أكثر الناس الحلقة الثانية والعشرون ( ادمان الأفلام الاباحية ج1 )
إدمان الأفلام الإباحية ج1
ترددتُ كثيراً في الحديث عن هذا الموضوع الحساس، وقلتُ: لعله من غير المناسب طرح ذلك على الملأ، إلا أن الانفتاح العام، ووجود الأجهزة التقنية في متناول الجميع، حتى الأطفال، وسقوط جدر التداخل، والحجب، وغير ذلك….
كل هذه الأمور جعلتني أصرح به علانية، بل ربما كان من التخلف السكوت عنه، إلا أن هذا الطرح يجب أن يأخذ طابع المهنية، والدراسة الجادة، الباحثة عن الخلل، والأسباب الداعية له، ومن ثم وضع الحلول، والنتائج، بعيداً عن الفرقعات الإعلامية، والعرض الرخيص المبتذل، الذي يحرص عليه بعض من يسعى للتسويق، بقطع النظر عن المضمون، والمحتوى، والفائدة، والجدوى.
هذا الموضوع أشبه ما يكون بآفة المخدرات!! إلا أن الراصدين، والدارسين، لهذا الموضوع يقولون:
إن إدمان الأفلام الإباحية أيسر من إدمان المخدرات!!
قلنا: ماذا؟!!
قالوا: دراساتنا تقول:
أولاً: إدمان الأفلام الإباحية يمس جزءً من حاجة الإنسان التكوينية، الغريزية، البنيوية، فكل إنسان فينا لديه غريزة وشهوة، قد ركّبها الله تعالى فيه، وهو مطالب بتفريغها بالحلال، بينما المخدرات لا تخطر على بال الإنسان في الأصل، إلا إذا دعي إليها بالترغيب، أو الترهيب، أو عن طريق عصابات تخترق الإنسان من أجل المال.
ثانياً: إن هذه الأفلام الإباحية، والصور العارية، تقدم بطريقة جذابة، سينمائية، مليئة بالإثارة والخداع البصري.
ثالثاً: أنها غير مجرّمة قانونياً!!
رابعاً: أنها معروضة لمن يريد، ومن ﻻ يريد! من خلال الدخول العفوي في مواقع البحث العلمي، ومواقع التسلية، وغير ذلك.
خامساً: أنه يسهل تهريبها، وتوصيلها عن طريق رسالة خاصة، بأي وسيلة من الوسائل.
سادساً: أنها رخيصة الثمن، ولكنها باهظة النتائج المدمرة.
ولكي أكون أكثر واقعية في طرح هذا الموضوع الخطير، كان لي لقاء مع أحد أبنائنا الشباب، كانت له قصة مع هذه الجريمة، وهذه الآفة، من خلال مجموعة من الشباب الذين يحيط بهم، وهو يراهم يتساقطون واحداً تلو الآخر في هذا المستنقع المحموم!
إنه الأخ محمد حازم شريف، من جمهورية مصر العربية.
سألته في البداية:
ما سر اهتمامك بهذا الموضوع، وهذا المجال الحساس الملغوم؟
فقال: في الحقيقة أن السبب الأساسي الأول لاهتمامي بذلك هو أن واقعنا أصبح مشوّهاً جداً، فكما نعلم جميعاً أن العرض دليل على وجود المشكلة، ولذا كان لا بد من البحث عن أصل المشكلة، كي نتعرف على أسباب هذه الأعراض.
فمن هذه الأعراض التي أصبحنا نراها، ونسمع بها يومياً، مع أنها لم تكن مألوفة في مجتمعاتنا قبل ذلك، مثل: التحرش الجنسي، والمشاكل الجنسية التي تحصل بين الأزواج، كالفتور، أو شدة النشوة، وكذلك النظرة الدونية للمرأة، وبعض الأخلاقيات الغريبة، إلى غير ذلك…
فأصبح الواحد منا يتساءل: ما هو مصدر هذه المشاكل؟! وهذه الأعراض؟!
فجذبني جداً البحث في هذا الموضوع بالذات…
قلتُ: حدثنا عن تأثير هذه الأفلام، لأن أخطر ما في الأفلام هو أثرها، وهل هي عادة، أم إدمان؟ وما الفرق بين العادة والإدمان؟ لأن بعض الناس تبرمج عليها، فأصبحنا نسمع عن مدمنين لهذا الموضوع؟ نريد تفصيلاً لذلك.
فقال: في الحقيقة أن مشاهدة الأفلام الإباحية بصورتها الحالية يعتبر إدماناً، وليس عادة!!
ولكن؛ ما هي العادة؟ وما هو تكوينها؟ وما هو الفرق بين العادة والإدمان؟
هذه الأسئلة لا بد من الإجابة عليها، حتى يكون الشخص مستوعباً لهذا الموضوع، وبالتالي يحكم بنفسه على هذا الفعل.
بداية أقول: إن أي عادة في الدنيا مكونة من ثلاثة أشياء أساسية:
مؤشر، وممارسة فعل معين، ومكافأة.
فمثلاً: لو أن شخصاً استيقظ في منتصف الليل، ظناً منه أن وقت العمل قد حان، فإذا به يتيقن أن الوقت لا زال باكراً، وأن مؤشر الاستيقاظ الذي اعتاد عليه لينبهه للعمل لم يأت بعد، ألا وهو الشمس، عندها سيعود إلى فراشه.
ولذلك فأي فعل نقوم به في حياتنا، ﻻ بد له من مؤشر، يعلن بدأ ممارسة الفعل.
وعند ممارسة الفعل تكون هناك مكافأة لحظية.
فمثلاً: لو أن شخصاً من عادته أنه إذا ركب السيارة، فإنه يتصل بوالدته، ويطمئن عليها، فهذا الشخص لديه ارتباط ذهني ما بين ركوب السيارة، والاتصال على والدته، بمعنى أن ركوب السيارة أصبح مؤشراً عنده لممارسة فعل معين، وهو الاتصال على والدته، والمكافأة اللحظية التي يشعر بها أنه عمل الواجب الذي عليه!
قلتُ: بل إن هذا الأمر موجود في العبادات كذلك، كالصلاة مثلاً.
فقال: نعم، بلا شك، فحديث: (من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله).
فالأذان هو المؤشر، وبدونه يصعب عليّ معرفة وقت الصلاة.
والصلاة نفسها هي الفعل الذي أمارسه.
والمكافأة هي: الوعد بالجنة، أو الوعد بالثواب.
ولذلك أقول: لا يوجد فعل يقوم به الإنسان، وينجح في الاستمرار عليه، إلا إذا كانت له مكافأة لحظية!
بمعنى: لو أن شخصاً كانت لديه مشاكل، وهموم، فقال: سوف أتكلم مع والدي بها، وأفضفض له، لكنه عندما حاول ذلك، لم يجد اهتماماً من والده، ولم يصغ إليه!! بل قلّل من رأيه! ففي هذه الحالة لن ينجح الابن في جعل الحديث مع والده عادة! لأن والده لم ينجح في إعطائه المكافأة اللحظية، المتمثلة في حسن الاستماع.
فأي فعل مهما حجمه، لا بد له من مكافأة لحظية، حتى توّلد لدى الشخص رغبة في تكرار الفعل على المستوي البعيد.
قلتُ: وما هو الفرق بين الإدمان والعادة إذن؟
فقال: الفرق الجوهري أن العادات تعطي مكافأة لحظية معتدلة، بينما الإدمان هو أفعال مبالغ في مكافأتها اللحظية، ومع تكرارها تتولد رغبات قوية جداً لاستخدامها!
فمثلاً: لو سألنا ما الفرق بين الأكل الطبيعي، والأكل السريع؟!
الجواب: أن الأكل السريع يعطي مكافأة لحظية غير اعتيادية، حيث يقوم بعمل إثارة زائدة للمخ، وإفراز مواد كالدوبامين، وهي المادة الكيميائية المسؤولة عن شعورنا بالسعادة بكمية غير اعتيادية!!
فالشخص عندما يعتاد على تكرار هذا الفعل، وهو أكل الوجبات السريعة، فإنه يوف يعني يدمن عليه! لأنه مقارنة ببقية الأفعال الطبيعية فإنه غير اعتيادي، ولا يوجد فعل ثانٍ يعطي السعادة، أو المتعة نفسها! فالفرق بينهما جوهري.
قلتُ: نحن نريد أن تكون الأمثلة منطبقة على موضوعنا، وهو إدمان الأفلام الجنسية.
فقال: بكل تأكيد.
مثلاً: نفترض أن شخصاً أحس باكتئاب، أو بملل، ولديه كمبيوتر، وإنترنت في بيته، فدفعه هذا الملل للتفكير في عمل شيء، لم يكن يفكر به عادة، وهو الدخول لبعض مواقع النت، ومشاهدة أفلام إباحية!! وفعلاً هذا ما حدث، وقام بممارسة العادة السرية أثناء مشاهدة الأفلام الإباحية، فشعر براحة، وأحس أنه أصبح أحسن من ذي قبل! ففي هذه الحالة بدأ المخ باستيعاب أن ممارسة هذا الفعل وهو مشاهدة الأفلام الإباحية، وممارسة العادة السرية عند هذا المؤشر، وهو الملل والاكتئاب، مفيد ونافع جدًّا!! بمعنى أنه كلما أحس باكتئاب، أو ملل مارس هذا الفعل، ليجد المكافأة اللحظية السريعة، وهي الشعور بالنشوة، والراحة.
وبالتالي فإن وجود الإنترنت للأسف يسهل الاستهلاك المفرط لهذا الفعل القبيح، بخلاف لو قارنّا ذلك بزمن المجلات، وأشرطة الفيديو، فإنها لم تكن تسمح للمستخدم بهذا الاستهلاك المفرط؛ لأنها موجودة بكميات محددة، وقد يصعب الحصول عليها.
أما الإنترنت حالياً فمشكلته أنه موجود بلا حدود! فكلما أراد الشخص الدخول لعالم النت، ومشاهدة موضوعات متنوعة، ومقاطع مختلفة، فإنه سيجد ذلك بكل سهولة ويسر!!
فالإشكالية الكبيرة في ذلك: كيف يتكون الإدمان في موضوع الأفلام الإباحية؟!
أقول: إن غالب الأشخاص الذين يمارسون هذه الأفعال، يكون لديهم نقص في سعادتهم، أو لا يشعرون بالراحة والاستقرار في حياتهم، فيبتدئ الواحد منهم يجرب طريقة تسعده، أو تجلب له الراحة، والنشوة، وفي غالب الأحوال يكون ذلك في مشاهدة الأفلام الإباحية!! لأنها أسهل مخدر يمكن أن يصل للشخص، ومع تكرار الفعل يبدأ المخ يربط بين حاجته للمخدر، والمؤشر، وهو الشعور السلبي المتمثل في الاكتئاب، والملل!
ومع تكرار هذا الفعل تتكون لديه حاجة تدعى الرغبة الملِحّة، وبما أن طبيعة الأفلام الإباحية خيالية، فهي تسبب إثارة للمخ، تختلف تماماً عن العملية الجنسية الطبيعية، وللأسف فإن كثيراً من الناس يعتقدون أن الزواج سوف ينهي هذا الموضوع، ولن تكون هناك حاجة للأفلام الإباحية، وهذا خطأ!! لماذا؟! لأن الإثارة التي تتولد جراء مشاهدة الأفلام الإباحية، بكمية الصور التي يراها الشخص في لحظات، يجعلها تفرز مادة الدوبامين بكميات عالية جداً، لا تستطيع العملية الجنسية الطبيعية أن تفرز مثلها! وبالتالي يدمن هذا الشخص على تلك الأفلام التي تحقق له تلك الرغبة، والراحة؛ التي ليس لها بديل في الواقع!
قلتُ: وهذا الكلام الذي ذكرته، حدثني بفحواه الخبير الأسري الدكتور حمود القشعان، حيث أن الأفلام الجنسية خيالية، وغير واقعية، وفيها صناعة زائدة، وبالتالي يتبرمج المخ على شيء ﻻ واقعي، فإذا جاء إلى الواقع، وهو الزواج، يرتبك ويحصل لديه البرود، ومن ثم تحدث المشاكل.
ولكن في المقابل نجد الشباب ينفون هذا الأمر، ويقولون: أنتم تتحدثون عن قضية وهمية، ويقول الواحد منهم: كنتُ في شبابي مدمناً للأفلام الإباحية، ولكن بعد ذلك تزوجتُ، وهداني الله تعالى، وأقلعتُ عن هذه العادة. فما رأيك في هذا الكلام؟
فقال: سأجيبك من خلال هذا المثال الواقعي:
الدكتور فيكتور ديكلاين، متخصص في إدمان المواد الإباحية، وعالم سلوكي، ذكر قصة واقعية حدثت معه مع أحد هؤلاء الشباب مدمني مشاهدة الأفلام الإباحية، حيث حاول أن يستخدم معه أسلوب جديد في العلاج، فطلب منه مبلغ 10 آﻻف دوﻻر، وقال له: سأقوم بوضع هذا المبلغ في البنك، وهناك شرط كي تسترد هذا المبلغ، وهو أن تجلس لمدة 90 يوماً، بعيداً عن مشاهدة تلك الأفلام، أو ممارسة العادة السرية! فإذا نجحت في المهمة عاد إليك المبلغ، وإلا فسوف يكون هذا المبلغ من نصيب إحدى الجهات الخيرية!!
وكان الهدف عند الدكتور من وراء هذه التجربة، معرفة مدى تحكم الشخص في رغباته، وهل فعلاً مشاهدة هذه الأفلام من باب الإدمان، بحيث لا يستطيع الشخص تركه بسهولة كما يُظن.
فوافق الشاب على هذا الشرط، علماً أنه كان يعاني من ضائقة مالية كبيرة، وهو بحاجة إلى هذا المبلغ، وبالتالي لا بد من الضغط على نفسه قليلاً لكسب الجولة.
جلس هذا الشاب صابراً مرابطاً، محتملاً للعذاب النفسي الذي يجده لمدة 87 يوماً! وفي اليوم الـ88 كانت المفاجأة! فما الذي حدث؟!
لم يحتمل العذاب النفسي الذي يجده، ولم يستطع مقاومة تلك الرغبة الملِحّة عنده، ولم يستطع التحكم في نفسه، فانتكس، وخسر الرهان!!
فهذا مثال عملي واقعي على أن المدمن يعاني من رغبات قوية جداً، لا يمكن للشخص غير المدمن لهذا السلوك أن يستوعبها، فتلك الرغبة قد تسيطر على الشخص، وتجعله يقوم بأفعال هو غير راضي عنها تماماً.
مثال آخر: ذكرته الدكتورة ميلي اين ليدن، مع أحد هؤلاء المدمنين، ويدعى جون، حيث فوّت على نفسه فرصة عظيمة، في حصوله على وظيفة، وتدور أحداث القصة حول حصول هذا الشاب على موعد مقابلة لإحدى الوظائف، وكان سعيداً جداً بذلك.
وفي يوم المقابلة استيقظ باكراً، وجهّز نفسه استعداداً للخروج، لكنه أحس بضغط نفسي، وتوتر من رهبة المقابلة، وشعر بحاجة كبيرة جداً لذلك المخدر، وهو الأفلام الإباحية!! فجلس أمام جهاز الكمبيوتر، وغاص في عالم النت، والأفلام الإباحية، ونسي نفسه، فلم يستفق من تلك الغيبوبة إلا بعد ساعات طويلة، فنظر في ساعته، وإذا بموعد المقابلة قد فاته، فأصابته انتكاسة شديدة، وعاش في كآبة، ومرض نفسي!!
وقد يقول قائل: إن هذه أمثلة متطرفة جداً، وليس من السهل أن تجد أشخاصاً بهذا المستوى!
والجواب على ذلك: أن قائل هذا الكلام لا يعرف حقيقة مدى قوة الإدمان التي يعاني منها هؤلاء، ومن جرّب عرف.
والسؤال الآن:
لو كان ما قلتُه أمر حقيقي، وواقعي، فمتى يفكر الشخص في الإقلاع عن الإدمان؟
سوف أشبّه هذا الموضوع بالزواج!!
فلو أن شخصاً تزوج، وهو سعيد جداً في حياته الزوجية، ويشعر براحة نفسية كبيرة مع زوجته، متى يمكنه التفكير في الانفصال عنها؟!
الجواب: عندما تحدث له مصيبة في قوة المكافأة! بمعنى أن الألم الذي سوف يشعر به سيكون قوياً جداً، لدرجة أنه يجعله يفكر في اﻻنفصال.
وعلى العكس من ذلك: فلو أن شخصاً تزوج، وكانت علاقته مع زوجته هشة جداً، فمن الممكن أن ينفصل عن زوجته لأتفه الأسباب، وأيسر المشكلات.
وعليه أقول: عندما يكون الشخص مدمناً، فالعلاقة بينه وبين ذلك المخدر تكون قوية، وكلما كانت العلاقة قوية، كلما احتاج إلى ألم قوي يحفزه على حاجته لتلك المادة الإدمانية!
فهذا في الغالب هو السبب الذي يجعل معظم المدمنين لا يفكرون في التخلص من الإدمان، إلا إذا حدث مع أحدهم كارثة كبيرة في حياته، كخسارة مادية فادحة، أو فقدانه لوظيفته، أو خسارته لبيته وزوجته!
قلتُ: إذن هي ابتدأت عادة، ثم تحولت إلى إدمان، ثم أصبحت مصيبة!
ولكن لا بد أن هناك عوامل حياتية، دفعت هذا الشخص إلى إدمان هذه المواد الإباحية! فما هي هذه العوامل؟!
فقال: قرأتُ بحثاً مهماً جداً بخصوص هذا الموضوع، عنوانه: تعرّض الشباب للمواد الإباحية عن طريق الإنترنت.
وهو عبارة عن استبيان، ودراسة ميدانية قام بها كل من: جوشن بيتا، وباتي إم فاكيمبرج، في أمستردام، على شريحة مكونة من 745 شاب وشابة ألمان، من سن 13 إلى 18 سنة.
كانت خلاصة البحث: أن الشاب أو الشابة الأكثر عرضة ﻻستهلاك المواد الإباحية، تتوافر فيهم الصفات التالية:
أولاً: غالباً ما يكون ذكراً.
ثانياً: كونه يتصف بحبه للمخاطرة، والمغامرة
ثالثاً: كونه غير سعيد في حياته الزوجية، أو الأسرية.
رابعاً: قد يكون ممن يحمل عن نفسه صورة سلبية، نتيجة انتقاد والديه له بشكل مدمر!
فالشخص الذي يكون لديه استعداد لممارسة الأفعال الإدمانية، هو شخص عنده مشكلة ما؛ لأنه لو كان سعيداً في حياته، وعنده إشباع ذاتي، فلن يحتاج إلى هذه العقاقير التي يظنها تجلب له السعادة، وتملأ النقص الذي يعاني منه.
ولذلك فهو مع مرور الأيام، وكثرة تكرار ذلك الفعل، فإنه يصبح عادة له، يلجأ لها للهروب من الواقع، واﻻنفصال عنه، وليس لأجل المادة الإباحية، أو المناظر الجنسية بحد ذاتها!
قلتُ: فإذا أضفنا إلى ما سبق: قلة الوعي بالنتائج، وضعف الإرادة، وضعف الوازع الإيماني، والأخلاقي والتربوي، فإن المشكلة تكون أشد وأعظم.
فقال: بالنسبة لهذه النقطة أحب أن أبيّن أمراً مهماً جدًّا، وهو أن الغالب فيمن يقع في مشكلة إدمان المواد الإباحية، يكون قد تعرّض لها وهو طفل صغير! لأن وظائف الدماغ عند الطفل الصغير لا تكون قد نضجت بعدُ، فليس لديه القدرة على اتخاذ القرارات بشكل سليم، ورؤية العواقب، وغير ذلك، في سن 12 أو 13 سنة، حتى عشان كده لغاية دلوقت احنا عندنا فكرة 18 وما فوق ال 18، لأن الناس بتعتقد أن لما حد بيوصل للسن ده هو عقله نضج بما فيه كفايه عشان يتخذ قرارات.
فالطفل قد يكون تعرض لرؤية المواد الإباحية بعد طرق، كأن يكون والده يشاهد ذلك عن طريق الكمبيوتر، أو أنه دخل على بعض مواقع النت فهرت له تلك المواد، أو عن طريق بعض القنوات الفضائية، لأن هناك قنوات مخصصة لهذه المشاهد، وهذه المشاهد تحفز، أو توارب الباب للطفل من أنه بحاجة إلى إكمال هذه المشاهدات، فينشأ عليها.
قلتُ: ولذلك فمن فضل الله علينا وعلى الناس جميعاً أن البعض كانت عنده اعتقادات جازمة، وكان أسير أفكار فرويد من أن الإنسان يبقى أسير طفولته، وأنه لن يستطيع أن يتخلص منها!!
ولكن بحمد لله جاءت الدراسات المعاصرة، ونسفت نظرية فرويد البائسة، وطرحت نظرية اﻻختيار، وتجديد الذات من خلال الإرادة، وتحسين الوعي، واتخاذ قرارات.
بمعنى أن الإنسان يستطيع الانفكاك عن ماضيه، وينسلخ عن حوادث طفولته، بما فيها من مآسي، ونكبات، وينطلق إلى الأمام. هذه نقطة.
ونقطة أخرى أودّ الإشارة إليها، وهي ما نسمعه، أو نشاهده في بعض إعلانات مقاطع الفيديو، أو مواقع النت، التي تقول: (للكبار فقط)، أو عبارة: ( 18+)!! أي أن الفسق، والفجور خاص بالكبار فقط!! فنحن نعيش مرحلة سقوط في قضية المعيارية، ومعرفة الصواب من الخطأ.
فقال: بالتأكيد هذا كلام مهم جدًّا.
لكنني أريد أن أشير إلى نقطة عدم السعادة، التي قد تكون سبباً لإدمان مشاهدة المشاهد الإباحية، فقد يكون الأهل مشتركين في ذلك! تأكد أن الوالد لو كان يتعامل مع ابنه بطريقة عقلانية، مهذبة، مؤدبة، تحترم مشاعره، وأن هذا الابن عندما يلجأ لوالده، ليشرح له مشاكله، ومعاناته، فيستمع له والده بكل اهتمام، وإنصات، دون الانشغال بأمور جانبية كالكمبيوتر، أو التليفزيون، وهو ما نسميه بالمكافأة اللحظية، فإذا لم يجد الابن هذه المكافأة اللحظية من التواصل مع والده، أو والدته فإنه والحالة هذه سيبحث عنها من خلال علاقة غير مشروعة، أو من أي وسيلة أخرى تملأ له هذه الرغبة الملِحّة، والحاجة الضرورية. هذا أمر.
أمر آخر لا بد من لفت النظر إليه، وهو: اﻻهتمام الجنسي المبكر الذي قد يأتي عن طريق الإعلام، كالتلفاز، أو السينما، أو المجلات، أو غير ذلك، فإنها توارب الباب للشخص ليكون عنده اهتمام جنسي مبكر، وبعد ذلك يصل إلى مرحلة البحث عن ذلك بنفسه، والدخول إلى المواقع، والتنقل بينها، فالشخص الذي لديه قابلية لمشاهدة الأفلام الإباحية يكون شخصاً مهتماً بالأمور الجنسية في أول الأمر، هذا إذا لم يكن قد تعرض لها بالصدفة وهو طفل، ثم بعد ذلك يكون عنده خط إنترنت سريع، لأن من سمات الإنترنت: سهولة الوصول، وقلة التكلفة، والسرية.
فهذه العوامل تجعل المخ ﻻ يستطيع التفرقة بين الصورة والخيال، فالمخ عندما يشاهد صورة جنسية، فإنه يعتقد أن الشخص معه امرأة في وضع جنسي، فيفرز مواداً كيمائية كالدوبامين، ليحفزه على الاستمتاع بالفعل، والمشكلة في المواد الإباحية أن الشخص يشاهد أكثر من جسد، وأكثر من صورة في نفس الوقت، فيعتقد المخ أنه يشاهد أكثر من امرأة! فالإثارة التي تحصل له نتيجة تنوع هذه المشاهد تكون صناعية، لأن لا يوجد شخص في الدنيا يتزوج 30 زوجة في وقت واحد.
ولذلك فهو يعتاد على مصدر متعة صناعي، وبالتالي عندما يتزوج قد يحصل لديه فتور في العلاقة الزوجية، وقد يصل الأمر إلى مشاكل في اﻻنتصاب، بسبب أن الشخص لا يشعر بالإثارة من العملية الجنسية الطبيعية .
قلتُ: أريد التعقيب على هذه النقطة فكرياً، ومعرفياً، وهو أن هناك كتّاباً، وأسماء كبيرة من المفكرين، وأسماء ﻻمعة في الصحافة في مصر، والكويت، والخليج، والعالم العربي بشكل عام، يعترضون علينا عندما نتكلم بمثل هذا الكلام، ويقولون: لماذا تريدون أن تجعلوا وصاية على عقول الناس؟! فالشخص يستطيع التمييز، واختيار ما يناسبه، ولذا فنحن نعرض تلك المواد الجنسية، وغيرها، وهو يختار!!
فهم يطرحون مفهوم الحرية المطلقة، ومفهوم الفن، أو ما بعد الفن، ويتجاهلون كل الكلام الذي قلناه من الضعف البشري، وخصائص التركيب الإنساني، والغريزة، والفطرة، وهدفهم الوحيد هو الربح المادي الرخيص من وراء ترويج تلك المواد التي تلاقي قبولاً عند الكثيرين وللأسف.
فنحن نريد أن نعرف ما هي انعكاسات هذه السلبية في حياة هذا المدمن، ومستقبله؟! وما هي سلبيات وعواقب إدمان الأفلام الإباحية؟!
فقال: هناك نقاط كثيرة، ولكنّ أهمها ما يسمى: الفتور، فهذه المواد الإباحية لأنها صناعية، ولأنها موجودة على الإنترنت بوفرة، فإنها تقوم بعمل إثارة للمخ بشكل غير اعتيادي، مما يؤدي إلى إفراز مادة الدوبامين بكميات قوية جداً، والمفروض أن هناك مجسات، أو مستقبلات تحولها لإحساس باللذة، فإفراز الدوبامين العالي يجعل المجسات، أو المستقبلات، تضعف ويقل عددها، حتى تحمي نفسها من هجوم المادة الكيميائية! وضعف هذه المجسات يجعل الشخص يفقد القدرة على الإحساس بالمتعة من هذا الفعل، فيبقى محتاجاً إلى التصعيد، فعند ذلك يقوم بتصعيد الجرعة زيادة، للوصول إلى الحالة الشعورية من الإحساس نفسه، وهذا ما يجعل كثيراً من المدمنين عندما يتطور في المراحل الإدمانية، يبتدئ بمشاهدة على ممارسات غريبة، وشاذة، وعندما يرجع إلى وعيه فإنه يتضايق.
قلتُ: هذا كحال مدمن المخدرات تماماً! جرعة زائدة، ثم جرعة زائدة، وهكذا….
فقال: بالضبط، لأن هذه صفة إدمانية موجودة في أي إدمان، سواءً كان مخدرات، أو إدماناً سلوكياً، لأن إدمان المواد الإباحية هو إدمان سلوكي.
فهذه أول عاقبة ونتيجة سلبية لإدمان المواد الإباحية، وهي الفتور، فالشخص يجد القدرة على الإثارة من الأشياء الطبيعية، ولكنه يبقى محتاجاً إلى جرعات زائدة، ومشاهد أقوى، حتى يحس بنفس الإحساس، وهذا الأمر له انعكاسه السلبي على العلاقة الزوجية، حيث أن العملية الجنسية الطبيعية لن تشعره بالسعادة، واللذة، والنشوة التي يبحث عنها، وبالتالي تحدث المشاكل الزوجية بينه وبين زوجته، والتي ربما أدت إلى الطلاق!!
هذه أول نقطة.
أمر آخر أنطلق منه، وهو تعريف كلمة أفلام إباحية، فالمواد الإباحية: هي تصويرات لمواد جنسية، صريحة، مقصودة، لمتعة المشاهد، وليس لتعليم المشاهد!!
فأنا لا أقول لك: شاهد هذا الفيلم حتى تعرف الصواب من الخطأ! وإنما من أجل المتعة، واللذة بحد ذاتها.
وعليه أقول: إن الشخص المدمن للمواد الإباحية يثار بأي قول أو فعل يراه، مما يتعلق بالمرأة بطريق مباشر، أو غيرمباشر!!
فلو أنه كان يمشي في الشارع، ورأى وجه امرأة، أو سمع صوتها، أو تعامل مع فتاة لأي ظرف كان، أو أنها تبسمت في وجهه، أو ذلك من الحاجات الطبيعية التي ﻻ تسبب للشخص الطبيعي السوي أي استثارة، إلا أنها تعمل عملها عند ذلك المدمن!!
قلتُ: بمعنى أنه يتحول إلى حيوان هائج في الشارع؟!!
فقال: تماماً، فحاله كحال الشخص الذي لديه حساسية رد فعله مفرط. فلو أن شخصاً لديه حساسية من فاكهة معينة، فإنه عندما يتناول هذه الفاكهة يحس بأعراض معينة، فكذلك الشخص المدمن، فإن لديه إثارة، كحساسية الشخص من شيء معين.
نقطة أخرى لا بد من الإشارة إليها، وهي: ضعف الإرادة.
فأي فعل في الدنيا يقسم لأحد أمرين: إما فعل انضباط نفس، أو فعل انغماس.
الجميل في ديننا عند النظر في الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، أن كل الأوامر الدينية التي جاء بها، سواء كانت عبادات، أو أخلاق، أو سلوك، جميعها معتمدة على انضباط النفس! والهدف من ذلك أن يبقى المسلم شخصية منضبطة حتى يكون ناجحاً، لأن الإنسان عندما يدرب نفسه على أفعال فيها انضباط، فإنه يعلم نفسه التحكم، على عكس الإدمان، فإنه فعل انغماسي! فالمدمن ينغمس في المادة، ويتجاهل الصوت المنطقي، ويبدأ يتجاوب مع عقله البدائي، لدرجة أنه تضعف إرادته!! فمشكلة الشخص المدمن أن لديه ضعف في الإرادة، ويشعر بهذه المشكلة في جوانب حياته، كقلة الصبر، وعدم اﻻنضباط في المواعيد، ومشكلة في اﻻلتزام بمواعيد النوم، بمعنى أن لديه مشاكل في التحكم.
قلتُ: أي أنه ينحط إلى عالم الحيوانات، لأن الإنسان بقيمته، وقوته في التحكم في إرادته، فهو ﻻ يتحرك باﻻسترجاع الغريزي المبرمج كما عند الحيوانات، ولذلك فالمدمن ينحط إلى مستوى الحيوانات؛ لأنه يتعامل غريزياً مع مجتمع يتحرك بالإرادة، والمفاهيم، والتقييم، فينهار اجتماعياً.
فقال: هو كذلك، ولذلك فإن مشكلة الإدمان ليست فقط في الأفلام الإباحية عموماً، بل إن ثقافتنا كلها تدعو إلى الانغماس من الأكل السريع، ومن شراء الملابس للحصول على السعادة، لأن البعض يعتمد في سعادته على مظهره!! ومن…. ومن…. ومن….
فثقافتنا تقول لنا: حتى تبقى سعيداً، عليك أن تتفاعل مع غريزتك!! اشترِ كثيراً، وكل كثيراً، ومارس الجنس، وشاهد الأفلام الإباحية، وغير ذلك، بمعنى حياة كحياة الحيوانات!!
قلتُ: هذا الذي يسمى في الفلسفة المعاصرة: الإنسان المتشيء، وهذه الخديعة تأتي من طريق الدعاية والإعلان، حيث أنها تحل المتعة مكان الفائدة، ويجعلون بينهما رابطاً وثيقاً، وعلاقة طردية، فكأن الممتع هو المفيد!! بينما كثير من الممتع هو هالك في حقيقته!!
فقال: صدقتَ.
كذلك من السلبيات والنتائج الخطيرة لإدمان المواد الإباحية: مشاكل في ثقة الشخص بنفسه، أو في انعكاس صورته أمام نفسه!!
فالشخص المدمن عندما يبدأ بمشاهدة ممارسات شاذة، فإنه يبتدأ يحس بخزي، ويحس بمشاكل نفسية، لأنه يفعل أفعالاً يعرف أنها خطأ، ولكنه بسبب أعراض الإدمان وهو التصعيد، يبدأ بالحاجة لتلك الأنواع؛ حتى يحس بالإثارة نفسها، فلما يعود إلى وعيه، يشعر أنه شخص سيء للغاية، ويبدأ يحاسب نفسه: كيف لي وأنا المصلي، الصائم، المحافظ على عباداتي أن أفعل ذلك؟!!
ولذلك أقول-وهذا للأسف الشديد-: إن معظم الحاﻻت التي تواصلتُ معها، وقرأتُ عنها في الأبحاث، أنها لأشخاص ملتزمين دينياً!!!
البعض يعتقد أن الذي يعاني من إدمان المواد الإباحية هو شخص بعيد عن الله سبحانه وتعالى، وهذا ليس صحيحاً، بل غالب هؤلاء يكون ملتزماً!!!
قلتُ: وهذه نقطة مهمة جدًّا، فإن من يفعل ذلك ممن من أصحاب الالتزام الديني، يكون قد أراد بفعله ذاك الدخول في منطقة وسط، فلا هو وقع في الزنا، أو الحرام، وفي الوقت نفسه يشبع رغبته وشهوته بتلك الأفلام الإباحية!! لكنه يعلم أو لا يعلم أنه جالس يمارس تدميراً للذات!!
فقال: هناك مشاكل أخرى لكنها ليست من تخصصي، كالمشاكل في سرعة القذف، وفي اﻻنتصاب، وغير ذلك، فهذه مشاكل جسدية، تحصل أيضاً نتيجة الإفراط، والإنهاك الجسدي.
كذلك من الأمور التي أودّ الإشارة إليها: العادة السرية، فإنها لو لم تكن مؤذية، وفيها ضرر، لما كانت محرمة، فكل ما هو ضار، فإنه محرم، ولكن الشخص قد لا يدرك الحكمة من ذلك التحريم، ولذا يجب أن يكون واثقاً أن الله سبحانه وتعالى له حكمة في كل أمر، وإن لم أعلمها بنفسي.
قلتُ:بل اللاعبون في دورات كأس العالم، والألعاب الرياضية بشكل عام، فإنهم يمنَعون قبل اللعب بأسبوع تقريباً من تلك الممارسات، دون النظر في مونها حلالاً، أو حراماً، من أجل الإبقاء على الحيوية، والفاعلية، وقوة التماسك.
فقال: تماماً.
كذلك من الأمور السلبية لتلك الممارسات: تشوه المعتقدات!!
فالمواد الإباحية الموجودة في هذه الأوقات كلها عنف!! فبالتالي فإنها تعزز النظرة الدنيوية للمرأة، ولذلك فمن وجهة نظري الشخصية أن سبب ظاهرة التحرش الجنسي هو استخدام المواد الإباحية التي محتواها عنف ضد المرأة، لأنها تعتمد على إمتاع الراجل بإهانة المرأة!! وبالتالي فالشخص عندما يكون مستهلكاً بشكل كبير للمواد الإباحية، وكل الذي يشاهده عبارة عن إهانة، وإذلال للمرأة، وتلك الممثلة لهذه المشاهد الإباحية تمارس ردود أفعال صناعية كاذبة خادعة، من انها سعيدة، ومستمتعة بهذه الممارسات الشاذة، فكل ذلك يرسم في مخيلة المدمن، ويشكل عنده قناعة أن المرأة تفضل هذا النوع من الإهانة، والإذلال في العملية الجنسية! مع أن الواقع أن أي امرأة سليمة الفطرة لن تقبل بذلك أبداً.
كذلك من الممكن أن المدمن يبدأ يطلب من زوجته بعض الممارسات الجنسية المهينة، لأنه يشاهد ذلك في الفيلم، ويعتقد أن هذا الشيء ممتع، وبلا شك بما أن هذا الشيء مهين فإن الزوجة ترفضه، فيحصل الخلاف بينهما، وهذا نتيجة تشوه الفكر.
قلتُ: هذه نقطة ثقافية مهمة، وهي إمتاع الرجل بإهانة المرأة!! وهو ما يحدث تماماً فيما يعرف بـ: الموضة! فهي صناعة رجالية من أجل اﻻستمتاع بما تلبسه المرأة، وهذه لها قصة طويلة، فنحن نعيش في عالم سوق النخاسة الجديد، ولكنه مزيَّن عالمياً، ومقنَّن، ويسير وفق شركات عابرة للقارات.
فقال: أيضاً من السلبيات لهذه الظاهرة الخطيرة: أن الشخص المدمن يكون لديه مشاكل في التركيز، ومشاكل في صفاء الذهن، فعندما يكون الشخص مستهلكاً ذهنياً، واقعاً في مصيدة الشرود الذهني، يشعر أن وزناً ثقيلاً على قلبه، هذا كله يأثر على قدرة الإنسان في التفاعل مع الحياة بشكل فيه هدوء نفسي، وصفاء ذهني، وتركيز مع الآخرين.