حرية التعبير على طريقة الهندوتوفا
قبل أيام قليلة، أصدرت شبكة بي بي سي البريطانية مسلسلًا وثائقيًا حول أعمال الشغب الدموية التي حدثت بولاية غوجارات عام 2002 ضد المسلمين، والتي كانت الولاية حينها تحت رئاسة ناريندرا مودي رئيس الوزراء الهندي الحالي، وهو ما لم تسمح به بالطبع الحكومة الهندية وواجهته بكل سبل التضييق، فحظرت انتشار الوثائقي على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي بالبلاد.
حتى أن كانشان جوبتا، مستشار الحكومة، صرّح علانية أن الحكومة أصدرت أوامر لتويتر لحظر أكثر من 50 تغريدة مرتبطة بالوثائقي، فيما أصدرت تعليماتها إلى يوتيوب لحظر أي تحميلات للفيديو. وأضاف أن كل من يوتيوب وتويتر التزما بالتوجيهات الهندية بالفعل.
لكن ذلك لم يثني البي بي سي من بدء البث للوثائقي على قناتها، والذي يلقي باللوم على “مودي” -بوصفه حاكم الولاية آنذاك- في أعمال الشغب بغوجارات، محملًا إياه مسؤولية مقتل 2000 شخص في المذابح التي جرت ضد الجالية المسلمة حينها.
وقد تتبعت الحلقة الأولى من المسلسل، والتي تحمل عنوان “سؤال مودي”، الظروف المريبة لأعمال الشغب التي جرت في ولاية غوجارات ودور رئيس الولاية آنذاك في تأجيج العنف ضد المسلمين بولايته؛ إذ استغل مقتل 60 حاجًا هندوسيًا في بلدة جودهرا ليلقي باللوم على المسلمين في بادئ الأمر، وهو ما عزز الموقف الشعبي المناهض للمسلمين وتسبب في الإجرام ضدهم.
كما يكشف الوثائقي عن تقرير غير منشور، كان قد كتبه دبلوماسيون بريطانيون على خلفية نتائج لجنة تقصي الحقائق، ويذكر أن مودي كان “مسؤولًا بشكل مباشر” عما أسماه التقرير “مناخ الإفلات من العقاب”، وهو ما سمح بدوره في استمرار العمليات الإجرامية ضد المسلمين لقرابة ثلاثة أيام متصلة.
كما كشف التقرير أيضًا أن هذه الأعمال الإجرامية لم تقتصر على القتل وإسالة الدماء وحسب، بل تضمنت حالات اغتصاب ممنهجة وواسعة النطاق ضد النساء المسلمات، وأن الهدف الرئيسي لهذه الأعمال كان تطهير المناطق الهندوسية من المسلمين، وأن حملة العنف الممنهجة تلك كانت تحمل كل بصمات التطهير العرقي.
جدير بالذكر أن بث هذه الحقائق -التي يعود تاريخها لعشرين عامًا قبل الآن- قد تزامن مع قيام الحكومة الهندية بهدم مسجد أثري للمسلمين يزيد عمره على 500 عام؛ بحجة توسعة الطريق، فإلى أي مدى سيظل اضطهاد المسلمين قائمًا بالهند سواءً كان من المؤسسات الرسمية أم الأفراد؟ وإلى متى سيظل هذا العنف وهذه العنصرية يمران أمام أعين العالم مرور الكِرام؟ أم أن مائتي مليون مسلم بالهند لا يستحقون الحماية والدعم الممنوحين بلا حد لشرذمة من الشواذ والمتحولين ومطموسي الفطرة؟