حملت منه وهو مشلول!
بعيدا عن أجواء الصراع بجبهاته السياسية والاقتصادية والطائفية والقبلية والمناطقية وما لا نعرف من تنافس وتحاسد قبيح تسبب في احباطات عامة وسقوط رموز كانوا محترمين ردحا من الزمن… بعيدا عن هذه الادخنة المكثفة لثقافة الكراهية وتنامي نزعة الانانية اقف مع نموذجين يجليان الامل من خلال تحدي الصعاب وعدم الاستسلام للظروف القاهرة والواقع المرير.
كنا نجلس على طاولة واحدة، عبدالله الماجد مدير اللقاء وانا عند يساره ثم الشاب فهد الدعجاني المصور السعودي الفائز بالمركز الثالث بمسابقة (غوغل) العالمية للتصوير الفوتوغرافي وعن يساره اللاعب حمد العدواني البطل الاولمبي والعالمي لالعاب القوى وهو معاق الرجلين كان هذا اللقاء بترتيب رابطة طلبة جامعة الخليج مع (ركاز) اما المصور فيحتاج ان افرد له مقالة فكرية خاصة لانه زارني في المنزل وطرح معي مفاهيم عديدة في ما يتعلق برسالة الصورة وعصر الصورة واثر الصورة في الثقافة المعاصرة.
واشارتي اليوم إلى تلك الهمة العالية التي يتمتع بها حمد العدواني، كيف انتصر على الاعاقة، ولم يثنه العجز الجزئي وان كان كبيرا عن الطموح والمثابرة واعادة المحاولات حتى وصل إلى العالمية… لقد سرد قصة نجاحاته من خلال اجابته عن اسئلة الماجد وبعض استيضاحاتي لقد تعلمنا جميعا اساتذة وطلبة من تجربة هذا البطل الذي جعل شعاره التفاؤل بالخير والتوكل على الله وبذل الطاقة المتاحة والاستفادة من خبرات الاخرين واستشاراتهم.
المثل الثاني كان من العاصمة القطرية في الدوحة مساء الخميس في حديقة الحمام العامة حيث شاركت مع الداعية خالد الخلومي الذي حرك الجماهير بفتح باب المشاركة على المنصة فاجاد وأفاد… وبعد اللقاء الجماهيري…
وبعد تبادل السلام والتحيات مع الجمهور اخبروني ان شابا يمنيا معاقا يريد السلام عليك: فلما التقيته واذا به نحيف الجسم معاق اليدين والرجلين حيث يسير ويداه معكوفتان ورجلاه مائلتان يسحبهما سحبا، ولا يستطيع الكلام الا بصعوبة بالغة وصوته ضعيف للغاية وسلمني قصاصة ورقة كتب بها بالخط الاحمر المتعرج هذه السطور: «انا من أشد المعجبين ببرنامجك وبالذات برنامج (بيني وبينكم) أرجو أن يكون لك برنامج اسبوعي انت والدكتور صبري الدمرداش لانكما تقويان ايماننا… وأرجو ان تدلني من وين اقدر ألاقي حلقات (بيني وبينكم)… وسلم على الدكتور صبري لانني من أشد المعجبين فيك وفيه».
ابنك:
محمد عبده اليافعي
* أخبرني اصدقاؤه بان هذا الشاب كان من اذكى التلاميذ في المدرسة ولكن حقنة طبية خاطئة تسببت بهذه الاعاقة البالغة واخبرني اليافعي وهو يتكلم بصعوبة – انه قبل ايام رزق بمولود – فعجبت من ايمانه وصبره وقدرته على التكيف مع الواقع وطلبه لمزيد من العلم والمعرفة، مثل هؤلاء قدوة لليائسين المثقلين بالهموم المستسلمين لما هم فيه من كرب… وشخصيا فان اعجاب اليافعي وامثاله ببرامجي وبرامج الدمرداش لهو احب إليّ من كل ثناء ومجاملة… ألم نقل سابقا ان السعادة الحقة هي ادخال السرور على الآخرين… هل جربنا مداواة جروحنا بمداواة ومداراة جروح الآخرين… وفق الله الجميع لفعل الخير وحب المساكين وعون المكروبين.