أكثر الناس الحلقة الحادية والعشرون ( قوة الانسان الخفية ج2 )
قوى الإنسان الخفية ج2
قلتُ:
وهل ثبت علم الطاقة في المختبرات؟
فقال:
المنهج العلمي لدراسة أي ظاهرة يبدأ بتسجيل ملاحظات وظواهر، ثم يجمعها ويضع فرضية تجمع ما بين هذه الظواهر، ثم يخضع هذه الفرضية للتجارب العلمية، وحتى تكون نتائج التجارب العلمية معتمدة، فلا بد أن تكون قابلة للتكرار في معامل أخرى، وتعطي النتائج نفسها، وهذا ما يسمونه ريبيتابول reepetapol، وبذلك تكون قد أصبحت أمرًا علميًّا حقيقيًّا، ويؤخذ عليه موافقة الاقران، ويقصد به في علومنا الجمعيات العلمية الكبيرة، أو المؤتمرات العلمية الكبيرة، أو المجلات العلمية الكبيرة.
ولذا فإن ما أطرحه في أبحاثي، ويكرره غيري، يطرح للتحكيم، فيقبل أو لا يقبل، هذا هو المنهج العلمي.
قلتُ:
وهل هناك شواهد على موضوع الطاقة في المنهج العلمي؟
فقال:
الاسم الكبير الذي ننحني له احترامًا في هذا الموضوع هو ويليم تيلر، وهو أستاذ ورئيس قسم فيزياء المواد في جامعة ستانفورد، وقد بدأ هو وزوجته الاهتمام في هذا المجال.
فهو رجل له وزنه العالمي، لدرجة أن تلاميذه وزملاءه في ستانفورد أرادوا ترشيحه لجائزة نوبل، ولكنه عندما بدأ يتحدث في طاقات الإنسان الخفية، إذا بهم يسقطونه من أيديهم، كقطعة المعدن الساخنة!!
هذا الرجل بدأ اهتمامه بهذا الفرع من العلوم سنة 1952، بعد أن تزوج مباشرة، حيث ذهب في رحلة إلى الاتحاد السوفيتي، ورأى ظواهر عجيبة جدًّا، وهي مشهورة في روسيا، كتحريك الأجسام عن بعد، ورفع الأشخاص في الهواء عن بعد، بتركيز طاقة عقلية!!
يقول: وبعد أن رأيت هذه الأشياء وعاينتها رأي العين، لم أستطع كعالم أمين مع نفسه أن أتجاهل هذه الظواهر، فبدأت في دراستها، وأتاه دعم مادي من أحد الأثرياء في أمريكا، فأنشأ مركزًا للأبحاث سنة 1998، فوضع خبرته طوال العقود السابقة في الفيزياء في كتاب، وقال: لقد أديت دوري تجاه هذا التخصص، وسلمت خبرتي التي اكتسبتها للعالم في هذا الكتاب، وتفرغ لأبحاثه في مجال القوى الخفية، وعلوم الطاقة!
هذا الرجل كان يجلس هو وزوجته واثنان من العباد البوذيين أمام تجربة، ويستحضرون النية، ويركزون تركيزًا عقليًا عاليًا، فيحدث تغير غريب في هذه التجربة!!
فمن ذلك: أنهم استطاعوا أن يغيروا من درجة حموضة الماء PH، من سبعة درجات، فتكون متعادلة، برفعها إلى ثمان درجات لتصبح قلوية، أو خفضها إلى ست درجات لتصبح حامضية!! وهذا التغير بمقدار واحد في PH يعتبر تغيرًا هائلًا، وليس بسيطًا.
فقد استطاعوا بالتجارب والتركيز العقلي أن يغيروا حموضة الماء بمقدار واحد، زيادة أو نقصانًا!
ثم انتقلوا بتجاربهم إلى الكائنات الحية، ومعلوم أن الضحية في كثير من التجارب العلمية تكون على ذبابة الفاكهة! فاستطاعوا بالتركيز أن يرفعوا من كمية الجزيئات المسؤولة عن حمل الطاقة داخل جسم الكائن الحي، والتي تغذي الخلايا التي تسمى جزيئات ATP، بمقدار 25 في المئة، وكانت النتيجة نضج يرقات الذبابة إلى طور الذبابة الكامل بأقل من مقدار الثلث، وخرجت الذبابة الجديدة في صحة أعلى وأتم، وتم تسجيل هذ الأمر!!
ثم انتقلوا إلى التجارب على الفئران، فاستطاعوا عن طريق التركيز العقلي أن يرفعوا من تركيز بعض إنزيمات الكبد مثل إنزيمات الفوسفات القاعدية بنسبة 25 في المئة!!
وكما قلنا إن التجربة العلمية ﻻ يصبح لها وزن إلا إذا كررت في أكثر من مكان، وأعطت النتائج نفسها، ومن هذا المنطلق فإن ويليم تيلر ذكر أنه يعرف 68 باحثًا علميًّا كبارًا في المقام والقدر أجروا نفس التجارب، ووصلوا لنفس النتيجة!
قلتُ:
أثبتت في كتابك: أنا تتحدث عن نفسها، وجود شيء اسمه: علم الطاقة الخفية، وذكرت لنا أن عقولنا تصدر ثلاثة أنواع من الطاقات:
طاقة كهربائية.
طاقة مغناطيسية.
طاقة ضوئية.
ويتم التبادل بين هذه الطاقات مع الوجود الذي حولنا! فهل هذا الكلام يتماشى مع فيزياء الكم الدقيقة الحديثة العبقرية؟
فقال:
ﻻ شك أن الطاقات الضوئية التي هي الفوتونات، والموجات الكهربائية، والمجالات المغناطيسية، كلها اختصاص علم الفيزياء الحديثة، أو علم الكم، فهو الذي يدرس هذه الأشياء، وسأذكر أمثلة ثلاث لكيف ينظر علم فيزياء الكم إلى الطاقات التي نتحدث عنها حديثًا.
الأول: هذا اينشتاين تنبأ باكتشاف أشعة الليزر قبل أن تكتشف بحوالي 30 سنة! والمدهش أن الفوتونات الحيوية التي وصفها واكتشفها فريدز البرت بوب، وهي الفوتونات التي تصدر في الخلايا الحية، كانت شديدة التماسك، مثل أشعة الليزر تمامًا، فهي تخضع لنفس القواعد التي تحكم أشعة الليزر، فتنتقل لمسافات طويلة للغاية، دون أن تفقد أي قدر من طاقتها. هذه واحدة.
الثاني: معروف أن من أغرب المفاهيم في الفيزياء، والتي ما زال تفسيرها غير معروف حتى الآن: مفهوم التشابك! فلو أن شعاع ضوء مرّ بجانب كواكب، أو نجوم، فإنه يتبادل معها الطاقة! فشعاع الضوء يعطي للنجم طاقة، ويأخذ منه طاقة! هذا التشابك هو الذي يحدث بين الطاقة الضوئية التي نتكلم عنها، وتأثيرها في الوجود من حولنا.
الثالث: هناك ما يعرف بفيزياء الفراغ، وكيف أن فراغًا مقداره كعقلة الأصبع، فيه طاقة غير متشكلة، لو تشكلت لكونت أجرامًا سماوية مثل الأجرام التي في الكون كله!!
قلتُ:
هذا كلام قد يعقل، ولكنه لا يتصور!
فقال:
بالضبط، وهذا الذي جعل ويليم تيلر يعتقد أنه من الممكن أن تكون أفكارنا وعملياتنا العقلية مؤثرة في الوجود من حولنا، وأنها تحول جزء من طاقة الفراغ هذه، إلى طاقة متشكلة، فهي أصبحت طاقة محسوسة تؤثر في الوجود من حولنا!
وهذه ثلاث نقاط يتوافق فيها الكلام عن الطاقات الجديدة مع فيزياء الكم.
قلتُ:
مثل هذه الظواهر يمكن أن يفسرها المتدينون بأنها نشاط تقوم به الروح، فهل تستطيع هذه الظواهر تفسير كل جوانب الخبرات البشرية والإنسانية؟
فقال:
هذه الظواهر فسرت لنا عددًا من الأشياء مثل التخاطر عن بعد، فقد يصاب إنسان عزيز علي في مكان يبعد عني آلاف الكيلومترات، ويأتيني الشعور به عن طريق فوتونات ضوئية تمشي بسرعة، فهذا يفسر لنا خرق حاجز المكان، حيث أصبح المكان ﻻ يمثل مشكلة، والفيزياء تفسره، ولكن سيبقي خرق حاجز الزمان مشكل، لم يتم تفسيره فيزيائيًّا إلى الآن.
وما المقصود بخرق حاجز الزمان؟
المعنى أن أرى رؤيا، فتتحقق بعد أسبوع! فلا يمكن تفسير انتقال الطاقات، وتبادل الطاقات، وأي شيء يكتشفه العلم فيما بعد، تفسير لخرق حاجز الزمان، وستظل أمور خرق حاجز الزمان من خصائص الروح.
قلتُ:
أنت كمسلم وباحث ﻻ تقف عند كون الإنسان ذات في بدن، والذات أربع جواهر: الروح، والنفس، والعقل، والفؤاد، ولا يعزل البدن عنها، فما الذي صنعه الفيزيائي الكبير ويليم تيلر في هذا الموضوع؟
فقال:
ويليم تيلر يرى أننا أرواح متجسدة، وأنا أتفق معه في العنوان.
فهو يرى أننا أرواح متجسدة مركزنا وجوهرنا هو الروح، الذي يسكن أجسادًا مادية، أما الحياة فيشبهها بكائن موجود في غواصة كروية، ذات طبقات ثلاث:
الروح في قلب الغواصة، والعقل في الطبقة الداخلية، ثم يتلوها مجال الانفعالات، والمجال المادي للإنسان، فيرى أن نشاطاتنا الروحية تحرك نشاطاتنا العقلية!
وقلنا إن نشاطاتنا العقلية تصدر طاقات، فترفع مستوى الطاقة في المجال الانفعالي، ثم المجال الانفعالي يصدر طاقات ترفع مستوى الطاقة في المجال المادي، والمجال المادي هذا هو المجال الكهرومغناطيسي للإنسان، وهذا يؤثر بالتالي على المجال المغناطيسي للوجود المحيط، وبالتالي فإن نشاطاتنا هذه تغير من طبيعة العالم الفيزيائي من حولنا!
وهكذا تبقى نشاطاتنا العقلية تغير من العالم الفيزيائي المحيط، ويصبح لدينا عالم مختلف!
ويضيف تيلر إن هذه الظاهرة معروفة من مئات السنين! فمعروف أن أماكن ودور العبادة القديمة في الهند وغيرها لها عبق، جو روحاني أعلى كثيرًا من دور العبادة الحديثة، ويفسر هذا بأن هذه الدور القديمة تردد عليها من العباد، والزهاد، والمصلين، أقوام مارسوا فيها العبادة والذكر والدعاء، فغيروا من طبيعة جو الطاقة المحيط فيها! ويظل التعديل الذي يحدث في جو الطاقة هذا لأشهر وسنين، ومن ثم كل من يتردد على هذا المكان إذا كان من أصحاب القلوب الحساسة، فإنه يستشعر مقامًا روحيًّا عاليًا، ﻻ يتوافر له في دور العبادة الحديثة المزينة والمجهزة!
وأنا بخبرتي الشخصية بحق ألمس نفس هذا الكلام! فإذا دخلت الجامع الأزهر، أو مسجد السلطان حسن، فإنني أستشعر فيه جوًّا من الروحانية، ﻻ أستشعره في أماكن أخرى أبدًا.
ولذلك فالإسلام يأمرنا ألا نجعل بيوتنا مقابر، وأن نجعل من صلاتنا فيها نصيبًا.
وقبل أن أذكر انطباعي النهائي، أو خلاصة كلامي، أنقل عن تيلر أنه يقول: إننا نستطيع أن نغير العالم، بالإضافة إلى العمل، والأخذ بالأسباب، عن طريق العبادة، والذكر، والدعاء، فإنسان الحضارة المادية يعيش في عالم أشبه بالسرطان المستشري في الجسد، فعلينا أن نغيره بكل الوسائل.
ولن يكون ذلك إلا بالحب، فالحب يشع من أرواحنا، وبالتالي يشع من المجال العقلي، ثم المجال الانفعالي، ثم المجال الكهرومغناطيسي، حتى يغير من طبيعة العالم.
خلاصة القول من هذه الدراسة: أن الإنسان كائن لا يعيش منعزلاً في صومعة، منفصلًا عن الطبيعة، بل إننا نشكل مع الوجود وحدة متشابكة، فالطبيعة تؤثر في حالاتنا الصحية، والجسدية، والنفسية، والعقلية، وفي المقابل يؤثر الإنسان بعقله، ونيته، وإرادته، في العالم المادي، وحقائقه الفيزيائية!
إن الوجود أغزر كثيرًا من كل تصوراتنا، ونحن ما زلنا أطفالاً نحبي تحت أقدام الوجود.
قلتُ:
معنى هذا الكلام أن الوجود ليس وجودًا ماديًّا محضًا، وأن الطاقة الخفية التي تجاذب الناس الكلام حولها ليست مجرد أساطير، أو حركات بهلوانية في سيرك، أو عبث يقوم به مشعوذ في غرفة مظلمة، مع أناس لا يدرون الحقيقة.
فأنت تثبت كدكتور مختص في الطب، وباحث في المناهج العلمية، ومؤلف لكتب علمية بحتة معاصرة أن هنالك شيئًا اسمه طاقة خفية، وأن هذا أمر متفق عليه؟
فقال:
بالتأكيد، دون أن ندخل في محيط الدجل، ونستطيع أن نقول أيضًا: إن الطاقة الخفية هي طاقة مادية، ولكنها تختلف عن مفهوم المادة الاصطلاحي!
فهناك مستويات أرفع كثيرًا من المادة التي يحدثنا عنها الماديون، وهذه المستويات الأعلى تؤثر في الوجود إلى درجة أن الحب يؤثر في الوجود!
قلتُ:
سؤالي الأخير: في السنين الأخيرة، بعد البعد المادي الشرس، والخشن، والصلب، في الفكر الأوروبي، الذي انتقل من المادية العقلانية، إلى المادية اللاعقلانية، وإلى العدمية، بدأت تطرح مدارس مثل وينداير، وديباك شبرا، هؤلاء الذين أخذوا الجو في التدريب، ومعالجة الناس، والتأثير على الرؤساء.
هل ترى أن هذه العلوم تقترب إلى عالم الغيب، والروحانية، وتنفصل عن المادية؟
فقال:
اليوم أصبح في كثير من الجامعات الأمريكية أقسام متخصصة، بل وتنشأ مراكز متخصصة تلحق بالجامعات، في الدراسات الروحية! بعضها يهتم بالمنظور الديني، وبعضها يهتم بالمشاعر غير المادية، ويسمونها دراسات روحية.
نعم هناك عودة، وهذا دائمًا هو حال الأمور عندما يحدث تطرف، وإغراق في المادية، يحدث مد روحاني، والعكس صحيح كذلك، فعندما يحدث تقدم روحاني شديد، تظهر المادية مرة أخرى.
فهكذا الأمور مدافعة.