرق بينه وبين أي جامد آخر!!

الغرب مجرم، والشرق عنده إجرام، والإنسان الصحيح، المخلص، هو الذي يقوم بواجبه، ويتقي ربه، ويحقق العدالة في الحياة الإنسانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى