بينى وبينكم 2010 الحلقة الثالثة عشر تساؤلات الجيل الجديد ج 3
تساؤلات الجيل الجديد ج3 – علم الغيب
يقال: إن أهل الإيمان لا يمكن الوصول معهم إلى نتيجة!!…لماذا؟
قيل: لأنهم أناس غيبيون!! أي يؤمنون بعالم الغيب، والغيبية، والغيبيون سبب تخلف الأمة، والغيب فكر لا عقلي، ولا علمي، بل هو فكر يقفز على المقدمات العلمية!
عندما يقال للمؤمن بالغيب: إنك غيبي، فإنه وصف له بالانتقاص، وأن لا يفهم، وأنه مسكين، وأن لديه من التفكير الذي تقادم عليه الزمن، وتآكل، واستنفذ أغراضه!!
والنقاش والحوار مع الغيبي لا يجدي؛ لأن لديه مسلمات غيبية غير قابلة للجدل، أو التفاوض عليها.
تلك هي فكرة البعض، ولا أريد أن أقول الكثيرين عن أهل الدين، والمؤمنين بالغيب! ولكننا نقول لأمثال هؤلاء: ومن قال لكم إن الفكر الغيبي ليس علمياً؟!
وما هو مفهوم العلم عندكم؟!
سوف أثبت لك أيها المتكلم أنك تغرق على مدار يومك كله في غيبيات ماضية، وآنية، ومستقبلية!! كيف؟!
في البداية نحن نعلم أن هناك وجوداً، وهذا الوجود ينقسم إلى وجود مشهود، ووجود غيبي، فالوجود المشهود، أو عالم الشهادة: هو كل ما يقع تحت الحواس، من مرئي، أو مسموع، أو ذوقي، أو مشموم، أو ملموس… الخ.
أما عالم الغيب: فهو كل ما لا تدركه، أو يدخل تحت الحواس.
المنهج الغربي في عصر النهضة، وما بعدها فُتِن بالعلم التجريبي، ومن ثم أصبح لا يؤمن إلا بالعلم المحسوس، والمشاهد، وما يدخل تحت المجهر، وما يخضع للتليسكوب، وما عدا ذلك فهي غيبيات لا يؤمن بها! وبناءً على هذا المنهج فلا إيمان بالله، ولا بملائكته، ولا بكتبه، ولا برسله، ولا بما يترتب على هذا الإيمان، من قضايا أخرى، سواءً كانت أصولاً أو فروعاً!! فهو نسف لقضية العقائد في عدم الإيمان بالغيب.
ولكن هذا الطرح غير منطقي، ولا علمي، ولا شرعي، وقائله ينادي على نفسه، وعقله بالاستهجان!!
ولن أذهب بعيداً في كلامي، بل سأختصر القول بسؤال بسيط لكل عاقل، غير مجادل، أو مكابر، فأقول:
لماذا ﻻ نشاهد كثيراً من الموجودات التي نؤمن بها يقيناً؟!!
الجواب:
أولاً: لدقتها، وتناهيها في الصغر.
ثانياً: لابتعادها عن مجال العين، وقدرة العين، وطاقة العين، والمساحة التي خلقها الله لهذه الملكة، فهي لا ترى بالعين المجردة.
ثالثاً: لا نشاهدها ليس لأنها دقيقة جداً؛ وإنما لطبيعتها المادية الخاصة، كالذبذبات، والكهرباء، فنحن ﻻ نشاهد الكهرباء، ولكننا على يقين من وجودها! كيف عرفنا ذلك؟!
الجواب: بآثارها. فنحن نعلم بانقطاع الكهرباء من خلال انطفاء الأضواء، وتوقف الأجهزة الكهربائية عن العمل، وغيرها.
كذلك لو أتينا بقطعتين من الحديد، إحداها مليئة بشحنة ممغنطة، والأخرى عادية، فأنت بالحس المباشر، والبصر، واللمس كذلك لن تستطيع معرفة أيهما الممغنطة، ولكن عندما تأتي بمعدن، وتضعه بجوارهما، فسوف ينجذب المعدن للقطعة المغنطة، ولا ينجذب للأخرى، فعندها تميز بينهما عن طريق الأثر.
ولذلك أقول:
هناك أشياء ذواتها ثابتة، وآثارها ثابتة، فهذه وسيلة اليقين فيها هو الحس.
وهنالك أشياء ذواتها غائبة، وآثارها ثابتة، فهذه وسيلة المعرفة فيها هو العقل. كمن يمشي في الصحراء، فرأى خطاً لمسير سيارة، فيقول: لا بد أن سيارة مرّت من هنا! كيف عرف، مع أنه لا توجد سيارة في تلك اللحظة؟! بآثارها، فأثر السيارة دلّ على العين الغائبة، فغابت عينها، وثبتت آثرها.
وهنالك أشياء ذواتها غائبة، وآثارها غائبة، ووسيلة المعرفة فيها هو الخبر الصادق.
وقصة الخبر هذا قصة طويلة، فلو ذهبت تتأمل، لوجدت أن ثلاثة أرباع معلوماتك أخبار!
إما عن الماضي السحيق، الذي ليس بيننا وبينه جسور حسية، أو الحاضر، أو المستقبل القريب الذي سوف يأتي.
علماء التاريخ ما وضعوا علم التاريخ، إلا لأنه يقوم على الغيب، ولكن جاء لكي يستكشف هذا الغيب الماضي، وإلا فالذي يقول: أنا ﻻ أؤمن إلا بالمحسوس، أو المشاهد، نقول له: إنك سوف تُضحك الناس عليك، ولو كنتَ أكبر ملحد، أو أكبر دكتور، أو بروفيسور!! لماذا؟!
أسألك سؤالاً سهلاً: هل تعرف أرسطو، أو أفلاطون، أو سقراط؟! وهؤلاء كانوا قبل مئات السنين قبل الميلاد.
فلو قال: هذه كلها أكاذيب!! فهنا لن يصدقك أحد، وسوف تهتز معلوماتك، وعلميّتك، وشخصيتك، لأنك أنكرتَ شيئاً أصبح كالمقطوع به.
ولو قيل لهذا المنكِر: هل تؤمن بوجود الإمام أبي حامد الغزالي، صاحب كتاب تهافت الفلاسفة، الذي توفي سنة 505 هجرياً؟!
أو ابن رشد المتوفى سنة 595 هجرية، أو الإمام فخر الدين الرازي، المتوفى سنة 606 هجرية؟ أو صلاح الدين الأيوبي، أو غيرهم؟!!
هل تؤمن بالدولة الأموية ، أو الدولة العباسية، أو الدولة الفاطمية، أو الدولة الإخشيدية؟! هل عاصرت هذه الدول؟ أو عرفت أهلها ؟ هل بينك وبينهم نسب؟ إن مئات السنين والأحقاب تفصلك عنها، فكيف تؤمن بها؟!
لا شك أن الجواب عن ذلك كله بالقول: أن هناك علماً اسمه علم الخبر الصادق، وعلم المرويات، وعلم الدراية والرواية، وهو علم كبير، وعظيم.
ومن عبقرية الحضارة الإسلامية أنها لديها ما يعرف بعلم الجرح والتعديل، الذي تفردت به عن باقي الحضارات، واسالوا المستشرقين قبل أن تسألوا حضارتنا عن ذلك.
إذن ليست وسيلة العلم بتلك الأمور الحس، ولا العقل كذلك، وإنما الخبر الصادق، وعلم التاريخ كله يقوم عليه.
فلو قال لك قائل: ما اسم جدك السابع مثلاً أو الثامن؟ فتقول: أنا أحفظ اسمي إلى الجد العاشر! فأنا فلان ابن فلان ابن فلان ابن فلان، إلى الجد العاشر.
فتقول له: وهل رأيتَ جدك العاشر؟! وكم بينك وبينه؟ هذه كلها أكاذيب!!
فنقول له: إن كلام المعترض عليك خطأ يقيناً؛ لأن هناك شجرة نسب، وتسلسل في المعرفة، والرواية، وهذا خبر صادق، لا يجحده إلا جاهل.
ولذلك نقول: إن منهج إثبات الغيب منهج علمي، كيف ذلك؟
نقول: من خلال الأمثلة.
الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، في كتابه: (من المسؤول عن تخلف المسلمين)، بحث فصلاً في الغيب والغيبية، وذكر بعض هذه الأمثلة:
- نشرة الأرصاد الجوية: ذكرت أن إعصاراً قادماً على المنطقة، ونريد منكم أخذ الاحتياطات، والإجراءات الاحترازية، وسوف نقوم بنقل المواطنين الذين يسكنون في أماكن الخطر، إلى أماكن آمنة!!
فهل نؤمن بذلك، ونصدقه، ونعمل بتعليمات الدولة، ونأخذ الاحتياطات اللازمة لهذه الكارثة، أم نقول إن هذا الكلام كذب، وادعاء لمعرفة علم الغيب؟!!!
لا شك أن كل عاقل يفعل الأول، مع أن الأمر لم يقع بعدُ، ولكنه خبر صادق، وأما قائل غير ذلك فليبحث عن عقله!
- سمعتَ من مصادر رسمية موثوقة، معلنة في البلد، عبر أجهزة رسمية: أن المسؤولين بوزارة الكهرباء قالوا: إننا سنقوم بقطع الكهرباء قطعاً مبرمجاً عن المناطق الفلانية، في اليوم الفلاني، بسبب أحمال الكهرباء الزائدة، وكنتَ أنت أحد أبناء تلك المناطق المذكورة، وقرأتَ الخبر في الصحافة كذلك، فماذا ستفعل؟!
لا شك أنك ستقوم بإجراءات معينة، تلافياً لهذا الظرف.
ولكن السؤال: كيف تتخذ إجراءات لقضية غيبية لم تحدث بعدُ؟! ولماذا آمنتَ بالغيب؟! لأنه خبر صادق!
- أعلن علماء الفلك عن خسوف جزئي للقمر، يحدث في يوم كذا، فماذا تصنع؟!
هل تصدقهم، أم لا؟ لا شك أنك تصدق، بل وتستعد لصلاة الخسوف.
- كنتَ جالساً عند طبيب، فامتدت يدك لشرب الماء من كأس موضوع عنده. فقال لك: لا تفعل! فهذا كأس ملوث، وفيه بعض الجراثيم. فهل ستصدق الطبيب، وترفع يدك عن الكأس، أم أنك ستكابر، وتشرب منه؟! كل عاقل سيفعل الأول. لماذا؟! باختصار شديد: لأنه خبر صادق.
والسؤال الآن لكل الأمثلة التي ذكرت: كيف آمنت بهذه الأمور الغيبية؟ وما هي القاعدة التي انطلقتَ منها في هذه القضايا الغيبية، فصدقتها، وبنيت عليها إجراءات؟ وهذه الإجراءات يقوم بها المؤمن والملحد على السواء!
،في هذه المواقف أنت تتخذ إجراء عملياً، مع أن الخبر غيبي، ولم يقع بعدُ، وهو في المستقبل القريب أو البعيد. لماذا؟
لأنك وصلتَ إلى قناعة يقينية بحدوث ذلك، هذه القناعة، والطمأنينة لسببين:
الأول: يقينك بالمصدر، وأنه مصدر ثقة.
الثاني: صدق الخبر، أو النقلة.
فإذا جاء اليقين بالمصدر، وصدق المخبر، تولد الإيمان بالغيب، بمعنى ما الذي دفعك لأخذ أهلك، والخروج بهم، في اليوم الذي سوف تقطع فيه الكهرباء عن بيتك؟!
لأنك على يقين أن الذي صرح بخبر قطع الكهرباء هي وزارة الكهرباء، وأن وزير الكهرباء، أو مندوبه خرج في التليفزيون، وذكر في النشرة الرسمية الحكومية هذه المعلومات، فأنت مستيقن من هذا الخبر، لأن صاحبه ذو شأن وثقة، ثم إن الجهة التي نقلته، سواءً الصحافة اليومية، أو التليفزيون الحكومي، هي جهة صادقة، لا تكذب على المواطنين، فهناك ثقة في المصدر، وصدق في المخبِر، وهذا يساوي الخبر اليقيني، الذي جعلني أبني عليه الإجراء العملي الذي اتخذتُه.
وقس على هذه المسألة كل الشواهد التي نعيشها في حياتنا اليومية.
إذن نحن جميعاً نؤمن بقضية الغيب.
وكما يقال: أزيدكم من الشعر بيتاً: فما رأيكم أن أثبت لكم أن ملاحدة، وزنادقة، وعلمانيين، يؤمنون ليس بالغيب الآتي فقط، وإنما بالغيب الماضي، السحيق!!
هؤلاء يدرسون في المدارس نظرية دارون، وهي من أشهر النظريات في تطور الإنسان، هذه النظرية تقوم على أن الإنسان والقرد من سلف واحد، وأصل مشترك!! بل هناك أقوال تروى عن دارون-كما يقول ذلك صديقه هكسلي- أنه صرح له بأن أصل الإنسان قرد!!
وهناك من يؤمن بهذه النظرية الآن، وهي قضية غيبية، تفسر أمراً حدث من آلاف السنين، فهل كنتَ أنت مع القردة؟ وهل حضرت التحولات التي حصلت؟
أنت آمنتَ بنظرية دارون وذكائه، وعبقريته، وبأنه عالم، فسلمتَ بعلمه، وأنت لستَ مختصاً في هذه المسألة، وقد لا تفهم كتاب دارون، ولا غيره، ومع ذلك آمنت به!! فلماذا؟!
الجواب: لأنك انطلقت من مسلَّمة، هي ثقتك بعلم دارون، وحدثه، وقواعده، بالرغم أن هناك اعتراضات، وإشكالات كثيرة جدًّا على نظريته، لم يستطع يحلها.
كذلك: نظرية الانفجار الأعظم، فيقال: قبل ملايين الملايين السنين، كان الكون كله مضغوطاً، ومدمجاً في تلك الذرة المتناهية في الكثافة، ثم انفجرت في لحظة ما، فجاء هذا الكون!
نظرية تدرّس على أنها أقرب النظريات للحقيقة، والسؤال: كيف تؤمن بهذه الغيبية؟!
جلال أمين، هذا الرجل العالم، تكلم في كتبه عن مطلقات وغيبيات العلمانيين والماديين، وقضية أن العلم سوف يحل مشاكل الدنيا كلها، وأنه لن تبقى قضية، إلا ويأتي لها بالحل! هذه الأحلام التي كان يعيشها الإنسان العلمي في عصر ما بعد النهضة، أليست قضية غيبية؟!
الاشتراكية العلمية أليست قضية غيبية؟
النهايات الشيوعية أليست قضية غيبية؟
الدكتور عبد الوهاب المسيري عندما تكلم عن علم الفيزياء، قال: إلى جانب كل هذا، أدركتُ أن كثيراً مما يسمى القوانين العلمية، هي في واقع الأمر مقولات فلسفية قبلية!- أي غيبية، ومسلَّمات-، ومنطلقات غير مادية قبلية، يؤمن بها العالم، وعلاقتها بعالم التجربة العلمية، إما واهية، وإما منعدمة!
فعلى سبيل المثال: إن قال أحد العلماء إن العالَم خلق مصادفة، كما يقول الملاحدة، فإنه يؤكد إيمانه بتلك الحقيقة، أو إخفاقه في التوصل إلى فهم حقيقة أصل الكون، لأن المصادفة هروب، لأن المصادفة غيب، لأن المصادفة تعويل على مجهول على ملايين السنين، للخروج من مأزق فكري!
وحين يتحدث عالم آخر عن المادة ذاتية التحريك، أي أن حركتها من داخلها، حركة ميكانيكية، فهو هنا يسمي شيئاً لم يفهم كنهه، وفي كلا الحالتين فإن العالِمَين قد انطلقا من مقولات فلسفية غيبية، تسبق عملية تجريب.
إذن الكل يغرق في الغيب، ولكن الإشكالية في ذلك هي إدانة الغيب المؤمن، والتسليم بالغيب الملحد!!! فلماذا هذا التفريق، والتحيّز؟!
عباس محمود العقاد الذي بدأ شكاكاً، ثم ألحد، وانتقد القرآن الكريم، ثم بعد ذلك عاد يدافع عن القرآن، وعن الإسلام، ففي كتاب: كانت لنا أيام في صالون العقاد، لأشهر تلاميذ العقاد، وهو أنيس منصور، تحت عنوان: لست سعيداً وأنت السبب! أنهم عندما كانوا يزورون العقاد، يبدأ العقاد بسؤالهم: أيّكم الملحد؟ فقال فلان: أنا. فسأل: وأيّكم الوجودي؟ فقلتُ-أي أنيس منصور-: أنا. فقال العقاد: والأخت؟ قالوا: هذه تتبنى البوذية والهندوسية! قال: وأين البهائي؟ فقالوا: ذهب للمعبد! وهذا كله قبل أن يبدأ الحوار، ثم بدأ الحوار الساخن، إلى أن وصل إلى ذلك الشيوعي الملحد، فهاجم الفتاة البوذية هجوماً شرساً، فالتفتَ إليه العقاد، وواجهه بمواجهة قوية، وقال له: إنه لا يمكن أن يوجد إنسان بغير دين! فالإنسان حيوان متدين، أو هو حيوان مؤمن! بل حتى الشيوعي حيوان متدين، ومؤمن؛ لأنك تدافع عن المقدسات الشيوعية، كأي إنسان يدافع عن دينه، فكما أن للمسلمين قبلة، وهي الكعبة، فللشيوعيين الكرملين في موسكو! وكما أن للمسلمين قرآناً، فللشيوعيين كتاب: رأس المال لكارل ماركس، أو البيان الشيوعي! وكما للمسلمين نبياً، فللشيوعيين ماركس ولينين! وكما أن للمسلمين قيامة، وحساباً، وجنات تجري من تحتها الأنهار، فكذلك للشيوعيين نهاية للتاريخ، وعند هذه النهاية لا يكون حاكم، ولا محكوم، ولا غني، ولا فقير، وإنما حياة تتوقف فيها الحركة، وينتهي فيها الصراع بين الطبقات، وتكون الشعوب إنسانية واحدة! الخ.
وصدق العقاد، فهذه أمثلة قوية، تلجم كل متفلسف، يدعي العلمية، والحضارة، والتقدم.
فإن قال قائل: إن إجاباتكم أيها الغيبيون غير علمية! قلنا: كيف؟!
فيقول: عندما نسأل: لماذا السماء زرقاء؟ فالمؤمن يقول: زرقاء، لأن الله سبحانه وتعالى خلقها زرقاء، أما العالم، والعلماني: فيقول: هي زرقاء لسبب علمي.
دعونا نرى هل هذا الجواب صحيح، أم خطأ!
هذا كتاب حائز على جائزة الكويت للتقدم العلمي، يتحدث عن جينات النوع البشري، لما تتكلم عن السماء، لماذا هي زرقاء؟ قال: الجواب الأول: لون السماء أزرق بسبب اعتماد تبعث الريالات على طول الموجه.
الجواب الثاني: لأن الله سبحانه وتعالى خلقها زرقاء!
هل هناك تناقض بين الإجابتين؟
قال: ﻻ يوجد تناقض؛ لأنها زرقاء قبل أن تكتشف الريالات وطول الموجة، وزرقاء بعد أن اكتشف، فهكذا خلقها الله تعالى بنظام معين، اكتشفته أنت، والله خلق النظام بأسباب ومسببات!
جاء ملحد للأمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فقال له: يا إمام؛ هل رأيتَ ربك؟
فقال: سبحان ربي، ﻻ تدركه الأبصار، ولا تحويه الأقطار، ولا يؤثر فيه الليل، ولا النهار، وهو الواحد القهار.
فقال: يا إمام؛ هل لمستَ ربك؟ هل ذقتَ ربك؟ هل شممتَ ربك؟ هل سمعتَ ربك؟!
فقال: سبحان ربي، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير.
فقال: يا إمام؛ إذا لم تكن رأيته، ولا سمعته، ولا شممته، ولا ذقته، فمن أين تثبت أن ربك موجود؟!!
فقال الإمام: يا ملحد؛ هل رأيتَ عقلك؟
قال: ﻻ.
فقال الإمام: هل شممتَ عقلك؟
قال الملحد: ﻻ.
فقال الإمام: هل ذقتَ عقلك؟ هل لمستَ عقلك ؟
وهو يقول: ﻻ.
فقال الإمام: أعاقل أنت أم مجنون؟!!
قال: أنا عاقل.
قال: وأين عقلك؟
قال: موجود.
قال: وكذلك الله جل جلاله موجود.
ذات مرة كان رائد فضاء، وجراح دماغ، روسيان يتناقشان، فقال رائد الفضاء: لقد صعدتُ إلى الفضاء أكثر من مرة، ولم أرَ إلهاً، ولا ملائكة، ولا جنة، ولا ناراً!
فقال له صديقه الجراح: وأنا أيضاً شرّحتُ أدمغة كثيرة، ولكنني لم أرَ فيها أفكاراً، ولا عقلاً!
فبُهت رائد الفضاء.
إذن كلنا يؤمن بالغيب، ولكن؛ إما أن تكون غيبياً ملحداً، وإما أن تكون غيبياً مؤمناً!!!