وياكم 2015 الحلقة السابعة العيون المدمنة
العيون المدمنة
موضوع كثرت فيه الشكوى، وعمت فيه البلوى، خاصة لشباب هذه الأمة…
إنه… إدمان الأفلام الإباحية!!
ذاك المرض الخطير الذي بدأ يفتك بشبابنا، وفتياتنا، وينخر في أخلاقياتنا، وذوقنا.
ولإيماننا بأن لكل داء دواء، ولكل مرض علاج، فإن هذا المرض كغيره من الأمراض التي يمكن تلمس أعراضها، والوقوف على أسبابها، ومن ثم وصف الدواء الناجع لها.
ومن باب قول الله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، ومن باب سؤال أهل الاختصاص، كان لنا لقاء مع أحد المهتمين بهذا الجانب، بل والعاملين في مجال العلاج، والوقاية منه.
إنه الدكتور وليد فتيحي، المؤسس، والرئيس التنفيذي، ورئيس مجلس إدارة المركز الطبي الدولي في جدة.
بدأت حواري معه بقولي:
دكتور وليد ونحن نتكلم اليوم عن العين المدمنة، ونحن في عصر الصورة، كنا في السابق نقرأ كتاب: “الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي“، لابن القيم، الذي تكلم فيه عن عشق الصور، وكتاب: “روضة المحبين ونزهة المشتاقين“، فنعجب من ذكر بعض الأمثلة.
أما اليوم ففي عصر الصورة، والإغراق الإدراكي لها في كل مكان، والتي تقول للإنسان أنت جسد، وأنت ماركة، وأنت غريزة دافقة، ومجرد جلد، وإشباع للحاجات المادية، هذا الجو كله ومع تصاعد معدلات التركيز على الإنسان الاقتصادي، ثم الإنسان الجسماني، ثم إنسان وسائل الأجهزة التناسلية كما يسمّيه أحد الفلاسفة.
في ظل هذه الأجواء وما يصاحبها من شكوى من الزوجات، وشكوى من الأصدقاء، وشكوى من المدرسين، وشكوى من المتفوقين، من آفة إدمان الصور الإباحية، الأفلام الإباحية.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل يمكن للعين أن تدمن؟
فقال:
العين هي نافية الروح، وأنا أسألك ها هنا سؤالاً فأقول: الإدمان أنواع كثيرة، فهناك: إدمان على المخدرات، وإدمان على الكحول، وإدمان على السجائر، إلى آخره…، برأيك: أيهما أشد وطأة على الإنسان، وأشد بشكل عام، هل إدمان تلك الأنواع، أو إدمان الأفلام الإباحية؟
قلتُ:
أعتقد أن جماهير عريضة من المشاهدين سيجيبون بدون أدنى تفكير: أكيد إدمان المخدرات بأنواعها.
فقال:
هذا هو المفهوم السائد لمصطلح الإدمان، إلا أنه وفي جلسة تاريخية في مجلس الشيوخ الأمريكي وقفت الباحثة في مركز العلوم السلوكي في بنسلفانيا ماري ان لايدن، وعلى الهواء مباشرة لتقرر وتؤكد أن الإدمان على الأفلام الإباحية أشد خطراً من الكوكايين لأسباب كثيرة، ووضحت في تلك الجلسة حيثيات الإدمان على الصور الإباحية، أو الأفلام الإباحية، وأنها أشد فتكاً بالإنسان، ومن هذه الأسباب:
أولاً: أنه لا قيود عليه.
ثانياً: أنه شيء مجاني، ومتوفر دائماً، وتبعاته لا تظهر إلا بعد فترة طويلة.
والسؤال: ماذا يفعل الإدمان على الصور الإباحية، والأفلام الإباحية؟
وجد أنه يؤدي إلى ضمور في الفص الأمامي في الدماغ، ولا يمكن علاجه مرة أخرى على غرار الكوكايين، بل هو يحث ما يسمّى بالأفيون الطبيعي في الجسم.
ما هو الإدمان؟ أو هو عبارة عن ماذا؟
كل أنواع الإدمان تشترك في شيء واحد وهي أنها تبحث عن ما يسمّى بالدوفامين، وهو هرمون السعادة، ولذلك فإن المخدرات، والكحول، والقومار، والجينس، كلها صور من صور هذا الإدمان، لأنها تبحث عن إفراز الدوبامين، إلا أن المشكلة تكمن في حدوث تبلد عن الإنسان، فيصبح يحتاج إلى جرعات أكثر ليحصل على كمية النشوة نفسها! وبالتالي يبدأ ينتقل من الصورة البسيطة، إلى الأكثر إثارة، إلى الشواذ، إلى غير ذلك!
ولذلك فإنك تجد في الأفلام الإباحية أشياء لا يمكن للإنسان أن يتصورها في الواقع، ومن ثم يحاول هذا الإنسان الحصول على كمية دوبامين أكبر لتعطيه النشوة التي يعرفها سابقاً، ولكن هيهات، إﻻ أن يأتي بشيء أكثر وأكثر، وفي النهاية يبقى الأمر كالسراب، لأنه لن يستطيع أن يحصل على هذه النشوة، ولذلك فالأفلام الإباحية مدمرة على كل صعيد.
وقد وجد أن الشخص الذي يتعرض لحادث بالسيارة، ويصاب في فصه الأمامي، فإن طباعه تشبه إلى حد كبير ذلك الشخص المدمن بكل أنواع الإدمان، وعلى رأسها الأفلام الإباحية، فيصبح عنده عدم قدرة على التحكم في نفسه! فيصير إنساناً مندفعاً، لا ينظر إلى العواقب! ولذلك تجد الإنسان المدمن يقوم بأشياء معينة، لا ينظر إلى عواقبها، كالحيوان، فهو يريد هذه الجرعة من الدوبامين التي تخرج من الدماغ؛ لأنه أصبح مدمناً عليها، ولا بد أن يحصل عليها، وإلا حدث له ما يسمّى بتبعات الآثار الانسحابية للمخدرات.
قلتُ:
شكى لي معلمون، وآباء، وأمهات، بل وبعض الطلبة في عالمنا العربي من أن بعضهم كان متفوقاً، ومتقدماً، قبل هذا الوباء، وهو الآن نادم، ويندب حظه، ويشكو من ذاته، ويعاتب نفسه، فماذا تقول لأمثال هؤلاء؟
فقال:
الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان بجيولوجية معينة، فهو بقدر ما يتوافق مع فطرته، بقدر ما يعطيه الجسم أكثر، يقول الشافعي رحمه الله تعالى:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور ونور الله ﻻ يهدى لعاصي
والسبب أنه نظر إلى كعب امرأة!!
كنا نمر على هذه الأبيات سابقاً، لكننا لا نفهمها من ناحية فسيولوجية.
قلتُ:
وهل إدمان الأفلام الإباحية ظاهرة في مجتمعاتنا؟
فقال:
لقد تعدى كونه ظاهرة في العالم، فأنا أسميه وباء، لأنك عندما تعرف أنه كل ست ثواني ينتج فيلم إباحي جديد!! وعندما تعرف أنك لو جمعت شركة أبل، ومايكروسوفت، وجوجل، وياهو، لوجدت أنهم أقل دخلاً من صناعة الأفلام الإباحية في العالم!! فقد أشارت بعض التقديرات إلى أن أرباح الأفلام الإباحية في العالم تجاوز المائة بليون دولار!!
أقول: إذا عرفنا كل ذلك، أيقنّا عندها أنها أصبحت وباء، وإدمان من أسوء أنواع الإدمان، وأسوء أنواع الظواهر؛ لأنها تدمر الإنسان تدميراً كاملاً.
قلتُ:
لا شك أن أقدس علاقة بين الذكر والأنثى، وهي الميثاق الغليظ الذي أخذه الله عليهما، هي العلاقة التي يمتزج فيها الجانب التربوي بالإيماني، بالغريزي، بالاجتماعي، بالنفسي، بالمصلحي، بالروحي، بالدفء، بالرحمة، بكل شيء.
ولكن عندما تأتي شكاوى إلى محاكم، وقضاة، وأساتذة نفس، وعلماء اجتماع، ولجان تربية، وأئمة مساجد، أن الزوج انفصل عن زوجته، وأصبح يسهر في غرفته، ولا ينام معها، وغالب وقته يقضيه أمام النت، وعلى هذه الأفلام القبيحة!
فما هو تعليقك على ذلك؟
فقال:
إن القنبلة الذرية التي تدمر العالم كله هي عبارة عن انشطار أصغر جزيئاتها، والتي تمثل الأسرة بالنسبة للمجتمع، فانشطار الأسرة هو القنبلة الذرية، والأفلام الإباحية تؤدي إلى ذلك؛ لأن المدمن على هذه الأفلام يصبح عنده إدمان على هرمون الدوبامين، وفي العلاقة الطبيعية بين الزوجين هناك هرمونان رئيسان:
الدوبامين، والاوكسيتوسين:
أما الدوبامين: فهو عبارة عن هرمون السعادة أو النشوة.
وأما اﻻوكسيتوسين: فهو هرمون التقارب، والتوافق، والتراحم.
وفي العلاقة الزوجية السليمة يكون هناك توافق بين هذين الهرمونين، ولكن عندما يتعود الإنسان على الأفلام الإباحية يأخذ الدوبامين من غير اﻻوكسيتوسين، فيصبح هذا الهرمون لا يتوافق مع هذا الهرمون، فيؤدي ذلك إلى أن الحياة الزوجية، أو العلاقة الزوجية تصبح علاقة جنسية فسيولوجية فحسب، وليست علاقة نفسية عاطفية، وأرواح تتقارب!!
قلتُ:
هل أنت مع التوجه الذي يقول بضرورة إدخال ثقافة ومنهج التربية الجنسية في مدارسنا؛ لكي يعرف الإنسان هذه المعلومات التي طرحتها؟
فقال:
لا شك في ذلك، فأنا مستغرب أنه إلى الآن ليس هناك منهج للثقافة الجنسية، أو التربية الجنسية، في مدارسنا!! فنحن نترك أطفالنا، وأبناءنا، يستقون هذه المعلومات من الصور والأفلام!
كما أن معظم العلاقات الزوجية تدمر في أول ليلة؛ لأن هذا الزوج لا يعرف ما معنى عذاب الزواج، ولا يعرف كيف يتعامل مع المرأة أصلاً؛ لأنه إما أنه جاهل جهلاً كاملاً بذلك، أو أنه استقى معلوماته عن طريق الأفلام الإباحية! فتتدمر أخلاقه الزوجية من أول ليلة.
نعم الجنس الإسلامي لا بد أن يدرس، وتعطى المعلومات الصحيحة لكل مرحلة، فمثلاً في المرحلة الابتدائية أعلمهم ما معنى التحرش الجنسي، ما معنى أني أملك جسدي، وأنه لا أحد له الحق أن يقترب من مواقع معينة في جسمي، ولا حتى أقرب الأقرباء.
وبعد ذلك بمرحلة أكبر أعلمهم ما معنى العلاقة الزوجية، والثقافة الجنسية، وهكذا.
وما أذكره هو أحد النماذج الطيبة الناجحة في ماليزيا، حيث ضمنوا ذلك في اللغة العربية، وفي الأحياء، بل وفي منهج مخصص للتربية الجنسية.
الإسلام منهج حياة متكامل، وليس عبارة عن شعائر، وطقوس، وعلاقات بين الإنسان وربه فحسب، والحياة الجنسية التي تبدأ بين الزوج والزوجة بالنسبة لي هي النواة التي ينطلق منها كل هذا المجتمع.
قلتُ:
إذن لا بد من التوعية في هذا الموضوع في عصر بدأ يطرح الإنسان الجنسي على أنه الإنسان النموذج المحتذى، كما يقول صاحب كتاب: “فلسفة تفكيك الإنسان”.
ولكن هلاّ حدثتنا أكثر عن التجربة الماليزية في هذا الجانب؛ لأن التجارب العملية للدول تغنينا عن كثير من الكلام، وتفتح المجال للذي يريد أن يدرسها.
فقال:
أكمل فأقول: إضافة إلى ما سبق ذكره، فقد وضعوا حوافز للزواج المبكر، معنوية، ومادية، كل ذلك تشجيعاً للزواج، وللحد من مثل تلك الظواهر السلبية، أما في عالمنا العربي فكثير من الشباب مساكين، يبحث الواحد منهم عن الحلال؛ ولكن هناك عادات وتقاليد في المجتمع أصبحت حاجزاً بينه وبين الزواج!! مع أن هذا حق من حقوقه بأن نعينه، ونحفظ له الجنس، وهذه مقاصد عليا للشريعة الإسلامية.
فماليزيا شجعت الزواج المبكر، حتى أصبح من طبيعة المجتمع أن يتزوج الإنسان عندهم وهو في سن مبكر، وتقوم الدولة بمساعدته فيما يحتاج إليه لإقامة بيت.
كذلك من الإجراءات الأخرى التي قامت بها ماليزيا، كما قامت بها دول أخرى، موضوع التضييق على الأفلام الإباحية؛ وإن ذلك عسير هذه الأيام؛ لأننا نعيش في عصر يصعب فيه أن تضيق عليها، فهو عصر مفتوح بكل ما تعنيه الكلمة، ولذلك فإن الطريقة الوحيدة لعلاج هذه المشكلة هي أن تعالج الإنسان نفسه، وفي علم النفس هناك ما يسمّى بـ: العلم البنّاء للإنسان، فأنا لا أنظر إلى السلبيات، وإنما أنظر إلى الإيجابيات، وأقوم ببنائها، وتنميتها، حتى تطغى، وتصغر وتضعف تلك.
قلتُ:
وما هو المخرج لمن تورط، وأدمن، أو لمن لم يُبتلى كي لا يسقط في هذا المستنقع؟
فقال:
هناك خطوات عملية ساعدت الكثيرين في التوقف عن مشاهدة هذه الأفلام، وانطلقت بهم إلى فصل جديد من حياتهم، فمن هذه الخطوات:
أولاً: القناعة بقرار التوقف، فإن لم تقتنع بعدُ، فيجب أن تبحث أكثر في نفسك، وأن تجد القناعة بأن الاستمرار في ذلك ما هو إﻻ انزلاق في وادي لا قرار له، وكلما ضعفت ذكّر نفسك بقوتك، وحوّل الأفكار السلبية إلى أخرى إيجابية.
ثانياً: اجعل الله تعالى عونك في رحلتك، وتذكر أن نيتك الطيبة سيجازيها الله تعالى بالعون، ويساعدك في مسعاك على التوبة بوجهه الكريم.
ثالثاً: حاسب نفسك، وحلل واقعك بدقة، وأجب عن هذه الأسئلة بصدق:
لماذا وصلت لهذه المرحلة؟
وما هي المحفزات التي تجعلني اتجه لمشاهدة هذه الأفلام؟
رابعاً: توقف فور ما قررت التوبة، ولا تؤخر ذلك لغد أو ليوم آخر، وأخلص لله تعالى في الدعاء بأن يعينك في مسعاك، وابدأ رحلتك للحرية.
خامساً: نظّف بيتك، وقم بإتلاف الأقراص الصلبة، ومسح النسخ الإلكترونية من جهازك، وتخلص من مفتاح غرفتك، وتعلم أن تترك باب غرفتك مفتوحاً، خاصة عندما تجلس على الكمبيوتر، فهذا يحد بشكل كبير من خلوتك مع نفسك التي يسول لك فيها شيطانك بمشاهدة هذه الأفلام.
سادساً: صحح سلوكك الجنسي إن لم تكن متزوجاً، فتذكر أن هذه الأفلام من أسباب العجز الجنسي بعد الزواج! فالمدمنون على الأفلام الإباحية معرضون لسرعة القذف، وعدم الانتصاب، ومشاكل أخرى.
أما إن كنت متزوجاً فتذكر أن الأفلام الإباحية من أهم مسببات تدمير الزواج، ولذلك حاول أن توجِد أشياء جديدة في علاقتك الجنسية مع زوجتك تستثيرك بشكل أكبر، فاستمتاعك مع زوجتك سيكون له أثر كبير في كبح جماح شهوتك.
سابعاً: أنت أعلم الناس بنفسك، فحاول قدر المستطاع تشتيت هذه المحفزات متى وجدت، فمثلاً: لا تفتح الكمبيوتر إن لم تكن لديك فكرة واضحة عما تريد فعله، فذلك يفتح الطريق أمام مشاهدة هذه الأفلام مرة ثانية، كن أنت من يقف قبل الوصول إلى الحافة.
ثامناً: يجب أن نعرف كيف نتعامل مع نوبات الشهوة، فالنوبة تبدأ بسيطة، وتزيد إلى حد معين، ومن ثم تبدأ بالتلاشي خلال أقل من ثلاثين دقيقة، ولذلك عندما تنتابك الشهوة في المرة القادمة تذكر أن النوبة ستتلاشى بعد دقائق بسيطة، وأنك تستطيع التغلب عليها.
تاسعاً: إياك أن تخضع لوسوسة أنك قوي الآن! وأنك تستطيع مشاهدة الأفلام دون أن تؤثر في نفسك! فهذه من أخطر أسباب العودة إلى الإدمان.
عاشراً: كافيء نفسك، وشجّعها، وهذا سيساعدك على تقوية همتك عندما يوفقك الله تعالى للتخلص من هذه العادة.
هذه بعض الخطوات العملية التي تعين الإنسان بعد فضل الله تعالى وكرمه للتخلص من هذا النوع من الإدمان؛ إلا أنني أقول: إن أفضل الخطوات التي تخرج الإنسان من جميع أنواع الإدمان هو أن يعرف الإنسان من هو، وأن يحقق ذاته!
وما معنى ذلك؟
معناه أن جميع أنواع الإدمان تشترك في شيء واحد: وهو إفراز الدوبامين، وهو الشعور بالسعادة، والنشوة، وقد وجدنا أن هناك نوعاً واحداً من البشر محصنون من جميع أنواع الإدمان، سواء كان الإدمان التقليدي، أو الإدمان السلوكي، أو غيره، وبناءً على دراسات كثيرة وجدنا أن هؤلاء لديهم كمية دوبامين طبيعية تفرز في الدماغ، تفوق أي كمية يمكن أن تفرز بأي نوع من أنواع الإدمان، فمن هم هؤلاء؟
إنهم الذين كرسوا أنفسهم من أجل الآخرين، ولخدمتهم، والقيام على شؤونهم، وحاجاتهم.
فمن أعظم أمثلتهم في واقعنا المعاصر: عبد الرحمن السميط رحمه الله تعالى، فقد قضى ثلاثة عقود في إفريقيا، يدعو إلى الله تعالى، فأسلم على يديه 11 مليون مسلم! إن مثله كان يعيش سعادة لا يمكن وصفها، ولا تقدر بأموال الدنيا كلها، ليس له وحده، بل هذه زوجته ورفيقة دربه تسأله: يا عبد الرحمن هل سنكون في الجنة بنفس السعادة التي نحن فيها هنا؟
انظر إلى هذه المرأة، وقارنها مع أي امرأة في عالمنا العربي، التي من الممكن أن تصاب باكتئاب ومرض نفسي إذا لم تستطع شراء حقيبة امتلكتها صديقتها!!
ولذلك فإننا إذا أردنا أن نعالج هذا الإدمان، وأي نوع من أنواع الإدمان فلا بد أن نقتحم العقبة: {فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيماً ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة}، فالعقبة هي أنا، أن أعيش لنفسي، أقتحم هذه العقبة، وأنسى نفسي، وأفكر في الآخرين، وقتها ستجد نفسك في سعادة، وسلام، وهناء، سعادة حقيقية لا تتبدد، وسلام حقيقي، وحب حقيقي.