بينى وبينكم 2005 الحلقة الثالثة عشر ال البيت
مبرة الآل والأصحاب
ريادة في العمل الخيري
نحن نعلم أن العمل الخيري متنوع ومتعدد في عالمنا الإسلامي، إلا أن الإبداع والإضافة تكون في فتح مغاليق، ولمس مجالات غير مطروقة.
ومن تلك المؤسسات التي يصدق فيها هذا الأمر مبرة الآل والأصحاب، والتي كتب في التعريف بها أنها لون جديد من العمل الخيري في الكويت، ودعوة للمساهمة في نشر تراث الآل والأصحاب لما فيه وحدة الأمة، والوحدة الوطنية، وهذه بلا شك يحتاجها كل مجتمع.
ولتقريب الصورة أكثر، وحتى يكون الحديث واقعيًّا، لا نظريًّا، قمت بزيارة لمبرة الآل والأصحاب، واجتمعتُ فيها بالدكتور عبد المحسن الخرافي، رئيس مجلس الإدارة، وكان لي معه هذا الحوار الماتع:
فكان أول ما بدأتُ به سؤالي للدكتور:
نريد أن نعرف هدف قيام هذه المبرة.
فقال:
نحن ولله الحمد وفّقنا الله سبحانه وتعالى لإنشاء هذه المبرة، بإشهار رسمي من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الكويت، وقد استهدفنا المحاور الثلاثة التالية:
نشر تراث الآل والأصحاب.
غرس محبتهم في نفوس المسلمين.
تعزيز الوحدة الوطنية من خلال تجلية بعض المفاهيم الخاطئة في نفوس بعض المسلمين!
وقد يعجب المرء عندما نقول: إن الهدف الأول يتمحور حول نشر تراث الآل والأصحاب، فنقول وبكل نقد للذات: نحن مجتمعات مقصرة في مجال تراث الآل والأصحاب، وقد لمسنا جهلًا كبيرًا من عامة الناس في كثير من المسائل المتعلقة بتراث آل البيت والصحابة، فلو ووضعنا يدنا على الجرح لوجدنا أن بعض المسلمين قد توجد عندهم بعض الإشكالات الفكرية تجاه بعض الصحابة، أو تجاه آل البيت! الأمر الذي يتوجب أن نغرس هذه المحبة في نفوسهم، وهذان الأمران يفضيان إلى الوحدة الوطنية، وتعزيزها، من خلال تجلية بعض المفاهيم الخاطئة، فالمستجدات السياسية من حولنا وخصوصًا في السنوات الأخيرة بدأ يتمحور كثير من الصراعات فيها حول الطائفية باستدعاء التاريخ القديم، وبالتالي نحن نريد أن نحل المشكلة من أساسها.
أما اللون الجديد الذي تفضلت بذكره في العمل الخيري، فنحن نعلم ولله الحمد أن الكويت رائدة في مجال العمل الخيري منذ القدم، وهي دائمًا – وبدون تحيز – السباقة في هذا المضمار، والصحوة الخيرية بدأت منها، وقد حفظ الله سبحانه وتعالى الكويت من كثير من النكبات بفضل الله تعالى، وبما قدمت من أعمال خيرية، سواء على المستوى الرسمي، أو على المستوى الشعبي، كما قال النبي صل الله عليه وسلم: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء)، إلا أننا أردنا أن نضيف لونًا جديدًا للعمل الخيري، فلا نكرر فيه ما صنعه إخواننا من عشرات السنين، بما يعرف بالإغاثة المادية، فكان توجهنا نحو الإغاثة الفكرية، بأن نضيف ما يحتاجه المجتمع اليوم.
قلتُ:
وما هي الآلية التي تتحركون فيها؟
فقال:
الآلية العملية أننا ارتضينا لأنفسنا أن نكون مؤسسة علمية، فكرية، بحثية، خيرية، تنشر الكتب، والكتيبات، والأشرطة، بعيدًا عن القضايا السياسية، والطائفية، الخلافية، لأننا نريد أن نجمع، ولا نفرق، فكان التركيز على المشتركات، وعلى ما هو متفق عليه في تراث آل البيت والصحابة.
فكانت الخطة البحثية والأولويات البحثية تركز على تراث آل البيت والصحابة، من حيث فضائل آل البيت، وفضائل الصحابة، والعلاقة الحميمة القوية بينهما، فمن مؤلفات وإصدارات المبرة على سبيل المثال: كتاب: الأسماء والمصاهرات بين أهل البيت والصحابة، فأبسط وأبرز مظاهر القرابة والصلة الحميمة بين الآل والصحابة هي التسمي بأسماء بعضهم البعض، فقد حصرنا من تسمى بأبي بكر من آل البيت، ومن تسمى بعمر، ومن تسمى بعثمان ومن تسمى بعائشة، كل ذلك بأدلة ونقول من كتب الطوائف الإسلامية الموجودة.
كذلك المصاهرات بين آل الصديق وآل البيت، وبين آل الفاروق وآل البيت، وآل عثمان بن عفان وآل البيت، وهكذا، مما يدل على العلاقة الحميمة بينهم، فإن كان أصحاب الشأن في حينها قد تصاهروا، وكانت بينهم هذه اللحمة الحميمة، فلماذا نأتي بعد 14 قرن من الزمان ونجعل هذا محورًا للخلاف بيننا؟!!
قلتُ:
ولكن الخلاف وجد في بعض المراحل، وفي بعض المسائل، فهل معنى ذلك أن نكون مثاليين، ولا نذكر الخلاف؟
فقال:
نحن على الأقل نجلّي الحقائق بموضوعية وحيادية، ونقول للمحسن أحسنت، وللمخطئ أخطأت، ولكن في المقابل نبرز الإيجابيات، فعلى الأقل ننصف كثيرًا من الشخصيات المظلومة في التاريخ بإبراز محاسنها، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساوئهم)، وهذا ما يمكن أن يسمى بالإعجاز التربوي.
قلتُ:
دائمًا نقول إن العمل المؤسسي التخصصي، والاهتمام بالتفاصيل، هو الإنجاز والإبداع، فأنتم في مبرة الآل والأصحاب كيف صنعتم، وماذا قدمتم في الجانب الثقافي المرجعي؟
فقال:
بلا شك أن عمل المبرة يقوم ويتمحور حول المكتبة، وهي مصدر المعلومة، فإن كانت المكتبة الإسلامية التقليدية تنقسم إلى عقيدة، وعبادات، وأخلاق، وغيرها، فمكتبتنا على تواضعها مكونة من سيرة آل البيت وتراثهم، وسيرة الصحابة وتراثهم، وأمهات المؤمنين، والخلفاء الراشدين، وهكذا.
فالمكتبة تعبر بالفعل عن الاسم، وعن المحتوى، فهي تعبر عن المبرة نفسها، التي تهتم بتراث الآل، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، حيث لدينا عشرات الكتب في عدة مجالات، منها ما يتعلق بسير آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها ما يتعلق بصحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي كتب لعلماء سابقين، ولمعاصرين، وبعضها دراسات جامعية.
فمن بين هذه الأمثلة: دراسة للدكتور علي الصلابي بعنوان: أسنى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وهي من الدراسات الهامة جدًّا، والكتاب يقع في 959 صفحة تقريبًا، كلها في سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وتراثه.
كذلك هناك كتب في سيرة أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان بن عفان، رضي الله عنهم أجمعين، وغيرهم من الصحابة.
فالمكتبة كما ذكرت تحتوي على عشرات الكتب، وتحرص أن تكون متنوعة، فلا تتقيد بفكر واحد، وإنما فيها الكثير من المشارب والاتجاهات الفكرية، فعلى سبيل المثال: يوجد لدينا كتاب بعنوان: بحار الأنوار للمجلسي، وهو موسوعة كبيرة في تراث آل البيت.
قلتُ:
هل هناك علاقة بين المكتبة، وبين الخطة البحثية لديكم؟
فقال:
بلا شك، فكما حرصنا على إنشاء هذه المكتبة، حرصنا على إيجاد كادر بحثي كفء، لاستغلال هذه المكتبة، والاستفادة منها، ووضعنا ولله الحمد خطة بحثية ذات أولويات كما في تصورنا.
قلتُ:
وهل من الممكن أن تطلعنا على الجانب العملي لهذه الخطة البحثية؟
فقال:
بكل سرور، فقد كان من نماذج اهتمامنا بموضوع الأنساب أن وظفنا ذلك بأسلوب عملي رشيق، يعمل على توظيف المعلومات الموجودة في المكتبة ببعض الاصدارات الدعائية، أو ما يعرف بالبوسترات.
فمن أمثلة ذلك مثلًا: مقولة الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه: (ولدني أبو بكر مرتين)، حيث كتبت بخط بارز، وذكرنا أسفل هذه المقولة المراجع التي وردت فيها، وكان الهدف من هذه اللوحة أن نعرّف الناس أن الإمام جعفر الصادق الذي نسب إلى اسمه المذهب الجعفري، هو ابن الإمام محمد الباقر، ابن الإمام علي زين العابدين، ابن الإمام الحسين الشهيد، ابن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، هذا من جهة الأب.
وأما من جهة الأم: فأمه هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وأمُ أمِ فروة هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، أي أن والد ووالدة أم فروة هم أحفاد أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه!! ولذلك كان جعفر الصادق يفتخر بهذه النسبة.
كذلك من النماذج: المصاهرات الخمس بين آل البيت وآل الصديق، فنجد أن النبي صلى الله عليه وسلم زعيم آل البيت النبوي تزوج من عائشة بين أبي بكر.
كذلك الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه تزوج من حفصة بنت عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق. وهكذا.
والملفت للنظر واللطيف في هذه المصاهرات أن الرجال كانوا من آل البيت، وأن النساء كنّ من آل الصديق، مما يدل على أن المبادرة كانت تأتي من الرجل، فهو الذي يبادر باختيار المرأة، مما يدل على العلاقة الحميمة بينهما.
قلتُ:
هل لك أن تذكر لنا بعض أسماء وعناوين إصداراتكم؟
فقال:
بحمد الله لدينا كمية كبيرة من الإصدارات، سواء الذي طبع، أو ما هو تحت الطباعة، ومن ذلك:
فضائل أمهات المؤمنين.
كيف نقرأ تاريخ الآل والأصحاب.
قرة العين في سيرة الإمام الحسين.
ثناء آل البيت الأطهار على الصحابة الأخيار.
تمام الآلاء في سيرة سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب.
الصديق رضي الله عنه في بيت النبوة.
شهيد المحراب عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أولئك مبرؤون: نقض للشبهات على بعض الصحابة الكرام.
رواة الأخبار عن الأئمة الأطهار.
سيرة وفقه الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه.
مرويات الصحابة في فضائل آل البيت.
مرويات آل البيت في فضائل الصحابة.
الأسماء والمصاهرات بين آل البيت والصحابة.
حديث السقيفة.
عائشة الصديقة رضي الله عنها.
إني رزقت حبها: خديجة رضي الله عنها.
الحسن بن علي رضي الله عنه.
إلى غير ذلك من إصدارات.
قلتُ:
نشكر لكم هذا الجهد المتميز في مبرة الآل والأصحاب، الذي ينتقل من العطاءات المادية، إلى الغذاء الروحي، والأصالة التاريخية، والاستنتاج التربوي، لخدمة الأمة، وتأليفها محليًّا، وعربيًّا، وإسلاميًّا.