لتجربة الأجواء المثيرة للمراهنة الرياضية والإثارة في ألعاب الكازينو عبر الإنترنت، ما عليك سوى التسجيل وبدء اللعب لدى شركة المراهنات Mostbet في المغرب . تعال لتستمتع باحتمالات عالية والعديد من المكافآت والعروض الترويجية والرهانات المجانية واللفات المجانية. سنمنحك نسبة 100% على إيداعك الأول، ولدينا أيضًا تطبيق ممتاز للهاتف المحمول!
وياكم 2015

وياكم 2015 الحلقة الخامسة عشر عائشة المكسيكية واهتمامات البنات

عائشة المكسيكية

هي قصة نجاح حقيقية لفتاة صغيرة في بداية عمرها….

ونجاحها في مجالات متنوعة،  في التعليم، والتعلم، و…..، وأهم من ذلك كله النجاح في التحول من الكفر إلى الإسلام…

فتاة مكسيكية  حصلت على المركز الأول على ثانويات المكسيك…

وعلى المركز الأول كذلك في المسابقة العالمية في هنغاريا…

متفوقة في حياتها، محبة للقراءة، مؤلفة من وقت مبكر، تهتم بالمشاريع، ورؤية المستقبل، وإنقاذ الإنسان، حب وعشق لقضية الثقافة، والتنوع الثقافي، التي كان لها علاقة قوية في قضية انتقالها من الدين الذي كانت عليه، أو الثقافة التي كانت عليها إلى الإسلام…

على صغر سنِّها إلا أنها تجيد خمس لغات عالمية!! الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، والإيطالية، إضافة إلى اللغة العربية بسبب إسلامها!!

إنها باولا المكسيكية، التي سمت نفسها بعد إسلامها (عائشة)…

كان لنا معها لقاء مطول، وتفصيل مسهب، وقفنا فيه على حقائق كثيرة، وأحداث مثيرة، وفوائد جمة، من حياتها، وتجاربها الشخصية، التي تصلح دروساً فيها عبر وحكم لنا جميعاً…

ابتدأتُ حديثي معها بالسؤال المعتاد:

كل الناس تحب أن تعرف هذا التحول، وهذا الانتقال إلى الإسلام، كيف بدأ؟ ولماذا؟ وأنتِ لا تزالين شابة صغيرة!!!

فقالت:

كان سماعي عن الإسلام لأول مرة، وكلامي مع شخص مسلم خلال أحداث 11  سبتمبر!!!

كان عمري ٧ سنوات حينها، وعندما سألت أبي وأمي من المسؤول عن هذا الفعل قالا: “المسلمون”!!!! مع أنهما لا يعرفان شيئاً عن الإسلام! فسألتهما: ومن هم المسلمون؟!

أجاباني: هم أناس يعيشون في الشرق الأوسط، و لهم لحى!!!

أصبحت هذه فكرتي عن الإسلام، إلى أن بلغت 12 عاماً، حينها كانت الكاثوليكية دافعاً لي نحو الإيمان…

كان أهلي يحثونني دائماً على القراءة دون قيود، وكانوا يصرون دوماً على وجوب العلم والتعلم، ولذا… فقد علموني كيف أقرأ؟ و كيف أفهم ما بعد القراءة؟

ولذلك عندما قررتُ ترك الكاثوليكية، كنتُ أعلم أنني أبحث عن رحلة استكشاف دين جديد، وطريقة عيش جديدة تتوافق معي.

السبب وراء تركي لديني أن الكاثوليكية لم تكن قادرة على الإجابة عن أسئلة كثيرة لدي، لم أجد الإجابة عليها!!

كما أنها لم تمنحني يوماً السكون، والطمأنينة، والراحة، التي أحتاجها للرد على الشكوك التي أعيشها…

لم يستطع ديني السابق الإجابة عليها، أو أن الإجابة لم تكن كافية بالنسبة لي…

حينها بدأتُ القراءة عن الأديان الأخرى، فقرأت عن البوذية، والهندوسية، واليهودية، والبروتستانت، وبحثتُ في كل الأديان التي سمعت عنها…

لكنها لم تروِ ظمئي، ولم تشفِ عليلي، بل إنها تزيد الحيرة والشكوك أكثر وأكثر…

فلما وقعت أحداث سبتمبر، بدأتُ القراءة عن الإسلام، وبدأتُ أفهم الإسلام، وعرفتُ أن المسلمين ليسوا مَن نظنهم من أصحاب اللحى، وكثيري الزوجات، كما صُوّر لي!! بل تيقنتُ أنني ومن الممكن أن أكون مسلمة، وواحدة منهم!!

حين بلغت 12 عاماً من عمري، سعيتُ لمعرفة الكثير عن الإسلام، وقرأتُ كثيراً حتى زادت معرفتي بالإسلام، وكلما ازدادت قراءتي، تعلقتُ بالإسلام أكثر، واجتهدتُ لأن أكون مسلمة أكثر؛ لأنني أريد تطبيق هذه المعرفة في حياتي.

لهذا حينما بلغت 16 عاماً من عمري، كنتُ حينها قد درست الإسلام بدقة متناهية، لدرجة أنني قررتُ اعتناق الإسلام! وقررتُ أن أنطق الشهادة بشكل علني، حتى يعرف الجميع أنني أسلمتُ!

قبل أن أقرر اعتناق الإسلام، كنتُ أعرف القواعد الأساسية للإسلام، وكنتُ أعرف ما هي الشروط والأحكام الإسلامية من قبلها.

لكنها كانت اللحظة التي عرفت فيها بداخل قلبي أني أريد اعتناق الإسلام، وأني أريد خوض هذه التجربة التي ستغير حياتي كلياً.

مع بلوغي 16 عاماً من العمر، نطقت بالشهادة، خالجني إحساس لم أشعر به من قبل…

أذكر ذات مرة أنني شاهدتُ في التلفاز قسًّا بريطانيًّا ترك المسيحية واعتنق الإسلام، وكانت عيناه تذرفان الدمع حين نطق بالشهادة، وكان يبكي بشدة مما كان يحس به من مشاعر فرح، فلم أصدق الأمر، وقلتُ في نفسي: لربما كان هذا القس مبالغاً!! لكنني حينما نطقتُ الشهادة بنفسي، لم أستطع التوقف عن البكاء!! وحينما خلدتُ للنوم تلك الليلة، كنتُ أتنفس بهدوء وطمأنينة، كأني طفل حديث الولادة!!

سبحان الله كأنني اخترتُ حياة جديدة، وكان واضحاً أن هذه الحياة تنطوي على تحديات كثيرة!!!

يوجد في وطني المكسيك أقل من خمسة آلاف مسلم! في حين يبلغ تعداد سكانها نحو 100 مليون نسمة، لا يعرفون الكثير عن الإسلام!!

كنتُ أعلم أن اعتناقي الإسلام، وارتدائي الحجاب، سيجعلني أواجه تحديات كبيرة.

قد لا يفهمني أهلي، ولا صديقاتي بالدراسة، كما أن الناس في الشارع قد يوقفونني ويسألونني عن لباسي وحجابي! لم أكن في ذلك الوقت مستعدة لمواجهة هذه التحديات، فقرار أن تكون مسلماً صعب جدًّا، وله تبعات، ولربما أكون أول مسلم يواجه الكثير من السكان المكسيكيين.

فقلتُ لها:

ما من تحول إلا ويواجه صعوبات، والتحول الديني، والهوية الكاملة، صعوباتها كثيرة، كيف واجهتِ تلك الصعوبات في محيطك؟!

فقالت:

أولاً: أعتقد أن أول التحديات هو التحدي النفسي الشخصي، حيث أنني يجب أن أعرف المزيد عن الإسلام، وكنتُ أعلم أنني سأستيقظ  في كثير من الأيام لأجد نفسي وحيدة، كما كنتُ أعلم أن كل جواب أتوصل إليه في ديني الجديد، سيفتح في ذهني باباً لسؤال جديد!!

ومع ضعفي، وعدم معرفتي باللغة العربية ومفرداتها، فإن معاناتي ستزداد، حتى أحصل على ما أريد.

بالنسبة لي؛ فإن إيماني بالله كان كالبطارية!! أحياناً يحتاج إلى الشحن، وحينما تكون وحيداً، فإن الوحدة تزيد من صعوبة الحياة.

حينما اقتنعتُ بوجوب اعتناق الإسلام، وخوض هذه التجربة، كنتُ أفكر كيف لي أن أقف أمام أبي وأمي، وأقول لهما: إنني أسلمتُ؟!!

مجرد التفكير بكيفية التعامل مع والداي حينها، كان يشكل لي تحدياً كبيراً من نوع آخر.

أعلنتُ لهما إسلامي، وحين تيقنا بجديتي، كان رد فعلهما غير إيجابي!

ربما بدافع جهلهما بدين الإسلام وسماحته، وربما أنهما كانا يريدان حمايتي من المجهول، كما قالا لي!!

ولأن الإسلام لم يكن معروفاً بالنسبة لهم، فقد كانت ردة فعلهم الرفض السريع والخوف.

لكن وبفضل الله  تبدد خوفهم، وربط الله على قلوبهم، ليتحولوا إلى مؤازرتي، ودعمي كثيراً!

ثم ما لبثت التحديات الأخرى أن تطل برأسها، وذلك حينما أشهرتُ إسلامي علناً في المجتمع، وعلم الناس أنني أصبحتُ مسلمة، وتركتُ دينهم.

وتكشّف الأمر أكثر حينما بدأتُ بتغطية رأسي، ولبس الواسع من الثياب، وستر جسدي!!

فالحجاب كان بمثابة رمز، يخبر الجميع بأنني مسلمة، ومختلفة عنهم.

وحينها… بدأ الناس يسألونني عن سبب ارتدائي الحجاب!!

وفي بعض الأحيان أكون غير مستعدة للإجابة؛ لأني ما زلتُ في طور التعلم، وما زلتُ أحتاج لفهم الإجابة؛ حتى أقنعهم بها.

لهذا… فإن أكثر التحديات جاءتني من المجتمع المحيط بي.

قلتُ:

لا شك أن نضجك الفكري المبكر، جعلك بإذن الله تواجهين تلك التحديات بهذه الطريقة العاقلة.

أريدكِ أن تحدثيني عن قصتك مع التفوق العلمي، والدراسي، والجوائز التي حصلتِ عليها، وكيف كان لهذا التفوق علاقة في تحولك، وارتباطك الاجتماعي والإسلامي؟!!

فقالت:

أعتبر نفسي موفقة، ومحظوظة؛ لكوني تربيتُ وسط عائلة تقدر العلم والثقافة، وتجعلهما فوق كل شيء، بل وأعطتني الكثير من العلم والثقافة، فكنتُ أحاول دائماً استثمار وقتي علمياً.

فأنا أجيد التحدث بالإنجليزية، والإسبانية، والإيطالية، والفرنسية، بعدما حرصت على أخذ دروس خصوصية مكثفة في ذلك!!

كان ذلك لتوسيع معرفتي، فقد كنتُ أشعر أن التعليم المدرسي بالنسبة لي لا يكفي، الأمر الذي جعلني أبحث دوماً عن نشاطات ثقافية تعزز ذاتي!

حينما كنتُ في الثانوية العامة، اشتركتُ في فريق المناظرات العلمية في بلادي.

وتجاوزتُ المرحلة الثانوية بأعلى معدل، وأعلى نسبة على المكسيك كلها!!

ثم قضيتُ عامين من حياتي في الكتابة والتأليف!!

وفي عام 2013 انتهيتُ من تأليف ونشر أول رواية لي في المكسيك، حملت اسم كلاشنيكو!! وكانت رواية خيالية عن أفغانستان!

عندها أدركتُ أني بحاجة، أو أني أريد أن أدرس في مجال السياسة!

وأتيحت لي الفرصة للذهاب إلى هنغاريا، ضمن منحة دراسية، منحت لأفضل خمسة طلاب للمناظرة.

كما قررتُ أن أذهب لزيارة الأردن، وكنتُ قد زرتُ لبنان وقتها.

حينها خططتُ للمكوث في الأردن لمدة سنة؛ بهدف دراسة اللغة العربية، حتى أتمكن من جذب نفسي إلى الله أكثر، وحتى أكون أقرب فهماً للدين، ولأحقق هدفاً لم أستطع تحقيقه في المكسيك.

بعد إكمالي دراسة الثانوية العامة كنتُ جاهزة لذلك، وحصلتُ على منحة دراسية لدراسة اللغة العربية الفصحى، ودراسة التفسير، والتجويد، والسيرة النبوية، والأحاديث الشريفة.

لذلك أعتبر أن تواجدي تلك الفترة في الأردن كان مهماً جدًّا بالنسبة لي؛ فقد شعرتُ بأن ارتقائي الروحي كان في أقصاه، خلال تلك الشهور التسعة التي قضيتها هناك، أكثر من أي وقت قضيته كمسلمة وحيدة في المكسيك!

كما أن الرفقة الصالحة التي وجدتها في الأردن، ساعدتني على التغير الإيجابي كثيراً، كما ساعدتني على الاعتماد على الذات؛ لأني بدأتُ أعمل، وأصبحتُ أكثر استقلالية، فلذلك نَمَوْتُ بطرق كثيرة.

قلتُ لها:

انتقالكِ هذا كان طريق التفوق العلمي أولاً، وكان طريقاً لشيء آخر، ألا وهو زواجك المبكر! في السنة الأولى في الجامعة، من شاب عربي، هو الأخ عبد العزيز أبو شوارب.

حدثينا عن تلك القصة الجميلة.

فقالت:

أثناء تواجدي في الأردن التقيتُ بزوجي، ولم أكن أعلم أنني سأتزوج، ولم أكن أخطط للزواج أصلاً! لكن هذا ما حدث بحمد الله.

كانت خطتي في الذهاب للأردن بهدف الدراسة، ثم العودة إلى المكسيك؛ لإكمال تعليمي الجامعي!

على الرغم من ذلك، فقد كانت لدي حاجة ملحّة للدراسة أكثر ،والتعلم أكثر، حينما كنتُ في الأردن.

ووجدتُ أن زوجي كان مصدراً لإلهامي، و عندما احتجتُ الإجابات لكثير من الأسئلة، كان حاضراً بالجواب!

وكنا نتناقش، ونراجع الأجوبة معاً، وهذا جعلنا شغوفين للمعرفه أكثر بالدين، وكان هذا أحد الأسباب التي عملت كقوة جمعتنا للزواج.

في الأردن لم أكن أعرف أحداً، كنتُ وحيدة، وكان زوجي أحد الأشخاص الذين تكلمتُ معهم، و كانت أمه معه، وهذا جعلني أحس بالاستقرار في بلد غريب عليّ، فهم أناس قلوبهم نظيفة، وقد تقبلوني بصدر رحب.

لم تهمهم الفروقات المجتمعية، أو الماضي الخاص بي، كسائر العوائل، بل الشيء الوحيد الذي ربطنا هو أساسنا و مبتغانا، وهو الإسلام، هذا ما ربطنا ببعض!

وكلما أردنا أن نحل مشكلة ما، رجعنا إلى السنة، و تعاليم الإسلام، وهذا ما جعلنا أقوياء.

بعد الخطوبة التي كانت في شهر فبراير ٢٠١٤، طورنا نوعاً من الصداقة والتواصل التي كانت مهمة بالنسبة لنا، جعلتنا نتفق على أدوارنا، ونفهم المستقبل؛ لأنني مغتربة، وسأغير حياتي و بلدي!

فلولا هذا الرابط الذي بيننا، وهذا التواصل الذي كان في سبيل الله، لما كان ارتباطنا بهذه الطريقة.

قلتُ:

ولكن هناك اعتقاد يتردد عندنا هنا في الشرق، وهو أن الزواج المبكر يعيق التعلم، والاستمرار في العملية التعليمية! فما ردّكِ على ذلك؟

فقالت:

هذا سؤال مهم جدًّا! فهناك أناس كثر ينتظرون انتهائهم من الدراسة، ليقرروا الزواج!!

وفي اعتقادي أن الأمرين لا يتنافيان بتاتاً، بل تستطيع فعلهما بنفس الوقت.

ففي قصتي: زوجي يعرف قيمة تطوير الذات للشخص، ويوقن أن الشخص لا يقف في العلم، والتطور عند حدٍّ معين. بل إن الزواج يدفعك للأمام، ويساعدك على النمو الفكري.

ولذلك…فإن زوجي يساندني للنجاح في دراساتي.

وأنا لا أفقد تركيزي في دراساتي؛ لأن زوجي يوفر لي البيئة، والأرض الصلبة التي تساعدني على التركيز، لذا… فأنا مستقرة نفسياً، ونعلم أنه يجب علينا مساندة بعضنا؛ لنستمر في النمو في هذه المرحله من حياتنا.

في النهايه هي عدة شروط تتوافق بين الأزواج ليصنعوا التوازن في حياتهم.

قلتُ:

كلامك منطقي، ودليل على فهم عظيم لفحوى هذا الدين.

دعيني أنتقل إلى نقطة مهمة جدًّا بالنسبة للمرأة المسلمة، ألا وهو الحجاب…

فعندما أسلمتِ وجئتِ إلى الأردن، ومن ثم الكويت، وخلال جولاتك العربية كان لك نظرة في قضية فهم المسلمات والمجتمعات المسلمة لدينهم، ومن ذلك الفهم الخاطيء، أو القاصر، أو المشوه للحجاب…

نريدكِ أن تلقي الضوء على آفاق الحجاب، وفلسفة الحجاب، وسيكولوجية الحجاب، ليستمع الناس كيف يستوعب المسلم والمسلمة هذا المعنى.

فقالت:

للحجاب أهمية خاصة في ديننا، ولكن كثيراً من بنات المسلمين ونسائهم يفهمن الغاية من تشريعه بشكل خاطئ، بل وحتى رجال المسلمين كذلك!!

الحجاب ليس فرضاً على المسلمات وحسب!! بل هو حق لله علينا.

الحجاب هو زي المرأة المسلمة الذي يمليه الله سبحانه علينا، لذلك فهو ميزة وخصوصية لنا! فهو الحصن المنيع للمسلمة، بغض النظر عن الزمان، والمكان.

وهو حق لله واجب علينا منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وسيبقى كذلك إلى يوم القيامة.

الحجاب يمنعنا من بعض المغالطات التي يعانيها أهل الغرب فيما يجب على المرأة أن تخفيه وما تظهره.

هذا هو الاختلاف بين العرب والغرب على فهم ماهية الحجاب.

من أجل ذلك، كان أمر الله سبحانه بالحجاب في كتابه الكريم بكل صراحة، ولم يعد هناك مجال للتأويل، أو التشكيك.

لهذا كله كان الحجاب فرصة للنساء تحفظهن من الإساءة!!

النساء قبل الإسلام كن يستعملن كملكية خاصة…كان عرب الجاهلية يستعبدون النساء، ويسلبونهن حقوقهن، بل كانوا قبل الإسلام يقتلون زوجاتهم؛ لأنهن يلدن إناثاً!! ويئدون البنات، خوفاً من العار!!

فأتى الاسلام رحمة من الله لنا نحن النساء، ليمنحنا فرصا متساوية، وليحفظ حق التوازن بين الرجال والنساء، وأعطى النساء الفرصة للدخول والمشاركة في المجتمعات، وأن تكون نشطة في محيطها؛ لتسريع دور المرأة في المجتمعات العربية.

ويجب أن لا ننسى أن المجتمعات الغربية أخذت وقتاً طويلاً حتى أعطت المرأة حقوقها!!

الحجاب رمز يفرض احترام النساء، فيجب أن نعظم شأنه.

وهو يقول للعالم إن النساء هن من يتحكمن بقوة في أساليب الحفاظ على أجسادهن.

الحجاب يحفظ جسد المرأة لها، ويمنحها حقيقة هي من تتحكم في مظهرها.

فهي حريتك وملكيتك، فأنت وحدك من تقررين تغطية جسدك! ولست مضطرة للكشف عن جسدك لأي شخص آخر لا يحل لك.

هذه الحرية، والمنحة، والرحمة، التي يعطيها الحجاب لنا، لكي ينظر لنا الآخرون على أساس عقولنا، وما في قلوبنا، ولا ينظر لنا على أساس الشكل الخارجي، بل على أساس القدرات التي تتمتع بها،  وهذا ما حاربنا لأجله قرونا عدة.

قلتُ:

لقد أحسنت في عرضك لفلسفة الحجاب، التي تغيب كثيراً عن أذهان بناتنا، ونسائنا، هذه الأيام.

وأذكر أن لكِ قصة تحدي في قضية وضع صورتك في جواز السفر، حيث كنتِ أول مكسيكية مسلمة، تضع صورتها بالحجاب في جواز السفر!!

فهلا ذكرتِ لنا تلك القصة؟

فقالت:

أنا واحدة من نساء عدة يصارعن في الغرب؛ لضمان حقوقهن في ارتداء الحجاب!

لا تملك وزارة الخارجية المكسيكية حقاً دستورياً يجبرني على وضع صورتي بلا حجاب في جواز سفري! ومع ذلك يمنعوننا من تغطية رؤوسنا في صور جواز السفر!

في حين أنها تمنح هذا الحق للراهبات المسيحيات!!!

ولذا…فما حاولت فعله، وشرحه للوزارة: هو أنني وحدي من له حق اختيار ما أظهره، وما أخفيه من صورتي، وأن هذا الحق لا يشكل أي عوائق للقانون!

وضربت لهم أمثلة عن بلدان أخرى يسمحون فيها للنساء بارتداء الحجاب في صور الجواز، وكيف أن هذا  الحجاب لا يشكل عائقاً يهدد الأمن العام.

فتقبلوا قضيتي، ووعدوني أنهم سيساعدونني.

وبعد معاناة لمدة طويلة من تقديم الأوراق التي يطلبونها، والذهاب والعودة، أصبحت أول امرأة مسلمة في المكسيك يسمح لها بارتداء الحجاب في صورة جواز السفر!!

فالحمد لله على فضله.

قلتُ:

نعم…الحمد لله أولاً وأخيراً، ولو فضل الله تعالى عليك، لما تمكنتِ من ذلك.

لن أبتعد كثيراً عن مسألة الحجاب، والطريقة الشرعية في ظهور المرأة أمام الناس…

فأنت من خلال ملاحظاتك في العالم العربي فوجئتِ بقضية المبالغة في المكياج، والميك أب، وعمليات التجميل، والإسراف المبالغ فيها…

ما هي النصيحة التي تريدين توصيلها لبنات المسلمين، والأمهات كذلك؟!

فقالت:

لا شك أن هذا الأمر يشعرني بالغضب الشديد!!

أغضب؛ لأنني حاربتُ طويلاً لأضمن حقي في ارتداء الحجاب في الغرب…

وحينما زرتُ العالم العربي تفاجأتُ بأن فكرتهم عن الحجاب مشوشة كليًّا، ومختلفة كليًّا عما يجب أن تكون عليه!!! وعما كانت عليه في عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم!!!

و بكل صراحة فإن أسباب فرض الحجاب الحقيقية سابقاً، لم تعد كما هي عليه الآن!

وهذا أمر محزن، ويخيب ظني في أمتنا، وأتمنى لو أنني أعود للماضي!

في وقتنا الحاضر، كثير من البنات يرتدين الحجاب كأنه مكمل لما يلبسن! فهن يرتدين الحجاب مع ظنهن أن الناس لن يحكموا عليهن، وأنهن يستطعن فعل ما يردن!!

فيضعن الكثير من المكياج، ويلبسن الملابس الضيقة!!!

وتنحصر اهتماماتهن بالماركات، وجودة اللباس، ولا يهتممن بطريقة اللبس الصحيحة، وخصوصاً طريقة المكياج.

أما عمليات التجميل هنا في الخليج العربي، فقد جعلوا منها أمراً كبيراً! والحقائق تقول إن أكثر عمليات التجميل الخاطئة، والمميتة، في العالم، حصلت هنا في الخليج العربي!!!

وقد كنتُ مهتمة جدًّا بهذه المسألة، لدرجة أني أجريتُ عليها دراسات عدة، وسألتُ كثيراً من الناس عن لبس المرأه بالطريقة الصحيحة!

وأعطيتهم خمسة خيارات للبس، واخترتُ 50% من النساء، ومثلهم من الرجال.

فوجدتُ أن الغالبية من الرجال يفضلون المرأة التي ترتدي الحجاب، والنقاب، والعباءة الكاملة!!!

أما النساء فكانت غالب إجاباتهن بأن لهن الحق بعدم ارتداء الحجاب، وطبقن هذا على أرض الواقع!!!

وخلاصة هذا الحديث: أنهن لا يُقدِّرن أهمية الحجاب وفضائله في وقتنا الحالي!! وأنهن يفضلن أشياء أخرى بديلة للشعور بذواتهن!! وهذا يعني أن هناك مشكلة ممتدة إلى ما هو أكثر من عدم ارتداء الحجاب! وهذا مؤداه وجود مشكلة في فهم أخلاق البنت المسلمة كيف تكون، وكيف أن الحجاب رحمة من الله، وليس أمراً مفروضاً بالقوة!!

إلا أن ما حدث هو عكس هذا تماماً!! وهو ما تمكن الغرب من جعل النساء يفهمنه ويصدقنه!!

أما طريقة وضع النساء للمكياج بكثرة ، فإن هذا يشعرني بالاشمئزاز من اسم الميك أب!!

مفهوم غيِّري شكلك، وضعي على وجهك ما تريدين، وجعله شغلك الشاغل، هذة فكرة مستوردة من الغرب!!

هؤلاء العارضات اللاتي نراهن في المجلات، لن نتمكن من مجاراتهن أبداً، لماذا؟!!

لأن تلك هي فكرة المنتج الغربي، ويريد أن يضعها في عقولنا، وهو يريد أن يقول للمرأة: إنك لست بكامل جمالك، ولن تكوني بأعلى المستويات، ما لم تضعي المكياج على وجهك!!!

أين الحجاب؟! أين الحقوق التي كنا نتمتع بها سابقاً؟!! أين الحريات التي كانت لدينا؟!!

أجسادنا حالياً لم تعد لنا! فقد أصبحت ملكية الإعلام! وملكية الأشخاص الذين ينظرون إلينا، ويحكمون علينا ظاهرياً!!

يريدون إقناعنا أن جسدنا دائماً يحتاج تحسيناً، ووجوهنا تحتاج دوماً للمكياج!!

قلتُ:

يجب أن تفهم بناتنا، وأخواتنا، أن كلام عائشة عن موضوع المكياج، والأناقة، والموضة، ليس لأنها ضد هذه الأمور، أو ضد أن يهتم الإنسان بمظهره، وشكله الخارجي، كلاّ…

ليس الأمر كذلك، بل كلنا يحب الاهتمام  بنفسه، ويحب أن يظهر أنيقاً، ونظيفاً، ولائقاً…

لكننا نتكلم عن البعد الآخر الذي تريد شركات الموضة، والمكياج، فرضه على النساء، واللعب بعقولهن من خلال ذلك.

والسؤال الذي أوجهه لعائشة المكسيكية:

من المستغل في هذه المسألة؟ الرجل، أم المرأة؟ وأين يكمن الإشكال؟

فأجابت:

أعتقد أن مشكلة سوء فهم الحجاب، هو عملية استحضار لمشكلة حدثت في الماضي البعيد،

كما أعتقد أن واقع الأمة الإسلامية سيء جدًّا.

في وقتنا الحالي المرأة المسلمة، والرجل المسلم، لا يواكبون تعاليم الإسلام، والمعرفة الصحيحة للدين…

النساء أصبحن زوجات وأمهات فقط لا غير!!!

فهن يتخرجن، ويقفن عند هذا الحد، ويتوقف عندهن حب البحث عن المعرفة!

والرجال يشتغلون، وربما يصلون فقط، ولا يمنحون أنفسهم الوقت للبحث عن المعرفة!!

وينتج عن هذا السلوك واقع سلبي للأمة المسلمة!

والمحصلة في هذا أن جنس النساء هو الذي يدفع الثمن، ويعشن كأنهن غريبات في دار في الإسلام!

نحن نلحظ حديثنا الدائم عن حق المرأة في ارتداء الحجاب، لكننا نتجاهل في المقابل الحديث عن حقوقها الأخرى…

فلا نتكلم عن حقوقها الاحترافية، ولا حقوقها التعليمية، ولا حقوقها في الزواج، لأن هذا أمر لا نستطيع الكلام عنه!

هناك الكثير من شيوخ الدين الذين يتكلمون عن حقوق المرأة في ارتداء الحجاب، ولكن في الحقيقة هم لا يتكلمون عن حقوق المرأة فعلياً، ولا يمثلونها!!

فالمرأة لا تشعر حالياً بوجود من يمثلها، فهم يستعملون مصطلحات: كأختاه أنت جميلة، وأنت كالآيباد، وأنت كالحلوى، ويجب أن تتغطي!!

وأنا أرفض أن يصفني أحدهم بأني حلوى يجب تغطيتها؛ لأن الحلوى جماد لا إرادة لها، بعكسي أنا!!!

ولعلنا مع الأسف تقبلنا بشدة المفاهيم الغربية للتحرر؛ بسبب الطرح السلبي لبعض المحسوبين على الدين.

ولهذا تجرأت المرأة الغربية لتقول للمسلمة: نريد تحريرك؛ لأنك تعانين القمع بسبب ارتداء الحجاب!!

وأثروا ببعض بناتنا في وقتنا الحالي؛ لأننا لا نرتدي الحجاب تقوى لله، ومن باب وازع ديني!! نحن نرتدي الحجاب ونحن مشوشين فكرياً، ولم نعد نفهم سبب ارتداء الحجاب!!

الرجال كذلك لم يعودوا يدركون لماذا ترتدي النساء الحجاب؟!!

وبعض الشيوخ أيضاً وقعوا في ذات الخطأ!!

فلو كانوا يفقهون فعلاً أسباب ودوافع ارتداء الحجاب، لما وصفوا نساء المسلمين بأنهن كحلوى الأطفال!!

أنا أعتقد بوجود سبل كثيرة للعودة إلى الفهم الصحيح لأحكام ديننا، ولهذا يجب علينا أن لا نكون سلبيين…

لهذا أدعو لمراجعة أساليب طرح المفاهيم، فكوننا مسلمين رجالاً ونساءً، هذا يوجب علينا البحث في المفاهيم، ويوجب التأكيد على أننا لا نرتدي الحجاب لأن أمهاتنا ارتدينه!! أو لأن الواجب على النساء أن يتغطين!! ولكن لأن الحجاب رحمة من الله تعالى، وحق مشروع للمرأة، لذا فمن الضروري أن تبادر المرأة لأخذ دور أكبر في هذه التحولات بالمفاهيم، مفاهيم الإسلام العامة، وجميع تفاصيل أحكام ديننا، لأنه أفضل الأديان في العالم.

نحن محظوظون جدًّا لتواجدنا في هذه المنطقة التي ولد فيها الإسلام، ويجب علينا استثمار هذه الفرصة، كوننا نتكلم العربية، وهي لغة القرآن الكريم، ونرجع في الأساس لأصول هذه المصادر.

يوجد لدينا مشكلة حالياً في أخلاقيات النساء والرجال!!

كلما رأينا امرأة ترتدي الحجاب بطريقة خاطئة، ساءت نظرتنا للحجاب!

ولا تكمن المشكلة في رؤيتنا للأمر، المشكلة تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، قد تكون نواياها في ارتداء الحجاب خاطئة، وربما طريقة تصرفها هي الخاطئة….

بل لعل طريقة أسلوب عائلتها هو الخاطئ!

لهذا علينا أحيانا العودة لأهم المشتركات الإنسانية، التي حث عليها الإسلام، وهي الأخلاق، والنية الصادقة.

والحقيقة أن هذه الركائز يجب أن تكون مغروسة في النفس، والوجدان، لا تتغير وفقاً للظروف!

مشكلة واحدة نواجهها هنا، بعيداً عن ما ذكرناه من مشاكل المكياج، ومشاكل العمليات التجميلية، فإن النساء بدأن بارتداء الحجاب بطريقة فانتازية!!!

بدأن بإظهار الأذن، وارتداء البنطلون مع الحجاب، ووضع الرؤوس المزيفة أعلى الرأس!!!

ولا يمكن التنبؤ ما قد يظهر لاحقاً، ربما سيضعن طيوراً، أو فاكهة!!!

أنا حقيقة لا أتمنى رؤية هذا السلوك يوماً ما…

الآن أصبحنا بهذه السلوكيات نشارك في تشويه رسالة الله سبحانه، ونشوه فكرة الحجاب كما وردت في القرآن…

فهي يجب أن تكون واحدة، وواضحة، لا تتغير مع تغير الماركات العالمية.

قلتُ:

عائشة أنا مقتنع بكلامك، حتى في نقدك للخط الديني، عندما يختزل موضوع الحجاب بأنه قطعة حلوى، وقد أشرتِ إلى نقطة مهمة، وجوهر فارق، بين الثقافة الاسلامية، والثقافة الغربية، فهناك الموضة تتغير؛ لأن الموضة سلطان، لأن الموضة ديكتاتور، بينما الحجاب الإسلامي ثابت.

مع الأسف بدأ الحجاب الإسلامي يتكيف عبر الدعاية، والإعلان، وتسليع المرأة، إلى موضة، وليس شريعة، وعبادة!! هذا الذي أردتِ إيصاله غائب كثيراً عن كثير من النساء، أنا أقول لأخواتي ولبناتي اللاتي يقلن: إن قيمة المرأة ليست في الحجاب!! إننا نتكلم عن الشخصية المسلمة المتكاملة، التي تأخذ الحكم الشرعي من الله سبحانه وتعالى، وتطبقها كما أراد الله تعالى، لا كما أراد الغرب لنا!

في ختام هذا الحوار الشيق…

ما هي الرسالة التي تحبين توجيهها للمرأة المسلمة؟!

فقالت:

بما أن الحديث عن الأنوثة، وأنها أصبحت موضة…

فأعتقد أننا يجب أن نتحدث عن طريقة جديدة  للأنوثة، وهي وجوب العودة إلى تعاليم وأصول الإسلام، وهي الدعوة لارتداء الحجاب وفق عقيدة واضحة، واستسلام تام لأمر الله تعالى، لنجعل الغرب يفكر ملياً قبل أن يدعونا للتحرر…

حينما نفهم لماذا، وكيف نرتدي الحجاب؟!! سنعلم أننا أحرار…

ليس ذلك فحسب، بل سنعلم كيف نستعمل هذه الحرية…

أكررها، وأؤكد عليها، أن قضية الحجاب مجرد بداية، فإذا كنتِ مسلمة، وترتدين الحجاب بشكل مسيء، أو إذا كنتِ لا تعرفين لماذا ترتدين الحجاب؟ فهذا وقت مراجعة الذات، ومعرفة مدى علاقتك مع الله…

هل تصلين في الأوقات الصحيحة، أو هل تصلين أصلاً؟

هل تداومين على ذكر الله؟

ما هو موقفك من دينك؟

تفقدي ما فاتك….

لماذا ترتدين الحجاب؟ ماهي نواياك لارتداء الحجاب؟

هل لأجل الزواج؟!!

أم لضغوط عائلية؟!!

أم أنك ترتدينه لإرضاء الله سبحانه؟

ما هو الأكثر أهمية بالنسبة لك: التقوى، أم وهم الحضارة الحالية المشينة؟!!!

إذا استطعنا أن نجلس مع أنفسنا، ونفهم كل هذا، ونعلم نوايانا، وننوي الخير بصدق…

أعتقد أنه عندئذ باستطاعتنا إعادة الفكرة الأصلية للحجاب.

بهذه النصيحة الغالية، التي تنبع من إيمان عميق، وفهم سليم لحقائق هذا الدين، كان ختام لقائنا مع الابنة الغالية باولا المكسيكية سابقاً، عائشة المسلمة حالياً…

وفقها الله لكل خير، ورزقنا جميعاً اليقين والصلة بالله سبحانه وتعالى، التي تنعكس على عباداتنا، وسلوكياتنا، ومظهرنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى