الإله العاجز… هل انتهى عصر الإبداع العلمي في الحضارة الغربية؟
في عام 1996، أصدر الصحفي والكاتب الأمريكي (جون هورجان) كتابه The End Of Science، الذي بدا أنه انطوى في الزمن حتى أعادت له جائحة كورونا بريقه من جديد عام 2020، حتى أنه كان ضمن قائمة أعلى الكتب مبيعًا على أمازون الأميركية بالعام الماضي؛ وذلك لما يطرحه الكتاب بشأن نهاية الإبداع العلمي للحضارة الغربية، وعجزها عن إبهار العالم منذ أمد بعيد.
فقد رأى هورجان أن الحضارة الغربية توقفت عن تقديم أي إبداع علمي حقيقي منذ الحرب العالمية الثانية، معتبرًا أن آخر اكتشاف عظيم قدمته في علوم الفيزياء مثلًا كان نظرية الكم ونظرية النسبية لأينشتاين، أي منذ ما يقارب مئة عام! وحتى هذا الحين باستثناء اختراع الكمبيوتر، فإن الحضارة الغربية لم تقدم إلا تحسينات للمكتشفات الكبرى السابقة ليس إلا. والأمر نفسه ينطبق على الكيمياء والأحياء والطب… إلى آخره.
فكما هو معلوم، فإن أعظم إبداعات الحضارة الغربية قد انحصرت في الفترة ما بين القرن الثامن عشر وأوائل القرن العشرين، ومنذ ذلك الحين أضحت كل الأبحاث والاكتشافات مجرد تحسينات وتعديلات وخطوات صغيرة، بالمقارنة بالقفزات العلمية الكبيرة والعظيمة التي حدثت منذ 100 عام.
وبالرغم من تزايد عدد الأبحاث بشكل يومي، إلى جانب تضخم الإنتاج العلمي، إلا أن ذلك كله لم يقدم إضافة قوية لمسيرة العلم، الذي اعتبرته الحضارة الغربية إله عصرها الجديد، واستغنت به عن الدين. فلا يبدو أنه فك السحر عن العالم كما ادعت الحداثة، ولا قدم تفسيرًا لكل الغيبيات كما زعم أرباب التنوير والنهضة الأوروبية.
فهل يمكننا اعتبار حركة الركود الكبيرة في الإبداع العلمي دليلًا على محدودية الإنسان وعدم قدرته على الإحاطة بكل شيء؟ وهل يمكن لهذا الإنسان التواضع عن برجه العاجي الذي نصب نفسه إلهًا على قمته وادعى العلم بكل الأشياء؟ أم إن اغتراره وتكبره لا يعجزان وإن عجز علمه وركدت حركته؟