بينى وبينكم 2011 الحلقة الرابعة والعشرون معاناة المراة التونسية
معاناة المرأة التونسية
عند الحديث عن الثورة التونسية أجد نفسي مضطراً شئت أم أبيت للحديث عن الدور الريادي، والموقف البطولي للمرأة التونسية فيها.
لقد وجدنا صدق تحقق المثل القائل: المرأة نصف المجتمع، في هذه الثورة، فهي نصفه، إن لم تكن أكثر من ذلك، حقيقة لا مجازاً، وفعلاً لا قولاً، فحسب، بل إنني لا أبالغ إن قلت: لولاها لما نجحت الثورة، ولا نجح غيرها من المشاريع.
ولكي يعلم القارئ الكريم صدق ما أقول، كان لا بد لي من إلقاء الضوء على هذه المسألة المهمة، وذلك بلقاء مباشر مع إحدى الأخوات الفاضلات، ممن عانى، وصبر، وصابر، وتحمل، وجاهد في سبيل دينها، وعزتها، وكرامتها، وشرفها، وحجابها، وعفتها، حتى أخرجت لنا هي وغيرها من الشريفات العفيفات هذا الجيل المسلم الموحد، الذي رفض الذل والخنوع، وتمرد على الطغيان والظلم، وخرج مطالباً بحريته، وكرامته، وحقوقه المشروعة، حتى استطاع أن يكسر أنفة الجبروت، ويرغم أنف الطغاة.
إنها الأستاذة والأخت الفاضلة: آمال العمري.
التقيتُ بهذه السيدة الفاضلة عند سفري إلى تونس الخضراء، بعد ثورة العزة والكرامة، وأجريتُ معها لقاء كانت محاوره تدور حول معاناة المسلمة التونسية، وصبرها على المبدأ…
عن الجهاد بالثبات على العقيدة…
عن الإسلام العملي، وليس الإسلام المثالي، أو النظري، أو الشكلي…
عن صبر الناس في هذا البلد… وكم عانوا؟
عن الإشراقات… وما أدت إليه من ثمرات؟
بدأتُ حواري مع هذه الأخت الفاضلة بقولي:
أخت آمال أنت كأخت، وأم، نشأتِ منذ الصغر على الحجاب في هذا البلد الذي بدلاً من أن يخدم الناس بعد استقلاله، جاء ليفرض عليهم أجندة غربية قاسية، بعيدة عن دينهم، وعاداتهم، وتقاليدهم…
ابتداءً كيف بدأت المعاناة؟
فقالت:
معاناة المرأة المسلمة في تونس تبدأ أولاً، وأساساً من البرامج التعليمية التي تتلقاها، والتي تهمشها عن مصادرها، وعن مرجعيتها الدينية، ويوم أن تقرر المرأة المسلمة أن تلتزم بحجابها وهو رمز للمشروع الإسلامي ككل تبدأ المعاناة، وتبدأ الاستفزازات، وتبدأ المقاومة بداية مع الأهل!! فالأهل هم الذين يقاومون، ويعاندون، ويتصدون بصفة شرسة أحياناً، وقوية جداً؛ خوفاً منهم على مآل هذه الفتاة أو البنت؛ فهم أكبر سنًّا، وأكثر تجربة، ويعرفون ما ينتظر هذا الالتزام، ويعرفون مآل هذا الالتزام، فهم يفعلون ذلك حماية للبنت، وخوفاً من النظام، ومن المجتمع بكل أطيافه.
فأول ما تخرج البنت تلتقطها المدرسة، وفي المدرسة هناك الاستفزاز المستمر من الصديقات؛ لأن الغالبية الساحقة من الصديقات لا يتبنون هذا الفكر، وهذا المشروع، أعني الالتزام الديني، فتحدث السخرية من الصديقات، ثم الاستفزاز المتواصل من طرف الأساتذة!
ففي المرحلة الثانوية كنا نستهدف من طرف أساتذة الفلسفة خاصة، فكان أستاذي في الثانوية العامة يستهدفني بالذات؛ لأنني كنت المحجبة الوحيدة في القسم، وكان يقايضني بطريقة بشعة مهينة! فكثيراً ما كان يقول لي: إذا أردتِ أن أجيبك على هذا السؤال فاخلعي هذا الغطاء عن رأسك!! لأنه يصنع لك حاجزاً على الأذن، فارفعي هذا الحجاب حتى تسمعي، فأنت صماء الآن! ثم هذا الحجاب يطوق عقلك، فلا تستطيعين فهم درس الفلسفة، الفلسفة التي تريد من العقل أن ينطلق، وتريد من الفكر أن يحلق!!
وكأنني بالنسبة له أطوق وأحدّ من فكري، وتفكيري، وأنني أسجن آرائي، وأسجن ذاتي، وكياني.
قلتُ:
إذا كان هذا مستوى أستاذ الفلسفة فكيف بغيره؟
هذا في مرحلة الثانوية، ولكن ماذا عن المراحل المتقدمة؟
فقالت:
بعد الثانوية العامة دخلت الجامعة، والتحقت بكلية الحقوق، وكلية الحقوق في الثمانينات كانت وكراً للعلمانيين، بل كان بناؤها عبارة عن تبرع من فرنسا! وكانت فرنسا تدعم الكلية ليس مالياً، وإنما أساتذة، كتباً.
وكان مقرراً في المادة أن التشريع الإسلامي مصدر من مصادر القانون التونسي، فكان الأساتذة يستفزوننا في مشاعرنا، وبطبيعة الحال ليس من حقنا الرد؛ لأنه أستاذك المحاضر!!
فمثلاً: عندما يتحدث عن المشروع الإسلامي، كان يقول: هذا المشروع الظلامي!! فأستاذك يستفزك في مشاعرك، ويجد تجاوباً من العلمانيين، واليساريين، بل إن كثيراً من الأساتذة كانوا يرفضون تدريس محور التشريع الإسلامي!! فيتقاذفون طلبتهم، فكنا أحياناً نجتمع بأعداد غفيرة عند أحد الأساتذة، ممن لا يعرف شيئاً عن هذه المادة خاصة، ولا يستطيع أن يقدمها إلا بصفة مجردة من كل معانيها، ومقزمة، ومهمشة.
قلتُ:
حدثينا عن أستاذ شريعة في علم الحديث الذي كان يدعو إلى خلع الحجاب!!
فقالت:
نعم، هذه إحدى المآسي التي عشناها، فكان هذا الأستاذ يستغل نفوذه، ويقتحم قاعة الامتحان لضبط الفتيات المحجبات، وتخييرهن بين مواصلة الامتحان أو الانصراف!! فإما أن تواصل فتخلع حجابها، وإلا تنصرف، وهي ثابتة على دينها!!
قلتُ:
هل أستطيع أن أقول: إن هذا الدكتور المتخصص في الحديث متخرج من السوربون، وبالتالي هو علماني؟
فقالت:
بلا شك أنه يدرج في صف المنافقين، وقد شهدت صفوف المدارس، والكليات، والجامعات، عدداً كبيراً من هؤلاء.
قلتُ:
والآن بعد هذه الثورة المجيدة أين هذا المدرس؟ وهل ما زال يدرس للطالبات، ويأمرهن بعدم الحجاب؟
فقالت:
هو أستاذ في جامعة الزيتونة في المعهد العالي لأصول الدين، وقد تنفس الطلبة الصعداء بعد هذه الثورة، فهبّوا في صيحة واحدة: ارحل، فرحل.
قلتُ:
سمعنا أن الشرطة السياسية كانت تؤذيكن في الشوارع، فهل هذا صحيح؟
فقالت:
نعم، صحيح، فكنت أشعر بالرعب عند خروجي من المنزل! فهناك ترويع دائم، ومستمر، فالمرأة المسلمة قبل خروجها من البيت تراجع نفسها ألف مرة، ومرة، من أي شارع ستمر؟ وبمن ستلتقي؟ ومن ستقابل؟ وكيف ستدخل؟ وإن كانت تنوي الذهاب إلى قضاء بعض شؤونها الإدارية في مؤسسة من المؤسسات الإدارية، فإنها تراجع نفسها أكثر من مرة؛ لأنها ممنوعة من الدخول، فأنا كمواطنة محجبة ليس لي الحق أن أستخرج هوية!! ولا أن أستخرج أي وثيقة إدارية تخصني!!
ذهبت مرة إلى وزارة التعليم العالي لسحب وثيقة، وكان الأخ الحاجب رجلاً فاضلاً، فسألته عن المسؤول، فقال لي: نعم هو موجود في الطابق الرابع، فقدمت له الهوية للسماح لي بالدخول، فقال لي: لا أنت عندك مانع! ما هو المانع؟ فقال: لا بد أن تخلعي الحجاب، فأنت ممنوعة بسبب هذا الحجاب.
قلتُ:
وما هي قصة مع المخافر؟
فقالت:
وهل توجد تونسية مسلمة تثبت على دينها ليس لها تاريخ مع المخافر؟!
أحد المرات جاء أحد رجال المباحث يطلب من زوجي حضوري، وكان الذي فتح باب المنزل ابني، فاستبطأته، فأردت أن أعرف من الذي جاء، وأستفسر عن الأمر، فلما نظرت لمحني رجل المباحث فعاد إلى المخفر، وأرسل لي استدعاء، للحضور حالاً لدى فرقة الإرشاد!
قلتُ:
ولماذا؟
فقالت:
في فترة معينة واتقاءً لشر رجال المباحث، وحتى لا تهان كرامة المرأة، كنا لا نخرج إلا لحاجة شديدة، فعندما ذهبت إليهم، كنت مرتدية اللباس التقليدي التونسي، وهو عبارة عن لحاف أبيض يستر كامل البدن، وهو لباس تقليدي لا يمنع منه القانون، فقال الشرطي لرئيسه أمامي: تهمة هذه المرأة أنها ترتدي حجابها في البيت! وقد رأيتها من فتحة الباب ترتدي حجابها في البيت!!
وقد تكرر معي هذا الموقف مرة أخرى، فقاموا بإخراجي من البيت، وترك ابني الصغير في الشارع، وأخذي إلى المخفر، ثم قال لرئيسه: إنها لا تزال مصرة على ارتداء الحجاب في البيت!!
قلتُ:
هذا يعني أنه توجد مراقبة في الحارة؟
فقالت:
مراقبة لصيقة.
قلتُ:
وأين هو النظام الدولي؟ وهو يعلم بهذا الظلم، وهذا التنكيل، وهذا التعذيب، أين هي حقوق الإنسان التي ينادون بها؟
فقالت:
بعض المؤسسات ممنوعة من النشاط داخل تونس، ولكن صيت البوليس السياسي بين ظفرين إنجازاته التي يتبجح بها هو بلغ الجميع، ولكن فخره يقول: نحن استطعنا أن نقمع أو نؤخر الحركة الإسلامية في تونس، وأن نقمع الإسلام في تونس، ونؤخره، نحن نعلم أننا لن نقضي على الإسلام، ولن نستطيع ذلك، لكننا سنأخره!!
قلتُ:
سمعنا قصة رجل المباحث الذي صدر فيه حكم بالسجن بعد الثورة، هذا الرجل كان يقول للغرب: أنا أشرس من كنت أعذب، وأنكل بالإسلاميين في تونس!!
فهل التقيتِ به؟
فقالت:
تم اعتقالي سنة 1992، وكان هذا الرجل من المحققين معي، وبعبارة أدق كان يوضع كصورة لإدخال الرعب في نفس الموقوف!! فكان يقول لي: نحن لا نبالي أن يعلم الجميع أننا أبدعنا في فنون التعذيب! ولا يوجد أحد بلغ مبلغ البوليس السياسي التونسي في ابتكار وابتداع أساليب التعذيب، والغرب صامت، والجميع يعلم أن مزيتنا الوحيدة أننا قمعنا الإسلاميين في تونس!!
قلتُ:
سبحان الله! يمهل ولا يهمل.
هناك قصة تترددين في ذكرها، وقد أثرت في حياتك، وآلمت قلبك، ونحن نودّ معرفتها ولو على سبيل الاختصار؛ لأن الناس تريد أن تعرف مدى الإجرام، والظلم الذي يجب أن نقف ضده، ونعاديه، أياً كان مصدره، عربياً أو أجنبياً، وسواء وقع هذا الظلم على مسلم، أو على كافر، بل حتى على ملحد!! المهم أنه إنسان، وهذا هو الشعار الذي أرفعه في حياتي: والله لأدافعن عن الإنسان البوذي عابد الوثن في بلدي، وأذهب معه إذا احتاج ضد هذا المسلم الذي يتبجح بأنه يتمثل الإسلام، هكذا يجب أن نكون، ويجب أن نصدر هذه القيم للناس جميعاً؛ ليعلموا عظمة هذا الدين وحقيقته.
فقالت:
أن يقاومك عدو مكشوف، فهذا أمر واضح ومعروف؛ ولكن أن يخترقك من الداخل، ويخترق أهلك، فتصبح الأم تتصدى لك، والأب يتصدى لك، فهذا لا يقبل، ولا يمكن تحمله، وهذه معاناة لا يدركها إلا من يعيشها.
عندما فشل والدي في إقناعي بترك الحجاب، وقد كانت المقاومة يومها شرسة من طرف النظام، ومن طرف المجتمع، فقال لي: لن أترك البوليس السياسي يدخل إلى البيت، وأخذني إلى المخفر بنفسه؛ لأن والدي كان رجلاً مناضلاً في وقت الاستعمار، ويعرف زبانية وأذناب النظام البائد، وكان يعرف نظام بورقيبة، ويعرف ما يفعلونه، فقال لي: على الأقل أقول لهم: أنا جئت بها، وبحضرتي ارفعوا عنها الحجاب، وأقنعوها!!
قلتُ:
والقضاء ألم تكن له أي حرية؟
فقالت:
أصحاب القرار كانوا كلهم من أذناب النظام السابق، فالشخص لا يتصدر لهذه المناصب، ولا يرتقي إدارياً، حتى يقدم شهادات الولاء، وكل أساليب التملق، والنفاق، والتزلف، وبيع الذمة، والدين، بل وحتى بيع الأهل!! أي أنه والعياذ بالله يخرج من آدميته، ولا أقول: من إسلامه، فهذا تحصيل حاصل.
قلتُ:
وماذا قلتِ لوالدك؟ وكيف استطعتِ إقناعه عندما قال لك: سأسلمك إلى المخفر إن لم تخلعي الحجاب، حتى لا يهتكوا حرمة بيتنا؟
فقالت:
رضيت، وذهبت معه إلى المخفر، وفي آخر لحظة عند باب المخفر، قال لي: هل ما زلتِ مصرة كل هذا الإصرار؟ قلتُ: نعم. فقال: فوجدنا المخفر يومها في حالة اكتظاظ، وصراخ، وتلاميذ، وتلميذات، فرجعنا.
قلتُ:
في أي سنة كان هذا الكلام؟
فقالت:
في سنة 1980.
قلتُ:
وماذا عن معاناة قصة السفر، والهجرة أيضاً، عندما كنتِ في حال ولادة؟
فقالت:
في الأسبوع الأول من الولادة تم اعتقال زوجي، وبقي معتقلاً لمدة شهر، فانتقلت وقتها إلى بيت الوالدة لتقوم على رعايتي، وفي أحد الأيام أردت العودة لبيتي لإحضار بعض الأغراض، ففوجئت بأن الشرطة قد استقروا في البيت، وسكنوه، ومنعوني من الدخول، فاحتلوا البيت بما فيه كاملاً!! وبدأت المضايقات، ووقع استهداف كامل للأسرة، وبقرار من العائلة كان لا بد أن نغادر تراب الجمهورية، ونخرج، ونهاجر، فغادرنا تونس؛ لكن المغادرة لم تكن هينة، ويسيرة، خرجنا من تونس إلى الجزائر براً، وكنت مع أمي، وبرفقة أبنائي، وابني الرضيع، حيث لففته على صدري، وأدخلته في ثيابي، وذلك هروباً سراً ليلاً، حتى وصلنا إلى الحدود الجزائرية، وهناك التقينا بأناس عملهم ومهمتهم التهريب ما بين الحدود التونسية والجزائرية براً، مقابل أجر مادي، وكانوا يستغلون ظروف الناس، فكنا ندفع على الفرد الواحد نفقة مقعد بالدرجة الأولى على الطائرة! فتم نقلي أنا وابني الرضيع، وكان عمره شهراً واحداً، على دراجة نارية، أما أبنائي الآخرَيْن فتم نقلهم على ظهر حمار! وكانوا هم في طريق، وأنا في طريق، فكانت مجازفة، ومخاطرة بالليل، وفي المقابل أنت لا تضمن هؤلاء المهربين، فقد يوصلونك، وقد لا يوصلونك.
وبقينا نمشي حتى وصلنا إلى منطقة معينة، فقالوا لي: إن مهمتنا تنتهي هنا، فانتظري حتى يأتيك فريق ثاني، وخلال فترة الانتظار هذه تذكرت السيدة هاجر عليها السلام، فكنت لا أسمع إلا صوت الذئاب والكلاب، وكان الجو بارداً، في شهر ديسمبر، فانتظرنا حتى جاء من يكمل المهمة معنا، فانتقلنا إلى بيت خفي في جبل، إلى أن جاءتنا سيارة قبل الفجر، فانتقلنا بكل تخفي، وكنا نموّه على الجميع، ولا نذكر الأسباب، وكان يرافقنا الصمت، والرعب، والخوف، والمصير المظلم، فأنت لا تعرف مآلك، وبقينا في الجزائر ثلاثة أشهر نتردد من بيت إلى بيت، ومن محل إلى محل؛ لأن النظام التونسي كانت له امتدادات، وأيادي، وأعين، وآذان، ومتابعة، وملاحقة، وبعد ذلك انتقلنا إلى السعودية.
قلتُ:
وهل المرأة التونسية المحجبة محاربة في رزقها؟
فقالت:
المحاربة بالرزق كان التصدي المهين للغاية، كنت أدرس مادة التربية الإسلامية، وكنت أحب أن أطبق ما ألقنه للتلاميذ، وفي يوم من الأيام وأنا داخلة إلى المدرسة الإعدادية اعترضني المدير الجهوي أي المسؤول عن المدارس في تلك المنطقة، ونظر إلى مديرة المدرسة وقال لها: إن جاءتك هذه غداً بهذا اللباس فافعلي بها ما شئتِ!! أي: افعلي بها من الإهانات ما شئتِ!!
فكان القرار الحاسم عندي أنني أخذت رخصة من التدريس دامت خمس سنوات، كنت أحرص خلالها أن أدافع عن مركزي، وعن قوتي، وقوت أبنائي.
قلتُ:
لا شك أن جهادكم طويل، وقد زال الكابوس ولله الحمد.
ما هي الرسالة التي تحبين توجيهها لمن لنسائنا، ولهؤلاء الناس الذين يعيشون في نعيم، وفي نعمة الأمن، والأمان، والدين؟
فقالت:
أتمنى أن يستفيدوا مما عانته المرأة التونسية المحجبة، وكيف أنها ثبتت على دينها، وعلى صلاتها.
فالصلاة في تونس كانت معضلة من المعضلات بالنسبة للمرأة، فلو خرجت وأدركتها صلاة عصر أو مغرب، فإنها لن تجد أين تتوضأ لتؤدي صلاتها! فهذه معاناة كبيرة، فلتثبت الأخت المسلمة، ولتعلم أن هناك أخوات لها دفعن الغالي، والنفيس، ودفعن الراحة، والاطمئنان، ودفعن المال، ودفعن كل ما في وسعهن للبقاء، وللثبات على هذا الدين العظيم، فلتنعم، ولتهنأ الأخت التي لم تعترضها هذه العقبات، والتي لا نتمنى لها ذلك.
كانت هذه آخر ما نطقت به أم عبد الرحمن من وصية تكتب بماء الذهب، علنا نستفيد من مثل هذه التجارب التي تمر علينا، ونحن في مأمن منها، فالحمد لله على نعمه العميمة، وآلائه الجسيمة، أولاً وآخراً.