لتجربة الأجواء المثيرة للمراهنة الرياضية والإثارة في ألعاب الكازينو عبر الإنترنت، ما عليك سوى التسجيل وبدء اللعب لدى شركة المراهنات Mostbet في المغرب . تعال لتستمتع باحتمالات عالية والعديد من المكافآت والعروض الترويجية والرهانات المجانية واللفات المجانية. سنمنحك نسبة 100% على إيداعك الأول، ولدينا أيضًا تطبيق ممتاز للهاتف المحمول!
مقالات

فلسفة الصيام في الإسلام

هل هناك حكمة من الصيام؟
لماذا يريد الله منّا حرمان أنفسنا من الطعام والشراب طوال النهار لشهرٍ كامل؟
ألا يمكن للصيام أن يؤذينا، وخصوصًا في الحرّ الشديد، وفي أوضاع الأزمات والأوبئة والفقر وغيرها؟

هذه وغيرها أسئلةٌ تُطرح في عصرنا كإشكالاتٍ حول فريضة صيام شهر رمضان، وسنحاول في هذا المقال الوجيز الإجابة عنها.

حكمة الصيام

ربما تكمن المشكلة في أنّ الكثير من المسلمين اليوم يؤدّون عبادات الإسلام دون التفكير في مضمونها وأثره في نفوسهم. مع أنّ في القرآن والسنّة نصوصٌ واضحةٌ حول ذلك.

الصلاة مثلًا، جاء فيها قول الله: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (العنكبوت: 45).وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا، مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ”؟ قَالُوا: لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا، قَالَ: “فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِنّ الخَطَايَا” (متفق عليه).

ومن تَفكّر في الصلاة سيجدُها تعطيلًا لجميع جوارح الجسد مِن نظرٍ وسمْعٍ وأكلٍ وشُربٍ وشهوةٍ وعملٍ باليدين والرجلين عن الاشتغال بالدنيا لأوقاتٍ محددة كل يوم، مع اشتغالٍ بالذكر والدعاء والمناجاة والركوع والسجود والتذلل لله الخالق. أي أنها بكلمات أخرى “تذكيرٌ” بحقيقة الإنسان وأنّه عبدٌ لله، وإنقاذٌ له من الغفلة والانغماس بشهوات الدنيا اليومية، ولذلك قيل: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} (طه: 14). فهي تأخذ دورها ضمن مفهوم العبودية الذي تقوم عليه فلسفة الإسلام كلها، فهناك الخالقُ الذي خلق العالمَ والإنسانَ، وهناك الإنسانُ العبدُ المحتاجُ إليه. الإسلام ينطلق من هذه “الحقيقة” ويقرّرها ببراهينه العقلية الساطعة في كتاب الله، ثم تُبنى كلّ شرائعه وشعائره عليها، ومن بينها الصيام.

يندرج الصيام ضمن مفهوم العبودية، فما دمتَ عبدًا لله فأنت تبذل نفسك لأجله سبحانه، وللصيام بالتأكيد دورٌ ضمن مفهوم العبودية هذا، وفهمُ هذا الدور أساسيٌّ جدًا.

يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183). ومن معاني الآية أنّ ثمرة الصيام هي “التقوى”. يقول أبو المظفّر السمعاني (426-489 هـ) في تفسير الآية: “لأَن الصَّوْم وَصلَةٌ إِلَى التَّقْوَى بِمَا فِيهِ من قهر النَّفس وكَسْر الشَّهَوَات”.

وفي الحديث: “يقول اللهُ عزَّ وجلَّ: الصومُ لي وأنا أَجزي به، يَدَعُ شهوتَه وأكلَه وشُربَه من أجلي، والصومُ جُنَّةٌ” (رواه البخاري). والجُنّة: كالسُّترة التي تحميك من السلاح.

يقول الحكيم الترمذي: “والصومُ هو الكفُّ عن عادةٍ تعتادُها، فإذا مُنعت النفسُ تلكَ العادةَ اشتدّ عليها، فكان في ذلك تسليمَ الجسد إلى الله تعالى؛ لأنَّ النفسَ إذا مالت إلى الشهواتِ فقد مالتْ بأركانها عن الله تعالى إلى دنياها، فعلى قدْر الميل عن الله تعالى والتباعُدِ عنه تَنقصُ البركةُ وتنزوي عنه”. (الحكيم الترمذي – كتاب إثبات العلل).

أي أنّ الصيام يُعين الإنسان على تحقيق أهدافه باعتباره عبدًا، فضبطُ النفس عن شهواتها وتعويدها على قوة الإرادة والاحتمال يصبّ في مصلحته في الدنيا والآخرة، والأهم من ذلك كله: يقرّبه من الله عز وجل، فقد قال “يدعُ شهوتَه وأكلَه وشربَه من أجلي”.

بل قال النبي صلى الله عليه وسلّم في الصوم عمومًا: “يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ” (رواه البخاري). أي يُسكّن شهوته.

ضبط النفس في عصرٍ علمانيّ

مشكلة الحضارة العلمانية المعاصرة ليست في مفهوم القسوة على النفس أحيانًا وحرمانها من أشياء لضبطها وتقويتها فيما يصبّ بمصلحتها، فهذا مفهومٌ متفقٌ عليه، ونجد الناس يمارسونه في نوادي الرياضة والحميات الغذائية ووسائل التربية وغيرها، ولكن الفارق الأساسي يرجع إلى نقطتين تحديدًا:

-أن يكون هذا الضبط نابعًا من ذات الإنسان لا من خارجه.
-أن يكون هدفُه الأسمى هو تحقيق مصلحة الإنسان الدنيوية فقط.

في القرن الثامن عشر، كان جان جاك روسو (1712-1778م) يقول في كتابه “دين الفطرة”: “لكن حريّتي هي بالضبط ألّا أريد إلا ما يوافقني، أو ما يبدو لي كذلك، دون أن يؤثّر في اختياري عاملٌ خارجيّ”. وتحدّث إيمانويل كانط (1724-1804م) عن كون الإنسان يحقّ له اتخاذ قراراته الشخصية بغير تدخّل من الآخرين، وأكّد على أهمية الاستقلال العقلي للأفراد.

وهاتان الفكرتان تحديدًا، أي فكرة استقلال الإنسان بذاته، وتركيزه على الحياة الدنيا فقط، هما جوهر العلمانية. جاء في دائرة المعارف البريطانية في تعريف العلمانية:

“Secularism, any movement in society directed away from otherworldliness to life on earth”.

“العلمانية، أي حركة في المجتمع تتّجه بعيدًا عن العالَم الآخر نحو الحياة الدنيا”.

وهنا تختلف فلسفة الإسلام في النقطتين؛ فالشريعة الضابطة تأتي من خارج الإنسان، أي من خالقه الذي {يعلمُ مَن خَلق وهو اللطيف الخبير}. فلا يستكبر الإنسانُ عن طاعة ربّه. أما هدف الإنسان الأسمى فهو ليس محصورًا في تحصيل مصالح الدنيا وسعادتها، بل يمتدّ مع ذلك إلى سعادة الآخرة والتقرب إلى الله.

أي أنّ الإسلام يُحرّر الإنسان من تضخّم الذات والاعتداد الزائد بالنفس، ويحرّره من التقوقع على الدنيا. يقول أبو حامد الغزالي: “قد اتفق العلماء والحكماء على أنْ لا طريق إلى سعادة الآخرة إلا بنهي النفس عن الهوى ومخالفة الشهوات” (من كتاب “إحياء علوم الدين”). ومن هذا المنطلق ينظر المسلم إلى الصيام باعتباره منحةً ورحمةً مِن خالقه، فهو إحدى وسائل الفلاح في ابتلاء الدنيا، لأنّه يقوي إرادة الإنسان ويُعلي من قيمة العقل في توجيهه.

هل يمكن للصيام أن يكون ضارًّا؟
لماذا لا يمكن للصيام أن يضرّنا؟

لأنّ فلسفة التكليف في الإسلام تقوم على التيسير، واللطيف أنّ الآية التي تذكر شهر رمضان وفريضة الصيام فيه جاء فيها: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة: 185). وهذا يؤكد أنّ الهدف من الصيام – وإن كان فيه مشقّة – ليس التعسير على الإنسان. ولهذا فالمريض الذي لا يقوى على الصيام أو يتأذى منه يُعفى منه، ويعطى بدائل أخرى تناسب قدراته.

وفي الوقت نفسه يقول سبحانه {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} (البقرة: 286). فالصيام يدفعك إلى أعلى مستوى من ضبط نفسك لمصلحة دنياك وآخرتك، ولتكون من الله أقرب، ولكنه في الوقت نفسه يعطيك أكبر قدْرٍ من التيسير والتخفيف، والجمع بين هذين المعنيين يشير إلى إحكام كبيرٍ في هذه الشريعة، فهما يضمنان ألا نجد إنسانا يُكلَّفُ بشيء يؤذيه، وهذا ينطبق على جميع شرائع الإسلام.

إنّ الاعتراض على الصيام في هذا العصر هو بحدِّ ذاته مفارقة كبيرة تدلّ على حكمة هذه الفريضة، وعلى ما يمكن أن يفعله الانغماس في الشهوات بلا ضوابط بالإنسان؛ فلم يَعْلُ صوتُ هذه الاعتراضات إلا في عصرنا هذا، عصرِ وسائل التقنية والتكييف والطعام الجاهز، ومع ذلك هناك من يتحدث عن صعوبة الصيام بل “استحالته”! أي أنّ الاعتراض نفسه يدلّ على الخلل الذي جاء الصيام لضبطه وإصلاحه في النفس الإنسانية، وذلك حين تستسلم لحياة الدَّعة والاستهلاك والشهوات، فيُصبح صيام النهار مستحيلًا عليها حتى مع توفر كل وسائل الراحة!

إنّ “مشاكل الصيام” التي تُطرح أحيانًا هي في الواقع مشاكل هذا العصر، ومشاكل هذه الحضارة، بل هي مشكلة الإنسان حين تتضخّم ذاتُه وتصبح شهواتُ الدنيا هي محور حياته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى