لتجربة الأجواء المثيرة للمراهنة الرياضية والإثارة في ألعاب الكازينو عبر الإنترنت، ما عليك سوى التسجيل وبدء اللعب لدى شركة المراهنات Mostbet في المغرب . تعال لتستمتع باحتمالات عالية والعديد من المكافآت والعروض الترويجية والرهانات المجانية واللفات المجانية. سنمنحك نسبة 100% على إيداعك الأول، ولدينا أيضًا تطبيق ممتاز للهاتف المحمول!
مقالات

المحطة الإيمانية: ماذا بعد الجواب المعرفي عن الشبهة؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..

فإن العليل الذي أنهكه المرض وشفَّه السقم لا ينبغي أن يكون غاية أمله تسكين بعض آلامه أو تغطية الأعراض الظاهرة لعلته، فإنه بذلك سيحيى في ثنائية متكررة من الآلام والتسكين حتى يصل إلى حدٍ لا تؤثر معه المسكنات، بل ينبغي عليه أن يفتش وراء هذه الأعراض حتى يصل إلى جذور الداء فيقتلعها من جسده اقتلاعًا.

كذلك الحال بالنسبة للشبهات التي [تتمكن] من القلب، حيث إنها في أحيان كثيرة تمثل المحطة الأخيرة في رحلة الإشكالات الداخلية، أو الصورة الظاهرة لأزمات عديدة أعمق وأخفى.

إن مجرد ثوران الشبهات في النفس وتقافز الأسئلة في العقل لا يشترط أن يكونا مصحوبَيْن بضعف إيمانٍ أو اختلال نفسي أو اجتماعي، لكن هذا لا يعني كذلك إنكار وجود جذور قلبية وروحية ونفسية لشجرة الشك التي [تتجذّر] في تربة صدر الإنسان في أغلب الأحوال.

لذلك، قد يرى المرء في رحلة حياته مسلمين بسطاء، ليس في مقدورهم الجواب عن أكثر الشبهات والأسئلة التشكيكية، لكنها مع ذلك لا تتجاوز أسماعهم وظاهر عقولهم، فلا تعكر صفو اليقين الراسخ في صدورهم،  ومن الغفلة تصور الإنسان أن ذلك مرجعه دائمًا إلى الدوغمائية واللامبالاة والتقليد المحض، بل الملاحظ لأحوال كثيرٍ من هؤلاء يقطع بأن وراء ذلك شيئًا أعمق وأعجب وأصلب من ابتلاءات الحياة القاسية!

إن المسلم – على أي حال – يحتاج إلى صيانة إيمانية دورية، إلى تجديد إيمانه، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ الإيمانَ ليَخلَقُ في جوفِ أحدِكم كما يَخْلَقُ الثوبُ، فاسأَلوا اللهَ أن يُجدِّدَ الإيمانَ في قلوبِكم”، أي إنه يبلى كالثوب القديم ويهترئ ، ومن المعلوم من العقل والروح بالضرورة أن كثيرًا من مفردات عصر الحداثة الذي نحياه هذا تساهم في مضاعفة سرعة تآكل الإيمان في نفس الإنسان، بما يحتاج معه إلى جهد أكبر لحراسته وحفظه وتجديده، قبل أن يتهاوى فيصبح قلبه بلا درع يقيه نهش الدنيا!

فالمسلم اليقظ ينبغي أن يرى الجواب المعرفي عن الشبهات – التي بلبلته وأدخلت الشك على فؤاده – مرحلة علاجية أولى تهدف إلى منع المشوشات الملحّة لإتاحة مساحة لائقة لإصلاحات على عمق أكبر.

وليس معنى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال تجديد الإيمان أن يقتصر الإنسان على ذلك، بل المراد أن يفعل الإنسان ذلك أثناء أخذه بأسباب هذا التجديد والإصلاح، ومن أجل هذه الأسباب ما يلي:

[1] القرآن.. ينبوع الشفاء الزلال!

إن القرآن علاج شامل لآلام النفوس وأدواء القلوب، والله سبحانه يقول: “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ”، ويقول سبحانه: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ”، وقد أخبرنا الله جل وعلا أن ذلك القرآن من أعظم أسباب الثبات والطمأنينة، فقال جل وعلا: ” قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ”، وقال سبحانه: “وَقَاْلوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا”.

والشفاء القرآني ليس قاصرًا على السكينة والبركة التي تحل الفؤاد عند اتصاله بالسماء، هذه نظرة قاصرة للقرآن، فالقرآن ترياق كامل، وشفاء تام، يحيط بمنافذ الإنسان النابضة، فهو يقدم الطمأنينة لقلبك، والسكينة لروحك، والتهدئة لنفسك، والأجوبة لعقلك.

وهذا يبين لك أن الشفاء القرآني المنشود لا يكون بمجرد الهمهمة والقراءة غير الواعية، وإنما يكون بالتفهم والتدبر والمعايشة والقراءة التفاعلية، كأنك تجلس القرآن فتبثه همك وشكواك وأسئلتك لتسمع منه الجواب والنصيحة والموعظة.

[2] الدعاء .. مدد السماء المقدس!

مضى قول النبي صلى الله عليه وسلم: “فاسأَلوا اللهَ أن يُجدِّدَ الإيمانَ في قلوبِكم”، فالإنسان يحتاج دائمًا أن يطرق باب الله، وأن يقر بين يديه بالعجز والضعف والحاجة إلى المدد والعون، فالقلب صنعة الله، وإذا حيّرك إصلاح شيء فعُد به إلى صانعه وربه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “ما مِن قلبٍ إلّا بَيْنَ إصبَعَيْنِ مِن أصابعِ الرَّحمنِ إنْ شاء أقامه وإنْ شاء أزاغه”، وكل إنسان – مهما بلغ إيمانه – يحتاج إلى ذلك المدد المقدس ليكمل إبحاره بين عواصف الفتن إلى مرفأ النجاة، فردد مع خليل الرحمن: “وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ”، وكرر خلف الكريم ابن الأكرمين: “فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ”، وتضرع مع خير خلق الله صلى الله عليه وسلم: “يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ”، وناج معه في جوف الليل البهيم: “اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرائِيلَ، وَمِيكائِيلَ، وإسْرافِيلَ، فاطِرَ السَّمَواتِ والأرْضِ، عالِمَ الغَيْبِ والشَّهادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بيْنَ عِبادِكَ فِيما كانُوا فيه يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِما اخْتُلِفَ فيه مِنَ الحَقِّ بإذْنِكَ، إنَّكَ تَهْدِي مَن تَشاءُ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ”.

أكثر من الدعاء والسؤال، فثَمّ ما لا يقدر أحد من البشر على أن يعطيه لك، ومن أدمن طرق الباب يوشك أن يُفتح له.

[3] المناجاة .. عَرْف الأنس الإلهي!

ما أغبن ذلك الإنسان الذي يملك في بيته صندوق ذهب ضخم، ثم لا يلتفت إليه، ويظل يجوب الطرقات عامة نهاره لأجل تحصيل بعض الفتات!قد تصيب آفات الشبهات قلب الإنسان، ثم يطوف بين الناس يشكو إليهم، وقد يجلس إلى أحدهم في ذلك ساعة أو ساعتين، ثم قد يجد من يبش له ويقبل عليه، وقد يجد من يتضجر منه ويسأم من شكاته، وهو في كل هذا لم يخطر بباله إلى يشكو إلى الله سبحانه! وإن فعل مرة فإن ذلك يكون في مناجاة عجلى لا روح فيها، مع أن الله سبحانه هو الذي يقلب القلوب ويمرضها ويشفيها، وهو أقرب إليه من جميع الناس بل من حبل الوريد، ولا يمل من سماعهم ومناجاتهم ودعواتهم، بل يحب ذلك منهم، فلم قد يشكو الإنسان همه إلى كل أحد سوى الله؟!

بل السكينة الحقّة يجدها الإنسان إن كان كيعقوب عليه السلام إذ يقول: “إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ”، ويشكو أيوب عليه السلام حاله إلى الله وهو أعلم به: “ربِّ إنّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ‎”، ويتوجه نوح إليه سبحانه ليخبره بضعفه وقلة حيلته: “أَنِّي مَغْلُوبٌ”، ويبث إبراهيم عليه السلام حال أهله وخوفه عليهم والله أعلم بهم: “رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ”، ويناجي زكريا عليه السلام بآلامه ومخاوفه وربه أعلم به: “رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا”، ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم ناجى ربه لما اشتد عليه ما لاقى من أذى: “اللهم أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين، إلى من تكلني؟! .. إلى عدو يتجهمني أم إلى قريب ملكته أمري؟! .. إن لم يكن بك عليَّ غضب فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي”.

الله أعلم بجميع حال هؤلاء، صلوات الله عليهم وسلامه، بحال غيرهم من خلقه، فهم لا يخبرون الله بما يجهل، سبحانه، لكنها حلاوة المناجاة، وعَرْف الأنس الإلهي الذي تُشفى به القلوب المكلومة.

أخيرًا، الكلام في ذلك الشأن لا حد له، فكل باب طاعة وعبودية يلج منه العبد إلى السماء يقوي إيمانه ويصقل قلبه، ويزيد صلته بربه جل وعلا، الصلاة والذكر والصدقة وغيرها، كما أن هناك أبوابًا أخرى من الإصلاحات العميقة الضرورية، كالإصلاح البيئي، بأن يحيط الإنسان نفسه – قدر الوسع – ببيئة صالحة وصحبة مُعينة، تدفع عنه سنان الفتن، وثبت في روعه بذور الصبر، وقد قال ربنا لسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم: “وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا”.

وهناك كذلك الإصلاحات النفسية والاجتماعية، وهي غاية في الأهمية، ولَكَم كانت أطلال الإنسان النفسية والاجتماعية التي يخفيها في ظلام اللاوعي هي الجذوة التي يبدأ من عندها حريق التيه العظيم.

وهناك كذلك الإصلاحات المعرفية، على المستوى الشرعي وغيره، والمعرفة القلقة التي يحصلها الإنسان في زمن اشتداد الشبهة في صورة الجواب الجاهز عنها ليس لها أبدًا ذات الفاعلية التي للمعرفة الهادئة التي يحصلها الإنسان في زمن النقاهة والتوقّي.

خلاصة القول، الشبهات والفتن وعوامل تآكل الإيمان في النفس تحيط بالإنسان من كل ناحية، ولن ينتهي سيلها، وستبقى تُعرض على القلوب كعرض الحصير عُودًا عُودًا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، لكن المهم، هل هيأتَ قلبك ليكون زجاجة أم سيظل إسفنجة؟!

يحكي ابن القيم وصية ونصيحة أسداها إليه شيخه، شيخ الإسلام ابن تيمية، يقول ابن القيم: “قال لي شيخ الإسلام – رضي الله عنه – وقد جعلت أورد عليه إيراد بعد إيراد: لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة، فيتشرّبها؛ فلا ينضح إلا بها ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة، تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها؛ فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته، وإلا فإذا أَشربت قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقراً للشبهات، أو كما قال”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى