وياكم 2013 الحلقة الحادية والعشرون دعاء
دعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء
ما من عبادة يقوم بها الإنسان، أو سلوك رتيب يرتبط بمفهوم معين، سائد أو ثابت، إلا ويتفاوت الناس في تطبيقه، سواء كانت شعيرة من شعائر الدين، كالصلاة، أو الصيام، أو الزكاة، أو الحج،…. الخ.
أو كانت عبادة جزئية، ذاتية، أو سلوكاً رتيباً، سواءً أكان ذلك عند الذين يؤمنون بالأديان، أو حتى عند من يؤمن بالعادات والتقاليد في الأمم المجموعة نفسها التي تنتمي إلى هذه العبادة، أو تلك الطقوس، أو تلك العادة، أو ذلك العرف، فإنهم يتفاوتون في فهمها، وفي تطبيقها، وإن كان الجميع يؤمن بها.
ومن تلك العبادات الجليلة، والقربات القريبة إلى القلب والوجدان:
عبادة الدعاء.
فهي عبادة عظيمة، تكشف لنا عن درجة وعي المجتمع، ودرجة إيمانه، وطبيعة التديّن الواعي، البعيد عن الخرافة، والبدع، والمحدثات، وهل ذلك الداعي يطبق السنن النبوية أم يناقضها؟
والدعاء لأنه شعيرة ليست بالثقيلة من حيث الظاهر، ولأن المعظَم في المواسم، وفي الاجتماعات، بل حتى في بعض الاحتفالات، التي ليس لها علاقة بالدين، ربما يكون افتتاحهم بالدعاء وقولهم: الحمد لله على هذا الإنجاز، ولربما يكون إنجازاً ﻻ دينياً، ولأننا نعيش في عصر مادي بحت، وفي ظل الانتصار العلمي والمعرفي، والاكتشافات المتقدمة، كل ذلك جعل الدعاء منزوع القيمة والمكانة من قلوب ونفوس الكثيرين من الناس، بل إن البعض يتجاوز ذلك إلى القول: وماذا يعني الدعاء، وأي فائدة مرجوة منه؟!!
فالدعاء عند هؤلاء هو مجرد طقس روحي، وجداني، شخصي، يمكن تجاوزه! فالعلم اليوم يستطيع تحقيق كل شيء بدون حاجة إلى اللجوء إلى الدعاء!!
ففي السابق كانت هناك حاجة لاستخدام هذه الوسيلة الروحانية الوجدانية، التي تبعث في النفس شيئاً من الطمأنينة، حيث كانت الأسفار بعيدة، وشاقة، بل ربما مميتة، ووسائل النقل بدائية جدًّا، كالحمار، أو الناقة، أو الحصان، والأكثر ربما لم يكن يملك تلك الوسائل، فكان يطلق رجليه للريح قطعاً للفيافي والقفار، أما اليوم فإنك خلال ساعات معدودة تنتقل إلى أقاصي الأرض، وأدانيها، وبالتالي فإن الأسباب المادية زهدت الناس في عبادة الدعاء، فكان ﻻ بد من إعادة الوعي للناس بهذه الطاعة، ليس ذلك لأهل الدين فحسب، أو من يعظمون الشرع، بل حتى لأولئك الماديين أيضاً، ومن لفّ لفيفهم.
ولذلك فإنه من النادر أن يطرح هذا الموضوع الكبير والعظيم، بهذه الصيغة الواسعة والشاملة، حيث أن الدعاء ينتظم علاقة الإنسان بالكون والحياة، ويتدخل في المجتمع، ويعكس المفهوم عن حضارة، ويفتح أفقاً واسعة.
ومن أوائل الذين كتبوا في الدعاء بهذه الشمولية: الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى، في كتابه الجميل: فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء، بيّن لنا في هذا الكتاب كيف أن الدعاء كان هو السمة الدائمة للنبي صلى الله عليه وسلم، في صباحه ومسائه، وعمله وقيامه وقعوده، ودخوله وخروجه، وفي كل أحواله، لأن القلب مرتبط بالله سبحانه وتعالى، ولإن كان الجسد يسير على الأرض، إلا أنه بالدعاء يربط الأرض بالسماء.
ومن أجمل ما قرأت في فلسفة عبادة الدعاء، حيث يدخل الباحث في أعماق مناقشة العلم التربوي المعاصر، والعقائد الفكرية العالمية المناقضة للدين، ويستثمر الحضارة والثقافة الإنسانية في كلامه عن الدعاء بشكل رائع ومركّز، كتاب فلسفة الدعاء، للدكتور أحمد الأبيض، طبع دار المعارف، وهو كتاب مبذول فيه جهد نوعي غير مسبوق حسب علمي.
والآن دعونا نتكلم عن هذه العبادة بشيء من التفصيل.
أولاً: الدعاء ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: دعاء المسألة…
القسم الثاني: دعاء العبادة…
أما دعاء المسألة، فهي تلك الطلبات والحاجات الذي نطلبها من الله سبحانه وتعالى.
أما دعاء العبادة، فهي تلك العبادات التي نعرفها جميعاً من صلاة وصيام وزكاة وغيرها، وهذه سنبيّن كيف تكون دعاءً؟!
تعالوا نقف أولاً مع دعاء المسألة، فدعاء المسألة كقولك: اللهم ارحمني، اللهم ارزقني، اللهم انصرني… فهذا الطلب المباشر من الحق سبحانه وتعالى، وهو من أجل العبادات، لأنه يظهر فيه العبد افتقاره وتذللّه لربه ومولاه.
أما سؤال من ﻻ يقدر على تحقيق المراد، كسؤال الميت الشفاء، أو الرزق، أو الولد، فهذا مما ﻻ يجوز، ولا يحل، لأن الأمر في ذلك بيد الله تعالى، لا يملكه البشر، مهما كانت منزلته عند الله تعالى.
وأما دعاء الحي، وسؤاله، والاستغاثة به فيما يقدر عليه، فهذا جائز شرعاً، ودلت عليه النصوص، كما في قوله تعالى في قصه موسى عليه السلام:{فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه}، من شيعته أي من أنصاره، على الذي من عدوه، فمثل هذا الطلب، والاستغاثة ليست حراماً، والحياة مبنية في الأصل على طلب الأسباب، وتبادلها، فهذا لا يمنع، ولا يقدح في صحة إيمانك.
ولذلك يذكر الشيخ محمد الغزالي في كتابه: دستور الوحدة الإسلامية بعض المواقف المحزنة والمؤسفة التي تصدر من بعض الناس، عند قبور الأولياء والصالحين-إن ثبت صحة القبر- تدل على مدى الجهل الذي تعاني منه أمة الإسلام في عصورها المتأخرة، فمما ذكره رحمه الله تعالى أنه أثناء وقوفه عند أحد الأضرحة في مصر، جاء رجل فطلب من الميت أن يساعد زوجته في عملية الولادة!! ثم ذهب وجاء آخر، وهو طالب يريد النجاح، فبدأ يطلب من الولي الميت ويلح عليه أن يحصل على درجات ممتازة!! و الشيخ الغزالي ينظر ويستغرب مثل هذه الأمور، ألهذه الدرجة يصل الحال بالإنسان؟!! وإذا بأحد الناس ممن كان واقفاً عند الضريح يقول لذلك الطالب: يا أحمق انتظر قليلاً، فالولي ذهب ليولّد المرأة، ولم يأت بعد!!! نعم وصل الأمر إلى ذلك.
وقد ذكر رحمه الله تعالى في كتابه: عقيدة المسلم، تحت عنوان: عقيدة العوام وما يعلوها من تراب، شيئاً عجباً، مما يحصل عند قبر السيد البدوي، أو غيره، أموراً تستحق الجلد بالسياط، أكثر من الوعظ بالكلام، مخالفة للدين، ومناقضة للعقل.
إذن الدعاء يكشف لنا مستوى الثقافة، ومستوى وعي الناس، وهل تديّنهم مطابق أو مناقض لأمر الله تعالى، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم؟!
أما النوع الثاني من الدعاء: فهو دعاء العبادة، كالصلاة، والصوم، والزكاة…، فمثل هذه العبادات لماذا نقوم بها ونأدّيها؟
والجواب: تقرباً إلى الله تعالى، ومن أجل طلب رحمته، وجنته، وغفرانه.
ولذلك دعونا نقف قليلاً مع فضائل الدعاء، فهي ليست في الأجر والرحمة والمغفرة فحسب، ولكن ما تضفيه على الإنسان في الحياة والآخرة معاً.
- فضائل الدعاء
لكل عبادة فضل، ولكل عبادة أثر، والعبادات الإسلامية ليست شخصية منفصلة عن الواقع، وإنما تصل الإنسان بالله تعالى، وتؤثر على نفسيته، وسلوكه في الواقع، وتعطي ثمرتها في علاقاته الإنسانية، والاجتماعية.
فمن فضائل الدعاء
- أنه امتثال لأمر الله سبحانه وتعالى، قال الله تعالى:{وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}، فهنالك ممارسة عملية، القصد منها التوجه إلى الحق سبحانه وتعالى، وطلب الاستجابة منه، ويقول جل وعلا:{وادعوه مخلصين له الدين}، فهي دعوة من الله سبحانه وتعالى للعباد بدعائه والطلب منه.
ولذلك فرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (الدعاء هو العبادة)، لماذا؟ لأنه أراد أن يبين لك أن الدعاء حقيقة هو العبادة الحقة؛ لأنه يرتبط بأمر آخر ألا وهو التوكل، فالدعاء دليل على قمة التوكل، ولا يتوكل المرؤ إلا على من يؤمن بأن مقاليد السماوات والأرض والتغيير كلها بيده سبحانه وتعالى، فما أجمل الدعاء، ففيه تجرد، وتوكل، وامتثال لله سبحانه وتعالى.
- الدعاء دليل على الإيمان بالربوبية! فأنت لماذا دعوتَ ربك جل وعلا؟ لأنك تؤمن بأنه هو المؤثر والمغير، وهو الرب، وهو الخالق، وهو المتصرف في هذا الكون كله.
- الدعاء سبب لانشراح الصدر، ومن أراد أن يعرف صدق ذلك، فليسأل العبّاد، وأصحاب قيام الليل، الذين ما إن ينتهوا من عبادتهم إلا ويرفعون أيديهم، ويطيلون الدعاء، والمناجاة، وليسأل أصحاب الهموم والغموم والبلاءات، كيف يجدون اللذة، والراحة، وانشراح الصدر، وطمأنينة القلب بهذا الدعاء.
- الدعاء وسيلة كبرى لعلو الهمة، فصاحب الدعاء همته عالية، فلا يقف عنده مطلب، مهما كان كبيراً وعظيماً.
- الدعاء سلامة من العجز، كما قال صلى الله عليه وسلم: (أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام).
- لذة المناجاة في الدعاء لذة تتقاصر دونها اللذات، فالناس في لذات حسية من أكل، وشرب، ونكاح، ، وسكن، وامتلاك أشياء، وغيرها، هذه كلها لذات، ولكن لذة المناجاة تفوق ذلك كله، لدرجة أن البعض من هؤلاء الذين يتلذذون بالمناجاة يطلبون من الله سبحانه وتعالى تأخير إجابة دعائهم؛ لكي يستمروا في لذة المناجاة مع الله سبحانه وتعالى! كما ذكر ذلك ابن القيم في كتابه: مدارج السالكين في منازل إياك نعبد وإياك نستعين، لأنهم يحسون بلذة عالم آخر ما دخلنا نحن، ولا ذقنا حلاوته، بل أحياناً كثيرة ﻻ نفهمه إلا من حيث المعارف والمعلومات، فهذا مقام عالي، والناس فيه درجات.
- الدعاء فيه جانب اجتماعي، وهو تحقيق المودة بين المسلمين، فعندما يدعو الخطيب أو الإمام في اجتماع معين، كصلاة الجمعة، أو العيد، أو في قنوت الوتر، نصرة لأناس مظلومين، مقهورين، قد أصابتهم اللأواء، ومسّتهم الضراء، والكل يأمّن خلفه بقلوب خاشعة، ونفوس راجية في إنقاذ الآخرين، فإن ذلك يولد مشاعر الاجتماع، والتآلف، والمودة بين أمة الإسلام.
- أن الدعاء دليل على أن الداعي مصرّ على التغيير، فهو سلوك روحاني إيماني، بما هو متاح من أجل التغيير من السلبيات إلى الإيجابيات، ومن الإخفاق إلى النجاح، ومن اليأس إلى الأمل.
- الدعاء محفز لما بعده نفسياً وإرادياً، محفز لما بعده بمعنى أن الدعاء يجعلك إنساناً حالماً، والحلم خصيصة إنسانية ليست موجودة في بقية الكائنات، فأنت تحلم، فتعمل من أجل تحقيق ذلك الحلم، ولذلك فإن السياسي المخضرم، والخبير المصري محمد حسنين هيكل لما عاد من الاتحاد السوفيتي في الثمانينات، سأله المفكر عبد الوهاب المسيري: كيف وجدت الناس؟ فقال: انتهت روسيا!! يقول ذلك الكلام، قبل تفكك الاتحاد السوفيتي، فقال له: لماذا؟ فقال: مات حلم الإنسان هناك!! فالإنسان أصبح مجرد آلة، يأكل، ويشرب، ويؤدي وظيفته، مع وجود حكم ديكتاتوري متسلط يجعل الناس كأنهم آلات، فلا حلم يحاول الإنسان تحقيقه.
- الدعاء يعزز معنى التفاؤل في المستقبل، فوضع أمة الإسلام وضع متعب ومحزن، سواء على الصعيد المحلي، أو الصعيد الإقليمي، أو كليهما، فدعاؤنا يعطينا جرعة من التفاؤل في المستقبل، وهو خير من اليأس الذي يقتل كل إبداع، وإنتاج.
- الدعاء يدفعنا للعمل نحو الهدف، فمثلاً الدعاء الجماعي والتأمين عليه له روح عالية، وهو نوع من أنواع التواصي بالحق، والتواصي بالصبر، واستنهاض العزام على الخير، ولاحظ مثلاً عندما يدعو إمام الحرم ويقول: اللهم ارزقنا صلاة في المسجد الأقصى، وأرجع الأقصى إلينا، وتسمع كلمة آمين كيف تخرج من الحناجر، وكيف تترقرق الدموع في المآقي، فإن هذا كله يعزز معنى العمل لاسترداد مقدساتنا المسلوبة، ويقوي الإرادة لذلك.
- من فضائل الدعاء فتح باب الأمل للعمل، لأن الأمل ينعكس إيجابياً على السلوك، يقول صلى الله عليه وسلم: (يستجاب للعبد مالم يدعُ بإثم، أو بقطيعة رحم، وما لم يستعجل)، فمادام دعاؤك ليس فيه إثم، ولا فيه اعتداء، ولا قطيعة رحم، ولم تستعجل الإجابة، فإن الخير يأتيك ولا بد، ولو تأخر، فلعل في التأخير خيرة، وأنت ﻻ تعلم قدر الله، وأسرار الوجود والخلق، وقد قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ فقال: (يقول قد دعوتُ، وقد دعوتُ، فلم أره يستجيب لي)!!! فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء.
وها هنا نقطة مهمة، لا بد من الإشارة إليها، وهي:
- كيف نفهم تأخر الدعاء؟
- تأخر الدعاء من البلاء، فهو كالبلاء الذي يقع، كالمرض، والفقر، والمشاكل، وغيرها، فهو ذا نوع من أنواع البلاء.
- أنه ﻻ حق للمخلوق على الخالق، فهذا كون الله تعالى، يتصرف فيه كيفما يشاء، والاستسلام يقتضي أن تؤمن بذلك، وتسلّم.
- أنت ﻻ تعرف الحكمة من تأخر الدعاء، فقد يكون في تحقيق دعائك مزيد شر لك، لأنك ﻻ تعلم المستقبل، ولا الغيب.
- أن اختيار الله للعبد، خير من اختيار العبد لنفسه، وهذه القاعدة لا يعرفها إلا من لديه قناعة ويقين بالله سبحانه وتعالى.
- أن المكروه قد يأتي بالمحبوب، والعكس بالعكس، قال الله تعالى:{فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً}، فأنت كارهه وهو مليء بالخير، ويقول تعالى أيضاً:{وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم ﻻ تعلمون}، فالعلم الحقيقي هو عند الحق سبحانه وتعالى.
- أن الإنسان يتفقد نفسه، وينظر في أحواله، ليرى أوجه التقصير لديه، لماذا لم يستجب لي؟ هل أنا أطلب الدعاء بطريقة صحيحة أم لا؟ تفقد ذاتك، قد يكون الدعاء ضعيفاً، لا يقاوم البلاء، فأنت تدعو وتدعو، ولكن دعاءك ضعيف في وقته، وفي آدابه، وفي يقينه، وفي الطلب، والإصرار عليه، والإلحاح به، وقد يكون الإنسان سد طريق الإجابة إلى الدعاء بالمعاصي والذنوب، كل ذلك يمنع من إجابة الدعاء.
- قد يكون هذا التأخير من أجل تكميل مرتبة العبودية، فأنت بدعائك تكمل عبوديتك من حيث انتظار الفرج، والافتقار إلى الله تعالى، وتحقيق عبودية الرضا، والانكسار بين يدي الجبار سبحانه وتعالى، والتمتع بطول المناجاة، ومجاهدة الشيطان، ومراغمته، لأن تأخر الإجابة مدخل للشيطان على الإنسان، لصرفه عن هذه العبادة العظيمة.
- عدم الأخذ بالأسباب، فمن أسباب تأخر الدعاء عدم الأخذ بالأسباب الحقيقية، فنحن ندعو أن ننتصر على العدو، وأن يندحر الصهاينة، وأن يعود بيت المقدس إلى أهل الإسلام، ولكن أسباب إجابة هذا الدعاء غير موجودة!!
رسولنا صلى الله عليه وسلم كان يرسل العيون، ويعدّ الجيش، ويجعله في كامل الاستعداد، ويستشير، ويرسم الخطط، ويعين التوقيت، ويخدع الخصم في مكان الهجوم، ويبذل كل الجهد، ثم تراه بعد ذلك كله يرفع يديه ويدعو ربه بالنصر والثبات، أما نحن فلا نحسن إلا الدعاء-إن أحسناه-، وأما الأسباب التي أمر الله تعالى بالأخذ بها فلا نلتفت إليها!!! فيجب أن تكون الصورة واضحة أمامنا، ويجب أن نفهم الدعاء بأسبابه كاملة.
- أما شروط استجابة الدعاء فكثيرة، منها:
- أن ﻻ يدعو إلا الله تعالى.
- أن يدعو وهو عالم بالله سبحانه وتعالى حق العلم.
- تجنب الاستعجال.
- الدعاء بالخير.
- حسن الظن بالله.
- حضور القلب والخشوع.
- تحليل المأكل والمشرب.
- أن ﻻ يشتغل بالدعاء عن أمر الواجب، فلا يستقيم أن تجلس تدعو، وأنت تارك لواجب، أو فريضة.
- الدعاء بما شرع الله سبحانه وتعالى.
- الطلب من الوالدين الدعاء لك.
إذن الدعاء أمره عظيم جدًّا، لأنه تصحيح في العلاقة بين الإنسان وربه، وارتقاء بها، وتصحيح للعلاقة بين الإنسان ونفسه، والارتقاء بها، وتصحيح للصلة بين المخلوق وبقية الكائنات.
وفي الختام أقول: إن كثيراً من الناس يقول: أنا لا أعرف كيف أدعو!! وهذا من وسوسة الشيطان لك، ليصدّك عن الدعاء، فقد تكون في دعائك أصدق من كل البلغاء، الذين يتكلفون السجع في دعائهم، فما دام القلب صادقاً، والنية صافية، والتوكل موجوداً، فادعُ بما شئت، وكيفما شئت، فالله يسمع الشكوى، ويكشف البلوى.