جناية أب وأم وبنت!
من المتسبب الأكبر في تعسير الزواج بمضاعفة المهور وما يصاحبها ويتبعها من تكاليف وإسراف مهلك وبهرجة استعراضية جعلت الشباب يحجمون عن الزواج أو يؤخرونه كثيرا أو يفكرون بالاقتران من بنات بيئات أكثر نضجا وفهما لمعنى الحياة الزوجية؟!
لا شك أن الظاهرة الاجتماعية تتداخل فيها الأسباب والدوافع و درجة المؤثرات،و ضغط المجتمع وثقافته،و إصرار الوالدين أو أحدهما،و دلع الزوجة، وحياء الزوج، ويمكن أن تستمر في سرد أسباب كثيرة رصدها بعض الدارسين ويلاحظها الإنسان في حياته فيكون انطباعا عاما عن المشكلة.
ولعلي اشارك بوجهة نظر في ذكر بعض ملامح الأزمة.
> ظاهرة الغلاء الفاحش للمهور وما يتبعها من تكاليف صالة الأفراح، وفرقة الغناء، والهدايا و… الخ.
مؤشر واضح على غياب وعي شرائح كبيرة في مجتمعاتنا بمقاصد الزواج المبني على التراحم والسكن والحب الحقيقي فحولناه إلى طبيعة تعاقدية شبه تجارية.
> يتوهم البعض بأن غلاء المهر وبالأخص مؤخر الصداق سبب لمنع الزوج من الانفصال او التطليق لأنه سيفكر ألف مرة بالمبلغ المترتب على ذلك وتبعاته من ديون وقضاء وبهدلة!
> هناك صنف من أولياء الأمور يتعامل مع بناته باعتبارهن استثمارا مضمون الربح! فمن الاستحواذ على كل الراتب إلى التشدد في شروط الزواج لتأخيره قدر الإمكان للاستفادة من راتب البنت، إلى المبالغة في المهر بنية الاحتفاظ به لنفسه معاندا بذلك ما أقره القرآن الكريم وجمهور الفقهاء من أن المهر حق كامل وأصيل للفتاة.
قال الله تعالى: (وآتو النساء صدقاتهن نحلة)
> ومن الأسباب حياء العريس واستسلامه مع أهله للأعراف التي تضعهم موضع الابتزاز من خلال ثقافة المقارنات… ليش فلانة مهرها كذا؟!
في حين أخت فلان مهرها كذا..؟!
وهنا يخشى الشاب العريس الظهور بمظهر العاجز؟! أو البخيل؟!!
> ويلحق بالنقطة السابقة حرص العريس ألا يكسر بخاطر فتاة أحلامه، فبداية المشوارتحتاج إلى تضحية لخاطر عيونها ولو على حساب قصم ظهره لسنوات ممتدة يعاني فيها من تداعيات التورط بمبالغ كبيرة جراء مشاعر غير منضبطة بميزان العقل.
> طبعا لا ننسى موضوع المباهاة وحب التفاخر بين العائلات، ويقع في ذلك كلا الطرفين غالبا (الشاب والفتاة)!! ومن ورائهم الأسرة!!
> والسؤال الذي يلح في طلب الإجابة:
لماذا التردد الجماعي عند البعض وضعف الاستجابة لتجاوز هذه الظاهرة رغم الدراسات والإحصائيات بأثر ارتفاع تكاليف الزواج على سلوك ونفسية الشباب والفتيات والمجتمع بكل مكوناته، ورغم جهود بعض الحكومات والقبائل والعائلات لاتزال المقاومة عصية؟!!
لا شك أن المسؤولية مشتركة لكني لاحظت أن الكثيرين يلقون باللائمة على الوالدين والبنت أكثر من الشباب الذي ما أن تسأله لماذا ما تزوجت وصار لك مدة موظف؟! فيوجه سهام النقد للآخرين!!
لا استطيع أن أجزم ونحتاج إلى دراسة رصدية ميدانية.
وأختم بالفطرة والأصالة والفهم العميق لمعنى الزوجية وذلك في قول الرسول الأرحم:
«إن من يُمن المرأة، تيسر خطبتها وتيسر صداقها».
وقال عليه السلام:
«إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة».