لتجربة الأجواء المثيرة للمراهنة الرياضية والإثارة في ألعاب الكازينو عبر الإنترنت، ما عليك سوى التسجيل وبدء اللعب لدى شركة المراهنات Mostbet في المغرب . تعال لتستمتع باحتمالات عالية والعديد من المكافآت والعروض الترويجية والرهانات المجانية واللفات المجانية. سنمنحك نسبة 100% على إيداعك الأول، ولدينا أيضًا تطبيق ممتاز للهاتف المحمول!
وياكم 2016

وياكم 2016 الحلقة السادسة محاكم التفتيش

محاكم التفتيش

في مدينة قرطبة الأندلسية الإسبانية، وعند مرورك في أحيائها تجد لوحة مكتوب عليها: محاكم التفتيش!!

محاكم التفتيش”: هذه الكلمة مرتبطة بعام ١٤٧٨ ميلادية، ومرتبطة باسم البابا سكتيوس الرابع، فهو الذي دشن هذه الفكرة، وأنشأها!

وهي ترمز وتعبر عن التعذيب، وعن انتهاك حرمة الإنسان بشتى الصور، وأبشع الوسائل!

زرتُ معرض محاكم التفتيش في إسبانيا، وما إن تدخل إلى أن تخرج، إلا وتشاهد أنواعاً، وأشكالاً، وأصنافاً من أدوات التعذيب!

وقفتُ عند المقصلة، وهي عبارة عن شفرة كبيرة مثبتة على خشبتين في الأعلى، وفي أسفلها يوجد فراغ يوضع فيه الرأس البشري، فتسقط تلك الشفرة لتقطع الرأس!!

وأنا في حديثي عن هذه الأمور لا أؤرخ لها، وإنما أستنطق، وأقرأ التاريخ قراءة تحليلية! فالقوم لديهم قطع رؤوس، كما عندنا قطع رؤوس، فما الفرق بين هذا وذاك؟

لا فرق، فالحدث واحد، وهو مُدان في ذاته، ولكن يجب أن نعرف المفاهيم السابقة للحدث، والمحرك لهذا الحدث، والمستفيد منه، ومن الذي شُحن، وتحول إلى متوحش ينفذ بلا أي مشاعر، أو رحمة؟! كل هذا يحتاج إلى وقفة طويلة، وإلى تحليل؛ لأن العقول بدأت لا تستوعب، فنحن لا نقرأ التاريخ فحسب، فالتاريخ ليست وحدات زمنية مستقلة تمر هكذا، بل نحن نتأمل التاريخ، ونمتحن التاريخ، ولا نلوم تاريخ الآخرين فقط، بل وتاريخنا كذلك، فالقضية: متى غابت القيم؟ ومتى يتوحش الإنسان إذا حصلت الشروط التي تجعل الإنسان ينتقم من أجل الانتقام، فهو لا يدري متى يقتل؟ ولماذا يقتل؟

لماذا وجدت محاكم التفتيش؟ ولمن؟

قبل سقوط غرناطة آخر معقل إسلامي في الأندلس لاحظ الباباوات، والقسس، والمتدينون المسيحيون أن بعض اليهود يقومون بعبادات غريبة، فمارسوا ضغطاً عليهم ليتنصروا، ولأنهم كانوا أقلية مضطهدة، تنصر اليهود جبراً، وظاهرياً؛ ولكنهم استمروا على دينهم وطقوسهم يؤدونها لا سيما في إشبيليا، فقام هؤلاء برصدهم، فعلموا أنهم لم يدخلوا في النصرانية اقتناعاً، وممارسة، وإنما خوفاً، وتقية، ورعباً، ومجاملة، وخضوعاً للواقع! فكان لا بد من امتحانهم، ومن تعذيبهم.

هذه المرحلة الثانية لظهور محاكم التفتيش، ولكي نكون دقيقين في كلامنا فقد سبقت هذه المرحلة مرحلة أخرى كانت في الأصل للنصارى!! ولكن أي نصارى؟ إنها للنصراني الذي شك في نصرانيته! حيث سُمّي: ملحداً، وزنديقاً!

ثم جاء الإجبار والقهر بعد ذلك لليهود أولاً، ثم المسلمين، فكان لا بد للمحكمة أن توجِد لها وظيفة، فكانت الوظيفة قهر المسلمين، وتعميدهم، وإجبارهم على النصرانية، فإذا رأوا من المسلم شكاً بأنه لم يتنصر حاكموه، فإذا حاكموه، وأدانوه، قاموا بمحاكم التفتيش، وبالمقاصل!!

ولكن: ماذا قال التاريخ؟

التاريخ قال: إن ٨٢٪‏ من الذين حُوكموا بمحاكم التفتيش، ومُورست عليهم العذابات كانوا من المسلمين! بمعنى أنه توارت، وضعفت، وقلت نسبة غير المسلمين من التعذيب، والذي سقط في التعذيب هم المسلمون، لأنهم كانوا هم الأكثرية، وهذه النسبة تدل وتشير إلى أن الكتابات التي هوّنت من محاكم التفتيش، وأنها كانت عامة، وليست ضد فئة معينة كالمسلمين، هي كتابات غير حيادية، وكتابات إسبانية! وقد قابلتُ أكثر من مختص في هذا الموضوع، منهم: الدكتور نيكولاس في جامعة ملقة، والدكتور ماليكا، صاحب الحفريات والدراسات التراثية والغرناطية، وهو إسباني مسيحي، وغيرهما، كلهم يؤكدون عدم الموضوعية في ذلك!!

إذن من الذي اكتشف محاكم التفتيش؟

لا شك أنهم كانوا يُنكرون وجودها، وكانوا يطمسونها! ونحن يجب علينا أن نكشف عن عذابات الإنسانية، ونفضحها، حتى بأثر رجعي؛ لكي ندين الظلم، ونحقق العدالة.

أما من الذي كشف محاكم التفتيش؟ وكيف وقع عليها؟ وأخرجها للعالم؟

فإنه لم يكن مسلماً، بل كان قائداً غربياً عظيماً! إنه نابليون!!

عندما احتل نابليون إسبانيا، وكان قد سمع بإجرام الكنيسة الكاثوليكية، وما يحدث فيها من تعذيب، وتنكيل، حاول هو وجنوده العثور على آثار ذلك، والتأكد منه، لكنه مع طول البحث والتنقيب لم يجد شيئاً، وكاد أن ييأس هو وجنوده، وفي آخر يوم من البحث الدؤوب في إحدى الكاتدرائيات الكبيرة قال لجنوده: إن في هذا المكان رائحة عذاب! ولا بد أن نكتشفه، فوجدوا عند طاولة البابا أو القسيس حلقة! فقال لهم: اسكبوا الماء هنا، فسكبوا الماء فوجدوه يتسرب إلى الأسفل!! وإذا به باب سرداب كبير تحت الأرض! فلما دخلوه لم يستطيعوا تحمل ما رأوه من مناظر فظيعة، ومشاهد للتعذيب، وهياكل عظمية!! حتى أن بعضهم من هول المشهد تقيأ، وآخرين أصابهم الغثيان، مع أنهم عسكريون ومقاتلون شرسون!

وقد ذكر غوستاف لوبون المؤرخ الفرنسي، والمفكر الكبير، في كتابه: “حضارة العرب” أن كل من يقرأ عن محاكم التفتيش فإنه لا يمكن إلا أن ترتعد فرائصه!! وذكر عن الراهب بليدة أنه جاءه الخبر بقتل مئة ألف مسلم من قافلة موريسكية مشردة، كانت قد خرجت من بلاد الأندلس إلى إفريقيا المسلمة، من أصل مئة وأربعين ألف!! فاستقبل هذا الخبر بكل راحة وطمأنينة، وبنفسيه مسرورة!!

نحن ندين هذه الأفعال الوحشية من أي جهة صدرت، ولكن الإنسان متى ما رُبي على العصبية، والكراهية، والحقد، وعلى النظرة للآخر على أنه مستباح! بل استباحته عبادة، ولذة، ومتعة وأحياناً، فهنا نكون قد وقعنا في كارثة كبيرة.

وها هنا سؤال قد يطرأ على ذهن القارئ، ألا وهو:

كيف كان يعرف هؤلاء أصحاب محاكم التفتيش أن فلاناً من المسلمين، مع أنه يكون قد أخفى كل مظاهر التدين، وما يدل على إسلامه؟

والجواب:

كانوا يستدلون على ذلك من خلال أمور:

أولاً: الختان: فإذا وجدوا الرجل مختوناً فهذا يعني أنه مسلم!

ثانياً: الدفن: فكانوا ينظرون كيف يدفنون موتاهم؟ وهل يجعلون وجوههم جهة القبلة أم لا؟!

ثالثاً: العيد: فكانوا يعرفونهم من خلال ملابس العيد!

رابعاً: الطهارة والصلاة: فأخطر ما كان يُكتب في الوثائق، وكتابات محاكم التفتيش قضية الصلاة، والطهارة.

خامساً: المصحف: فوجود مصحف في البيت كافٍ على أنه مدان، حتى ولو لم يكن مسلماً!!

سادساً: الحجاب: فالحجاب تهمة في ذلك الوقت، وهو دليل كاف على الإسلام.

إلى غير ذلك من وسائل وطرق لمعرفة المسلم من غيره.

ولك أن تتعجب من هذه الديكتاتورية العجيبة في هذا التاريخ لدرجة أن بلغ بهم الأمر إلى استخدام الجانب السيكولوجي النفسي في كشف هوية المسلم، حيث كانوا يجلسون الموريسكيين المسلمين في مجموعة، ويقدمون لهم لحم الخنزير مثلاً، ويراقبوا سلوكهم، فالذي يأخذ من ذاك اللحم وهو مرتبك يُراقب لماذا ارتبك؟ والآخر لماذا لم تمتد يده إليه؟ والثالث لماذا قال إنه شبعان؟!

إذن لا بد أن هذا الرجل عنده موقف نفسي، أو أنه يُخفي إيمانه، فيُكتشف أمره بسبب ذلك!!

وقد يشتمون الله تعالى، أو القرآن، أو النبي صلى الله عليه وسلم، أمامهم، فإذا ارتج أحدهم، أو اغتاظ، علموا أن هذا مسلم!! فيؤخذ، ويُتابع، ويُحقق معه في محاكم التفتيش، فإذا اعترف، صدر في حقه إما إعدام، أو حرق، أو سجن لمدة طويلة!

كذلك من الأساليب التي كانوا يكتشفون بها المسلم: اللغة العربية، فإن تكلم الشخص باللغة العربية فمعنى ذلك أنه مسلم، ومن ثم تطبق عليه محاكم التفتيش!

ومن الأساليب أيضاً: الأكلة العربية!! فهناك أكلة عربية مغربية، إذا اكتُشفوا أن أسرة معينة تأكل هذه الأكلة، فمعنى ذلك أنها تنتمي إلى المسلمين الذين أخفوا إيمانهم، ولم يتنصروا! فكان المسلم لا بد له من الانتباه أين يأكل؟ وماذا يأكل؟ ومتى يأكل؟

كذلك من الأساليب التي كانوا يكتشفون من خلالها المسلم: الحناء!! فإذا وجدوا امرأة وضعت الحناء في أيام العيد، أو أيام كذا، فمعنى ذلك أنها مسلمة؛ لأن الحناء من صفات المسلمين، ومن طبائعهم، ومن عاداتهم، سواء أكانت عادة، أو كانت حكماً شرعياً، وديناً.

وهكذا بدأ يُكتشف المسلم في كل مكان، وطبقت عليهم وسائل التعذيب بشتى أنواعها، ولم يسلم منها رجل، ولا امرأة!!

وفوق ذلك التعذيب الذي تشيب لهوله الولدان، كان هناك شيء اسمه: الأوتودافي، وهو عبارة عن حفلة، ومراسم إيمانية دينية كاثوليكية في قضية: كيف نعذب؟!! تصوروا أن أمماً تحتفل بالتعذيب!!

إن قتل الإنسان بحد ذاته موقف مؤلم جداً؛ فكيف الحال بمن يقوم بعمل حفلة لطريقة التعذيب، وكيفيته؟!

وهذه الحفلة كان يُؤتى فيها بهذا الإنسان الذي يُشك في إيمانه، أو الموريسكي المسلم، فيُخرج من السجن، ويُلبس ملابس القداس المسيحي، ويُربط في كلتا يديه، ثم تُوضع في يده شمعة، ويجتمع الناس، ثم يمضي إلى كرسي التوبة، ليعترف على نفسه بالكفر الصريح، ثم يُحكم عليه، وبعد ذلك يُعدم!!

العجيب أن فرناندو الملك الكاثوليكي الكبير كان يحب هذه الحفلات كثيراً، ويعشقها عشقاً!!

وهذا ما نشاهده هذه الأيام! فهناك ملوك، ورؤساء، وقادة، وزعماء، يعشقون القتل، وتُرفع إليهم أفلام التعذيب؛ لكي يتلذذوا بها!! هل هؤلاء بشر؟! أشك في ذلك.

كل الذي حصل كان مبنياً على صفات تعصبية، وإلغاء الآخر، واستباحة الآخر.

وها هنا نقطة مهمة لا بد من الإشارة إليها، ألا وهي: أنه عندما أراد القشتاليين إسقاط آخر معقل من معاقل المسلمين في الأندلس وهي غرناطة، وكان حاكمها وقتها أبا عبد الله الصغير، فلم يهرب المسلمون، فقاموا بمحاصرتها مدة طويلة، وخافوا من اقتحامها؛ للخسائر، فأرغموا المسلمين تسليم غرناطة، والدخول في وثيقة استسلام، ومعاهدة ذل، بشروط كثيرة، من هذه الشروط:

أولاً: أن يبقى المسلمون على إيمانهم، ولا يُؤذون في دينهم، ولا يُجبرون على دين آخر، وخاصة المسيحية، والكاثوليكية التي هي القوة، والواقع.

ثانياً: أن تبقى مساجدهم بأماكنها، ومن حقهم القيام بشعائرهم التعبدية.

ثالثاً: التقاضي إلى القضاء الاسلامي، والأحكام الشرعية التي ينتمون إليها، كما كان حال اليهود في غرناطة، حيث ترك لهم المسلمون أحكامهم الشرعية في محاكمهم.

رابعاً: الحفاظ على كل الصفات الشخصية لملامحهم الخارجية من ملابس، وحجاب للمرأة المسلمة، وغير ذلك.

إلا أن هؤلاء النصارى لم يلتزموا ببنود هذه الوثيقة، ولم يوفّوا بها! فأخذوا يتتبعون أنفاس من هو مسلم، للقضاء عليه! فكانت محالكم التفتيش، وجرائم التعذيب.

ولأجل ذلك وقف رجال كبار، ومؤرخون منصفون، وأدانوا هذا الإجرام، ونحن من جهتنا كمسلمين يجب علينا أيضاً أن لا نقرأ التاريخ قراءة واحدة، ونقول: هذا تاريخ إجرامي أُخفي ثم ظهر، وكان المستهدف فيه هم المسلمون! كلاّ… بل نقرأه لكي نبكي على كل من عُذب بمحاكم التفتيش التي أقيمت أولاً للمسيحيين أنفسهم، ثم لليهود ثم للمسلمين وهم الأكثرية! فالدم هو الدم، والإنسانية هي الإنسانية، والحرام هو الحرام، والله تعالى يقول: {من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً}، هكذا يعلمنا القرآن الكريم، ويعطينا القاعدة الكبرى: أن العدالة مطلقة، لا تفرق بين الانتماءات، فيجب أن نرفض الظلم أياً كان، ومهما كانت صورته، وأيًّا كان منفذه.

ولكن هل نستطيع أن نتغلب على مشاعرنا، وانفعالاتنا، والاحتقان الذي نشاهده في حياتنا، والموقف التاريخي أو الموقف المعاصر؟

لا شك أن هذا يختلف من ثقافة إلى ثقافة، ومن بيئة إلى بيئة، ومن تربية إلى تربية.

إلا أن الأدهى من كل ذلك وأمرّ أن شريحة أخرى كان لها حضور واضح في مسألة محاكم التفتيش، ومحاكم التعذيب على الدين، والهوية، ألا وهي الشريحة التي يطلق عليها في التاريخ الإسباني: المتعاونون!! أي هؤلاء الذين يتعاونون مع محاكم التفتيش، والباباوات، والقسس، والعسكر، ومع القائمين على هذه المأساة المروعة، وهؤلاء المتعاونون مسلمون!!! أي أنهم جواسيس، وخونة، وألغام موقوتة!!

وهذه النوعية موجودة في كل زمان؛ لكن الأخطر أن يكون هذا المتعاون، وهذا الخبيث، مسؤولاً عسكرياً كبيراً، ورمزاً، وقائداً، ورئيساً!! هنا المصيبة! فإنه سوف يبيع البلاد، والعباد، والمستقبل، والتاريخ، في سبيل كرسيه، ومصالحه، وأحقاده، وأمراضه النفسية؛ لأن الاستعمار سلّط علينا أناساً، واستثمرهم لغاياته.

وهؤلاء المتعاونون كانوا يخضعون كذلك لمحاكم التفتيش!! كاختبارات للواحد منهم، فهل هو متعاون ميولاً ورغبة، أم أنه متعاون خوفاً، أو متعاون مصلحة شخصية؟

لكنه والحق يقال لم يسكت العالم المثقف، ففي سنة ٢٠٠٢ اجتمع أكثر من ثلاثين مؤرخاً من العالم الإنساني، وأصدروا بياناً يطالبون فيه البابا بولس الثاني بتقديم اعتذار عن محاكم التفتيش هذه، فحصل ذلك، وهذا موقف يجب أن نؤيده، فأينما وجدنا موقفاً إنسانياً ضد الظلم، ومع العدالة، فلا بد أن نؤيده، ونضع أيدينا معه، فكلنا يذكر حلف الفضول قبل الإسلام، وقبل وقف معه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا هو الإنسان العادل العاقل السوي نفسياً، وانفعالياً، وعقلياً، وهكذا نريد من الناس.

إذن: كيف نستفيد من هذا التاريخ؟ وكيف نقرأ هذا الواقع الدامي قديماً، وحديثاً، ونحن ننزف، وقد أصبحت محاكم التفتيش موجودة عندنا؟

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء)، ما معنى الإحسان؟

معناه: أن لا تكتفي بأداء الضرورة في المأكل، أو المشرب، أو قضاء الحاجة، أو حتى إشباع الغريزة، وإنما يجب إدخال البعد الإنساني في ذلك، حتى لا نتحول إلى آلة، أو إلى بقايا حيوانات!!

(إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته)! هذه هي القاعدة الكبرى التي لا بد من استعمالها في كل موطن، لكن أن يأتي أناس باسم الإسلام فيمارسون أبشع أنواع القتل، والتعذيب، والتنكيل، باجتهادات هنا، أو رأي شاذ هناك، أو استنباط شخصي، أو عقد نفسية، فهذا ما لا يمكن قبوله، والإسلام برئ منه، فالقتل هو القتل، والقاتل المجرم الذي يستحق القتل يقتل، اما أن يكون بمثل هذه الطرق البشعة في القتل، والتصوير، والنشر على أوسع نطاق، ويلصق ذلك زوراً وبهتاناً باسم الخلافة الإسلامية، أو باسم الصحابة، أو باسم آل البيت، أو غير ذلك، فهذا لا يمت إلى الإسلام بصلة لا من قريب، ولا من بعيد.

فكل هؤلاء مجرمون، مهما اختلفت الأسماء والانتماءات، فالإسلام هو الإسلام، والقاعدة الشرعية تقول: (ادرؤوا الحدود بالشبهات، فإن الحاكم لأن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة)، فالأصل براءة الذمة لكل أحد.

ولذلك قال الله سبحانه وتعالى عن دعاء المؤمنين: {ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا}، أي يا رب لا تجعل من سلوكنا نحن المسلمين فتنة، وصورة سيئة، للذين كفروا، بأن يقولوا: لو كان هذا الإسلام حقاً، لما كان هؤلاء أتباعه!!

فكيف والواقع أصبح فتنة للذين آمنوا، قبل الذين كفروا!!

وأنا أقول: إن هذه الميليشيات، وهذه الداعشيات، وكل من يحوم حولها بمذاهبها المختلفة، هي أحد أسباب ميلاد العلمنة، وغلظتها، وميلاد شباب ملحد يكفر بالدين، ويكفر بكل شيء؛ لأنه يشاهد واقعاً يتناقض مع كل القيم والمبادئ!

وإن كنا نقول له: إن الواقع ليس حكماً على الإسلام، بل الإسلام بموازينه هو الميزان، والواقع يُحكم عليه، فهؤلاء منحرفون، وإرهابيون، وإن تسموا باسم الإسلام والدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى