وياكم 2016 الحلقة السادسة والعشرون الارهاب في الغرب ج2
الإرهاب في الغرب ج2
وبالتالي يقول الواحد منهم: إن الحل هو داعش، أو على أقل تقدير تصبح هناك تعاطف مع هذا الفكر وأصحابه، وهذه مشكلة كبيرة، فيصبح الراديكالي اليميني، أو التيارات المضادة للإسلام، مع الراديكالي المتطرف الإرهابي الذي يسمّى داعش، كل واحد يلعب الكرة للآخر، وهكذا يتصاعدون، والوسطيون في الوسط ضائعون!
والمشكلة أن هذه التيارات سيطرت في الفترة الأخيرة على الحكومات عن طريق الانتخابات كما حدث عندنا سنة ٢٠١٥، حيث فازوا بدرجة كبيرة، وهذا يبين أن الإسلاموفوبيا مشكلة عند الشعب، وليست مشكلة سياسية فقط، أي أن هناك ثقافة مضادة للإسلام، وهي تدرس في الحركات السياسية، وتسيطر على حكومات في أوروبا الغربية التي كانت متسامحة، والتي كانت تسوّق الحرية، والعدالة، وتسوّق عدم الازدواجية، فسيطرت هذه الحركات على الحكومات، وعلى أجهزة صناعة الرأي، وهذا هو الخطر الحقيقي، وبدأوا يبثون البروباجندا الخطيرة لإقصاء المسلمين، والأقلية، ولا شك أن هذا يسبب مشاكل كثيرة، وأنا أقصد إقصاء المسلم السويسري، وليس المسلمين الذين جاءوا مهاجرين بسبب الحروب، مثل تعطيل حقوقهم المكفولة بالدستور الذي يطبق على الجميع؛ لكن المسلمين لا يستطيعون تطبيق هذا إلا بشروط، وهذا ما قاله الوزير النمساوي علناً أمام البرلمان، حيث قال: المسلمون يريدون منا أن نعترف بهم، ونطبق عليهم الدستور النمساوي؛ ولكن لن نعترف بهم إلا بشروط!! وهو بذلك قد تناقض؛ لأن الدستور يطبق على كل مواطن سويسري، أو نمساوي، أو فرنسي، بدون شروط، فلماذا المسلم بالذات؟!
لا شك أن هذا تمييز، وتحيّز، وهو يولّد الأفكار المتطرفة، وهذا واضح، وقد تكلم في هذا الباب عدة خبراء، منهم وزير الخارجية الفرنسي السابق فيلبا، وقال: نحن الذين صنعنا هذه الجماعات بأفكارنا، وبتطبيق دراساتنا السياسية في الخارج، وفي الداخل!
كذلك من أسباب انتشار الغلو: تطبيق دراسات مؤسسة راند، وهي مؤسسة معروفة تياراتها، ومعروفة توجهاتها، على الواقع الميداني، حيث أُرسلت استراتيجيات لوزارة الداخلية والخارجية في سويسرا، ولكل الوزارات في الحكومات الأوروبية، لكيفية مهاجمة هذه التيارات للأقليات المسلمة عن طريق أجهزة صناعة الرأي، وأقواها الاعلام.
قلتُ:
وكيف تعاطى الإعلام الأوروبي مع قضية معالجة ظاهرة العنف الشبابي، أو إقبال الشباب الأوروبي المسلم على الغلو؟
فقال:
المقصد الأعلى من الإعلام هو الخبر، ونقله، وتعليم الناس ما يحدث حولهم، سواء في سويسرا، أو خارج سويسرا؛ إلا أن الإعلام لم يعد جزء محايدًا في المجتمع بأن نأخذ منه مصادر إخبارية، بل أصبح جزءً من المشكلة، وجزءً ممن يحرض ضد المسلمين، وهذا واضح جداً، وغالب بيوت النشر، والمراكز الإعلامية تركز الآن على تسويق، وتشويه صورة وسمعة الإسلام، من خلال أخذ أي خبر ونشره، دون معرفة مصدر صاحبه، ثم يكتبون عن هذا الخبر التقارير، ويُعلن وينشر هكذا دون مصادر، والمهم لديهم أن ينشر شيء ضد الإسلام، وتشويه صورته، كما فعلت بعض الصحف السويسرية كصحيفة بليك التي زعمت في مقال لها أن الملاكم السويسري المسلم لوان ذهب للتدريب في المعسكرات الإرهابية في سوريا، ومرة قالوا في العراق!! مع أنه ذهب إلى الأردن، لدراسة اللغة العربية، والشريعة الإسلامية، وهو إنسان لطيف جداً، وهادئ، وليس لديه أي تأثر بتلك الأفكار المنحرفة، فالمقال كله غلط في غلط، وافتراءات بعد افتراءات.
قلتُ:
ألم ترفعوا قضية ضدهم؟
فقال:
بلى فعلنا، ثم قمنا نحن مجلس الشورى بحملة مضادة لهذا، وأيّد هذه الحملة آلاف المسلمين، والحمد لله.
ولكن الشاهد كيف يستغل الإعلام الأخبار بسهولة، ويكذب على شخص بريء جداً، كل ذلك من أجل تشويه سمعته؛ لأنه مسلم لا غير.
قلتُ:
ألم يفعلوا معك الأمر نفسه عندما ذهب بصدقات إلى القرى السورية الحدودية؟
فقال:
بلى، فهم ينشرون كذبًا أن مثل هذه المساعدات التي تقدمها الهيئات والجمعيات الإسلامية كعمل إنساني إنما هي من باب المساعدة للقتال والمقاتلين هناك، وهذا كله كذب صريح، لكن هذا الأمر توضّح، وانتهى بحمد الله تعالى.
قلتُ:
أستاذ نيكولاس، تكلمت عن الإعلام، ودوره، فهل لديك شيء جديد عن الإعلام؟
فقال:
بالطبع؛ لأن الإعلام له دور ثقيل في هذه المسألة، ولهذا السبب لا بد أن أذكر بعض الأمثلة، فقد تكلمنا عن هذا الموضوع فكرياً، والآن نريد أن نلفت النظر إلى بعض الأحداث التي وقعت في الفترة الأخيرة:
نحن في مجلس شورى المسلمين في سويسرا في كل حادثة إرهابية تحدث في أي مكان في العالم نقوم بإدانتها، والتبريء من فاعلها، وبيان الرأي الشرعي فيها، وهذا منهج لنا نسير عليه في كل وقت ومكان.
وعندما وقعت الأحداث الأخيرة في باريس قمنا بإصدار بيان براءة من هذا العمل، مع أننا في سويسرا، ولسنا من سكان فرنسا، والسبب في ذلك أن الإعلام السويسري يترصد في تلك المواقف لإلصاق تهمة الإرهاب بك إذا لم يصدر عنك بيان استنكار لهذه الجريمة، والكثير من الناس تبع لوسائل الإعلام، فتصبح أنت والحالة هذه متهمًا بشيء لا دخل لك به، فلذلك أنت مضطر أن تصدر بيانًا تحمي فيه نفسك من هذه التهم الباطلة، وهذا ما حدث، وقد نشر هذا البيان على موقع الفيس بوك أيضًا.
فما الذي حصل؟
عند نشر البيان على الفيس بوك قام شخص من بين مئات أو ربما آلاف، وعلّق على تلك العملية الإرهابية بقوله: اللهم زد وبارك!! كأنه يريد أن يقول: لماذا لم تكن أعداد القتلى أكثر من ذلك؟ أي أنه يؤيد القتل، ويؤيد تلك العملية، وهو شخص مجهول، لا يُعرف من هو، ولا يُعرف إلى من ينتمي، فما كان من إحدى الجرائد السويسرية وهي جريدة: عشرون دقيقة، وهي من أكبر الجرائد في سويسرا تقريباً، وتصدر يوميًا، ويقرأها ما بين ثلاث إلى أربع ملايين قارئ! إلا وكتبت مقالًا تتهم فيه مجلس الشورى الإسلامي السويسري بأنه يؤيد العمليات الإرهابية في باريس!! والسبب ذلك الشخص المعلّق على المقال في صفحتنا على الفيس بوك!
فهل هذا كلام موضوعي، وتصرف أخلاقي، من جريدة تحترم قراءها؟!!
فلماذا لا يكون هذا المعلّق واحدًا منهم لتشويه السمعة؟
ولكن بحمد الله كتبت إحدى الجرائد الإنجليزية المعروفة وهي جريدة وطفا مقالًا ضد هذا المقال، وبينت أن الذي يحدث في سويسرا ليس عملاً صحفيًّا محترمًا، وإنما هو تشويش، وتضليل، وأكاذيب واضحة، فكيف تربط تعليق من مجهول بفكر مؤسسة كبيرة شِبه حركة إسلامية في سويسرا؟
لا شك أن هذا من الصور السلبية للإعلام الغربي الواقع اليوم.
قلتُ:
وهل الأفكار تعتبر سببًا لنشوء الغلو؟
فقال:
أنا أتوقع أن من أسباب انتشار الغلو الجهل المنتشر بين الجالية، أو بين المسلمين في أوروبا، لأنهم خرجوا من بلادهم، وما تربوا تربية إسلامية، فليس لديهم الأساسيات الشرعية، ولا يعرفون الإسلام الصحيح، ولذلك من الممكن أن ترى شخصًا كان بالأمس في البارات، والمقاهي، والخمارات، ثم هو في اليوم الثاني أصبح ملتزمًا، وأصبح مؤيدًا لداعش!! وهذه من الأمور التي تنتشر الآن في أوروبا، فمن الأسباب نشر هذه الأفكار مثل الولاء والبراء، فتطبيق الولاء والبراء خارج عن نطاقه، وخارج عن سياقه، وخارج عن ضوابطه المفهومة الشرعية عند هؤلاء، فيطبق الولاء والبراء بمفهومه الخاص، فيوالي داعش، ويتبرأ من الجميع، ويعتبرهم غير مسلمين.
قلتُ:
وقد رأينا فهم الولاء، والبراء، والعقائد، عند الذي قتل خاله، والذي قتل ابن عمه، وغير ذلك.
وقد التقيتُ بشباب من هذا النوع في إسبانيا، كفّروا قناة قرطبة، وهي قناة إسلامية، وكفّروا كل من يعمل فيها؛ لأنهم رسميون، ولأنهم يدفعون ضرائب! وهذا شيء عجيب، وكلهم يغلب عليهم أنهم شباب، وأنهم جهلة.
والآن نريد أن نتكلم عن العلاجات، ولا شك أن العلاج الإعلامي يجب أن يكون قوي؛ لأن الطرفين الذين تكلمنا عنهم معالجتهم الإعلامية مضللة وقوية، فطرف الجماعات التكفيرية، وفيديوهاتهم الهوليودية الداعشية قوية، وطرف الإعلام الغربي أيضاً هوليودي وقوي، أما إعلامكم أنتم يا وسطيين فبسيط وساذج، كما يقول البعض!
فما رأيك؟
فقال:
نحن نفكر في العلاجات، وذكرنا بعض الأسباب التي تؤدي إلى انتشار الغلو، والتي منها أيضاً الفراغ الكبير في الساحة الإسلامية، فلا توجد قيادة واضحة صالحة في العمل الإسلامي، وفي نشر الفكر الإسلامي الوسطي، وليس لدينا في هذا مشروع كبير بارز، وهذا من الأمور التي يجب أن نعترف بها إذا أردنا أن نعالج القضية، لا بد أن يكون لنا مشروع بارز قوي مدعوم، له وجه إعلامي قوي، على الأقل على مستواهم، وهذا المطلوب، ولهذا نحن فكرنا في إصدار أفلام؛ لأن الشباب عندما تؤثر عليه هذه الأمور لا يأخذها من المسجد، أو من درس، أو من خطبة، كلا، وإنما يلتقط هذه الأفكار من اليوتيوب، ومن القنوات الأخرى، ولأجل ذلك قمنا بإصدار فيلم عن ذلك، وقلنا: إن هذا المتأثر بالفكر الجهادي يصدق من يقوم بهذه الأفكار، ويكون في وسط صفوف المجاهدين، ولا ينتمي إلى حركة سياسية، وإنما هو مستقل، ومحايد؛ ولكنه إسلامي وصادق، فكان فيلم: “الفجر الصادق“، ولماذا الفجر الصادق؟ لأن الدولة الإسلامية أو داعش قالت: نحن الدولة الإسلامية، نحن الخلافة، فتعالوا يا مسلمون إلينا، وبايعوا الخليفة، فكأنهم يقولون: نحن الفجر الصادق! فأصدرنا هذا الفيلم رداً على هذه الخزعبلات، والمقصود من الفيلم هو الرد على الشبهات التي تنشرها داعش، والرد على الاتهامات الباطلة ضد الحركات الإسلامية الصادقة الوسطية، فما زعمته داعش أنها هي الخلافة إنما هي الفجر الكاذب الذي يخدع البصر، ومدة فيلم الفجر الصادق أربعون دقيقة، وهو مترجم، والفكرة أننا نعالج القضية من الداخل، فالقضية الإسلامية لا يعالجها إلا الإسلاميون، القضايا الإسلامية لا تعالج من الخارج، أو من تدخل خارجي، هذا مهم جداً.
قلتُ:
وهل من كلمة أخيرة تقولها عن الغلو الإسلامي في الغرب، وأثره علينا؟
فقال:
أنا أرى في الساحة تقصيرًا عظيمًا في طرح مشروع متكامل وسطي، ودعم لهذا المشروع، فنحن نريد أن ننقذ المشروع الإسلامي الوسطي، وإنقاذه يحتاج إلى دعم قوي، دعم إعلامي، ودعم مادي، ودعم مالي، ودعم فكري.