د. النفيسي… ونيران وزيرة التربية!!
في السنوات الاخيرة برزت ظاهرة حدة الخلاف في الاوساط التعليمية العليا، بين الزملاء والاكاديميين المنتسبين لهذا الوسط الوظيفي النوعي واقترب في بعض خصوماته وادبياته النقدية من أساليب ما نزل به خطاب بعض البرلمانيين علانية…
ثم لاحظ المراقبون والمنتمون للتعليم العالي ان التعصب والاجندة الحزبية والفئوية – هي واقع انساني لا ننكره – اخذت طابعا لا يختلف عن صراعات الاوساط الامية… والشواهد على الترشيحات وبعض الانتخابات في الاقسام العلمية والادارات كثيرة ومحزنة.
واليوم يتكلم اساتذة وموظفو واداريو التعليم العالي عن اجندة وزيرة التربية الحزبية بعد ان كانوا يتهامسون سابقا عن تعصبات الدوائر التعليمية العامة.
اختي الفاضلة الدكتورة موضي حفظك الله في سفرك ورعاك طبيعي جدا ان توجه السهام النقدية اليك لانك باختصار جدا «وزيرة» اي مسؤولة في الصف الاول في البلاد.
ولكن المحزن انك دكتورة، وامرأة، والمؤسسة التعليمية ذات توجه متحرر من تعصبات الـ(…) كل ما يمكن وصفه بهذه السلبية… بيد ان الاصوات بدأت ترتفع داخل وزارة التربية بأن قرارات الوزير التي تخترق وتحرق اللوائح وتفاجئ العقول الاكاديمية تشبه الشطحات الصوفية، إلا ان الصوفي تأخذه الحال فتغلب الحال العقل ويسكره الوجد فيغيب الوعي… اما الدكتورة فالكل يقول انها تشتغل على نار هادئة لخدمة من ؟! بصراحة ووضوح تخدم تيارا خاصا… واذا قررنا بأن التحيز صفة انسانية وان الموضوعية المطلقة مثالية فإننا من جهة اخرى نقرر بأن هناك تحيزا موزونا وترجيحات رغم عدم الرضا عنها إلا انها معقولة الى حد ما، وباللهجة الشعبية «تْنبلعْ» اي تستساغ ولكن على مضض، حسافة يا اختنا الوزيرة ان يحسب الانسان حسبات خاصة لمرحلة خطيرة من حياته الوظيفية نزولا عند رأي وضغط هذا المستشار او ذاك «البني آدم» وبعدها يتذكر الناس ويسجل التاريخ كانت وزارة التربية في عهد فلان كذا»، وفي عهد فلانة «كذا»… ما اقصر نظراتنا الانسانية… ان السيدة الفاضلة نورية الصبيح وزيرة التربية السابقة من صفاتها المعروفة الوضوح ولم تكن تخضع لاجندة حزبية بقطع النظر عن الموافقين والمخالفين، وكانت اذا قالت «لا» فإن «لا» تساوي معناها ومبناها قولا وعملا ظاهرا وباطنا… لكن – وسامحيني يا دكتورة – ان ما تقولينه لمن اجتمع معك من المعنيين المباشرين في التعليم العالي او النقابات او الوفود الاكاديمية فإن «لا» و«نعم» ملتبسة اذ كثيرا ما يصدم التربيون بأن «لا» المعلنة لدى الوزيرة تحولت الى الف «نعم» على صعيد الواقع… اي ان الالفاظ الشفهية ليست ذات قيمة سوي الوزن الصوتي!!
الدكتور عبدالله النفيسي صرح اكثر من مرة عندما يسأل عن وضع المرأة ومدى اخذها لحقوقها وفرصتها في مجتمعاتنا النامية كان يصر ويؤكد على اهمية وعي المرحلة وان تكون القناعة من الداخل لا من ضغط خارجي يأخذ طابعا شكليا وكان يدلل على ما يقول، بأنه عندما كان عضوا في البرلمان الكويتي بعد الغزو واصبح رئيسا للجنة العلاقات الخارجية عندما يلتقي بالوفود الاميركية فإن من اولويات اسئلتهم عن وضع المرأة السياسي والبرلماني في الكويت – قبل ان يكون في البرلمان نائبات – فكان جواب النفيسي هذا شأن داخلي لا علاقة لكم به.
اقول: ان المجتمعات المتخلفة لشدة احباطاتها يأخذ مفهوم التطور فيها شكلا ظاهريا لا علاقة له بالانتاج والتغير التنموي الحقيقي… مثال: هل بلد مثل بنغلاديش سينصلح حاله اذا حكمه المرأة او الرجل… إننا نخلط بشكل فج بين «الاصلاح» و«التحديث» والحاصل تحديث بلا اصلاح في بلادنا العربية كما شرح ذلك باستفاضة د. جلال امين في كتابه «خرافة التقدم والتخلف»… كل سيارتنا وطائراتنا وموبايلاتنا ومواد بناء وتأثيث بيوتنا و… و… و… بما في ذلك وزيراتنا حداثية وآخر موديل… فهل هذا اصلاح؟!