التطبيع الرياضي… وانتصرت البحرين
> (لن أذهب مهما كان الثمن… صحيح انني أحلم بزيارة القدس ولكن دخولنا للمدينة باستخدام المنافذ والتصريحات الإسرائيلية يعني تطبيعاً للعلاقات مع المحتل وهذا لا يمكن ان يحصل). محمد السيد جعفر
> (فكرة زيارة القدس بهذه الطريقة لن تخدم ولن تفيد القضية الفلسطينية وأرفض العبور عبر منافذ يشرف عليها الكيان الصهيوني لأن ذلك يعني اعترافاً بها). إسماعيل عبداللطيف
> (لا أتشرف بوجود ختم أو تأشيرة إسرائيلية في جواز سفري، أريد الذهاب للقدس ذات الهوية الفلسطينية وليس التي يسعى الإسرائيليون لتهويدها، ودعم اخواننا يكون بكسر الحصار المفروض عليهم). أحمد حسان
> (الذهاب لفلسطين بهذه الطريقة أمر مشين ولا يمكن قبوله البتة، لا أتمنى لعب هذه المباراة، وان كنت قادراً على ذلك). علاء حبيل
> (لن أقبل أن ألوث جواز سفري البحريني بختم إسرائيلي ولن اقبل لقدمي ان تطأ أرضاً مغصوبة من جانب أعداء العرب والمسلمين وان أي تعامل مع الصهاينة يعتبر تطبيعاً للعلاقات معهم). محمد السيد عدنان
تلك عينة من تعليقات وردود لاعبي المنتخب البحريني لكرة القدم على الدعوة التي وجهت لهم للعب مباراة مع نظيرهم الفلسطيني في ملعب فيصل الحسيني في مدينة (القدس) حدد لها تاريخ 28 مايو المقبل.
ومما لا شك فيه ان هؤلاء اللاعبين وبرفضهم القاطع لكل الاغراءات والضغوطات لدفعهم أو استدراجهم لزيارة الأراضي المحتلة قد عبروا بصدق عن ضمير المجتمع البحريني بكل فئاته وطوائفه ومستوياته السياسية والبرلمانية والرياضية والذين اكدوا بشكل جماعي ووطني رفضهم واستيائهم ومعارضتهم الشديدة لتلبية مثل هكذا دعوات مشبوهة، وان تزينت لهم بعناوين براقة مزيفة الغرض منها اصطياد البسطاء والسذج وخداع عامة الناس.
قالوا لهم:
– لماذا تزجون بالسياسة والدين في الرياضة، وانها مجرد كرة قدم وسنلعب مع اخواننا الفلسطينيين دعماً ونصرة لقضيتهم الشائكة!!
– النية مساندة الاتحاد الفلسطيني العربي الذي يعاني كثيراً بسبب الاحتلال الصهيوني!!
– لعب المباريات الودية في فلسطين لا يدخل ضمن القرارات العربية الخاصة بمقاطعة إسرائيل، ولا يجب ان ينظر اليها على انها تطبيع رياضي!!
– اللاعبون وإدارة الفريق سيدخلون براً عبر منفذ عربي ولن تختم جوازاتهم بأختام اسرائيلية!!
وهذه الأخطر والأكثر اغراء من وجهة نظري لأن الغرض منها تسطيح مضمون الزيارة وحصرها في شكلية الاختام والمنافذ وضمان طمس الادلة والشواهد على الزيارة ان تمت، كما انها دليل آخر دافع على وجود تنسيق وتواطؤ منظم ومخطط بين سماسرة التطبيع العربي والكيان الصهيوني لتسويق وتسهيل رحلات الدخول إلى الضفة الغربية المحتلة.
قفز بهلواني فوق الحقائق يمارسه عرابو التطبيع وتسميته للأمور بغير مسمياتها وتمترس خلف شعارات الإنسانية والوطنية ونصرة الأخوة، وكأن الناس لا تعرف وان (اتخنها) مطبع لا يستطيع ان ينكر ان دخول أي (رضيع) عربي إلى الأراضي المحتلة لا بد ان يحظى بالموافقة الإسرائيلية المسبقة على دخوله، وان الطريق الذي يسلكه الداخل عبر جسر الأردن وصولاً لأي مدينة أو قرية أو (حاكورة) في فلسطين هو خاضع للشروط والسيطرة الإسرائيلية عليه، كيف لا وقوات الاحتلال وجنوده مزروعة على حوالي 600 حاجز تفتيش على امتداد طرق وشوارع ومدن وحارات الضفة الغربية، وعليه فإن التنسيق للمرور عبر هذه الطرق ليس له سوى معنى واحد صريح ألا هو (الاعتراف) بالعدو.
ثم هل جلبت لنا سياسة السخاء من التنازلات غير تشجيع الغاصب الصهيوني على الاستخفاف بنا حد (الاستهبال) وعلى مزيد من التمادي في سلب الأراضي وسحق الأرواح وتدنيس المقدسات، وفي مقدمها المسجد الأقصى، الذي يناشد ابناء امته صباح مساء نصرته وزيارته والصلاة فيه بصفتهم فاتحين محررين لا ضيوفاً مكرمين ولاعبين ومطبعين متخاذلين.
أميركا والعالم برمته مضافاً اليه يد السلام الممدودة من كل زعماء العرب وفوقه مفاوضات وتنسيق امني مع السلطة الفلسطينية مروراً بالسفارات المفتوحة من دول التطبيع العربي، كل ذلك لم (ولن) يستطيعوا تجميد بناء (كوخ) صهيوني واحد في مدينة القدس، فهل يستطيع ان يشرح لنا مؤيدوا المشاركة الرياضية والفنية وغيرها شكل وحجم الانجازات والانتصارات العظيمة التي ستحقق للشعب والقضية الفلسطينية لمجرد لعب مباراة أو غناء مطرب أو تنظيم معرض؟!
اعتدنا على سماع عبارة (الكرة أهداف) يرددها على مسامعنا المحللون والمعلقون الرياضيون، واذا كانت السذاجة السياسية العربية لم تفهم من معنى لتلك العبارة غير (هز) الشباك، فإن مكر ودهاء الخصم الإسرائيلي قد ذهب إلى معنى أبعد آخر لكلمة الهدف، فأضحى، بالنسبة له (هز) ثوابت الأمة وقيمها الوطنية وتحطيم جدار المقاطعة الشعبية ورفض الاعتراف.
موقف وطني بحريني مشرف سيسجله التاريخ بأحرف من نور لكل لاعبي منتخب البحرين لكرة القدم ولربان سفينتهم الشيخ الشاب ناصر بن حمد آل خليفة نجل ملك البحرين ورئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، وكذلك للشيخ فواز بن محمد آل خليفة رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة في البحرين على حرصه وحسه الوطني الصادق، والله أسأل ان يكون هذا الموقف البحريني بمثابة القدوة الحسنة المحفزة للآخرين من العرب ممن يخطط للايقاع بهم سياسياً ورياضياً وثقافياً وتجارياً وغيره، كي نغلق باب شيطان التطبيع ونقطع دابره.