لتجربة الأجواء المثيرة للمراهنة الرياضية والإثارة في ألعاب الكازينو عبر الإنترنت، ما عليك سوى التسجيل وبدء اللعب لدى شركة المراهنات Mostbet في المغرب . تعال لتستمتع باحتمالات عالية والعديد من المكافآت والعروض الترويجية والرهانات المجانية واللفات المجانية. سنمنحك نسبة 100% على إيداعك الأول، ولدينا أيضًا تطبيق ممتاز للهاتف المحمول!
بيني وبينكم 2009

بينى وبينكم 2009 الحلقة الثامنة الامريكية سارة

سارة الأمريكية

كان أحد قادة قريش وزعمائها، وواحداً من أثرياء مكة وتجارها، كانت تسمّيه قريش الوحيد، أو وحيد مكة.

إنه . . . الوليد بن المغيرة . . . والد الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه.

في أحد الأيام قرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم بعضاً من آيات كتاب الله تعالى العظيم، فينبهر الرجل، ويُصاب بالذهول من جمال ما سمع، وبلاغته، وفصاحته، وبيانه.

فيرجع إلى قومه، فيقول: (والله لقد سمعتُ من محمد آنفاً كلاماً، ما هو من كلام الإنس، ولا من كلام الجن، إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يعلى عليه).

نعم . . .  كانت تلك شهادة هذا الرجل المشرك، الذي مات على شركه وعناده في كتاب الله تعالى.

وهذه حقيقة ينطق بها الموافق والمخالف، ويقرُّ بها العدو والصديق، ويسلِّم بها المؤِّيد والخصم، ولا يجحدها إلا المكابر، مع قناعته في قرارة نفسه بخطأ رأيه، وبطلان قوله.

فهذا الكتاب فيه قوة عظيمة كامنة تجذب المستمع إليه رغماً عنه، وتأسر لُبَّه، وتشده إليه شدًّا.

ولذا . . . لا نستغرب أبداً إذا علمنا أن الإسلام هو أكثر الأديان انتشاراً في العالم !!

لا أقول: في العالم المتخلّف، النّامي، كما يقولون.

بل في العالم المتحضر، المتقدّم، المتطوّر، عسكرياً، وعلمياً، واقتصادياً، وإعلامياً، … و ….و …. !!

هذا واقع لا ينكر، بل إن كبار كتّاب، ومثقفي، وإعلامي بلاد الغرب يقولون ذلك، ويصرحون به.

مع العلم –وهذا لابد من وضعه في الاعتبار- أن حال المسلمين، أو غالبهم –حتى لا أكون مجحفاً- محبط، ومنفر عن الإسلام، وصادٌّ عن سبيل الله تعالى، سواء على المستوى الإعلامي العالمي، أو على المستوى الواقعي العملي.

وهذا اللّغز لا يمكن تفسيره إلا بما سبق ذكره من أنّ في هذا الدين قوة كامنة، وحججاً باهرة، تجعله قادراً على نشر نفسه بنفسه، دون الحاجة إلى مقومات أخرى، اللهم إلا فسح المجال أمامه، وتذليل العقبات من طريقه، وبعد ذلك راقبوا النتائج، واحكموا بأنفسكم.

جعلتُ هذا الكلام منطلقاً لحديثي عن قصة الأخت (سارة الأمريكية)، التي تجلّت فيها تلك المعاني العظيمة، والمواقف السامية.

لقد لفت انتباهها، وأدهش عقلها، كثير من الشعائر العبادية التي رأتها من المسلمين في بلاد الغرب، ولم ترها في أي دين آخر، مما جعلها تقف حائرة مذهولة:

لماذا يفعلون ذلك؟!

وما الذي يجبرهم عليه؟

وما هي القوة العظيمة التي تدفعهم إليه؟

أسئلة كثيرة كانت تدور في خلدها، ولا تجد لها جواباً شافياً، إلا بعد أن دخلت في هذا الدين العظيم.

هذه الأخت التي نتحدث عنها، لم تكن حديثة الإسلام، بل إنها عرفت هذا النور، وشرح الله صدرها لهذا الدين منذ عشرين عاماً !!

ولسوء حظّنا لم نظفر بها، ولم نطلع على قصتها إلا مؤخراً. . .

فكان لنا معها لقاء ماتع، حدثتنا فيه عن تجربة شخصية، مفعمة بالمعاني الإيمانية، والمواقف الجميلة، والذكريات الرائعة. . .

لقد تجلّى في قصتنا هذه قوة هذ الدين في نشر نفسه بنفسه –كما سبق وقلتُ- . . .

لقد تجلّى في قصتنا هذه التربية بالقدوة . . .

لقد تجلّى في قصتنا هذه التأثر بالموقف . . .

لقد تجلّى في قصتنا هذه العزيمة والإصرار على المبدأ. . .

لقد تجلّى في قصتنا هذه حقيقة البحث عن الحق، والرجوع إلى الصواب . . .

لقد تجلّى في قصتنا هذه أثر تربية البيت في نشأة المرء . . .

لقد … ولقد …  ولقد …

هذه المعاني وغيرها كثير ظهرت، وبرزت، واضحة المعالم، ناصعة الرؤى، في قصتنا.

تقول سارة:

نشأتُ في بيت محافظ، متديّن، ملتزم بنصرانيته . . .

كانت هوايتي جمع الأناجيل والصلبان، فكنتُ لا أسمع عن نسخة من الإنجيل إلا حاولتُ الحصول عليها، وقد عُرف عني ذلك، فكان أصدقائي وصديقاتي يزودونني بذلك في حالة الحصول عليه.

كنتُ منخرطة في الأعمال العقارية في ولاية كاليفورنيا، وكان العمل يأخذ جزءاً كبيراً من وقتي وحياتي. . .

لم أسمع عن الإسلام، ولم أعرف عن هذا الدين شيئاً حتى بلغت سن الرشد !!

كنتُ أشعر بخواء روحي، وفراغ عاطفي إيماني، وقلق، واضطراب، بالرغم من تديني، والتزامي بتعاليم النصرانية، إلا أنها لم تكن تشبع رغبتي، ولا تزيل حيرتي، وشكوكي.

كغيري من النصرانيات . . . كنتُ أذهب إلى الكنيسة كل يوم أحد للصلاة، وحضور القداس . . .

ومع يقيني أن هذا الفعل ليس له أثر في حياتي، إلا أنني كنتُ أحافظ عليه، لشعوري من الداخل بحاجتي الماسّة إلى علاقة روحية، وتعلق إيماني بالله تعالى.

قدر الله تعالى أن أتعرّف على بعض المسلمين خلال عملي، وبدأت علاقتي تتقوّى بهم أكثر فأكثر. . .

أخذتُ أسألهم عن بعض القضايا الشائكة في نظري، وأستفسر عن دينهم، وما يدعو إليه . . .

قاموا باصطحابي إلى أحد المراكز الإسلامية، وهناك شاهدتُ أموراً جعلتني أنجذب بدون إرادة واختيار لهذا الدين، . . .

شعرتُ بأنني وجدتُ ما كنت أبحث عنه، وما كان ينقصني . .  .

أول ما شدّني في الإسلام: الوضوء والصلاة خمس مرات في اليوم والليلة !!

سبحان الله. . .  ما هذه العلاقة المتينة التي تربط المسلم بربّه جل وعلا !!

نحن في ديننا النصراني لا نشعر بذلك أبداً، لأننا لا يربطنا بالربّ إلاّ جلسة واحدة في الأسبوع يوم الأحد، وهذا بلا شك لا يبني إيماناً راسخاً، ولا يطفئ سَوْرة الشوق إلى الروحانية، ولا يسُدُّ رَمَق النَّهِم إلى لذة القربى . . .

أما المسلم فهو على موعد مع ربّه في كل يوم خمس مرات

يناجيه . . . يسأله . . . يتضرّع بين يديه .  . . يتذلّل على عتباته . . .

ينطرح في رحابه منكسراً . . . فيلقي عليه ربه من فضله صبراً وعزاً . . .

هذه المعاني لم أعرفها من ذي قبل، ولم أشعر بها ولو لحظة واحدة من عمري كله . . .

وأما الأمر الآخر الذي شدّني كثيراً، وهزني من الأعماق . . .

فهو:  السجود لله تعالى. . . نعم . . . السجود!!

وهو لا يبعد عن النقطة الأولى، لأنه جزء وركن من أركان الصلاة . . .

إلا أن للسجود ميزة خاصة، ومذاقاً آخر، لا يعرفه، ولا يشعر به إلا من جرّبه . . .

كنتُ أقول في نفسي: لماذا يضع الإنسان جبهته على الأرض بهذا الشكل؟! ما الحكمة منه؟!

فلمّا أكرمني الله تعالى بالإسلام، ووضعتُ رأسي ساجدة لله تعالى لأول مرة في حياتي، شعرتُ حينها بأن الدنيا كلها ملك يدي. . .

شعرتُ بأن أثقالاً وجبالاً زالت عن ظهري . . .

شعرتُ بالعزّة . . . والكرامة . . . والحريّة . . . والعظمة . . .

شعرتُ بأن الأمنيات أصحبت حقائق . . .

باختصار شديد . . . شعرتُ بأنني إنسانة !!

كم ندمتُ على سنوات ضاعت مني، بل على لحظات!! كنتُ فيها بعيدة عن هذا الكنز الإيماني، وعن هذا النّعيم الرباني، الموضوع أمامنا، إلا أن قلوبنا غافلة عنه.

أما حجاب المرأة، وحشمتها، وعفّتها، وطهارتها، وحفاظها على نفسها، وشرفها، وكرامتها، فهذا بحر لا ساحل له، ومَعين لا يَنضب، ولو تكلمتُ عنه ساعات عديدة ما وفّيته حقّه . . .

كل واحدة منا تحب أن تُظهر جمالها . . . وأن تَظهر بأجمل صورة، وأبهى حلة . . .

كل واحدة منّا تحب أن تسمع كلام المدح والثناء عليها، وعلى رونقها، ونضارتها . . .

هذه فطرة في المرأة جُبلت عليها . . .

فلماذا تعمد المسلمة إلى إخفاء هذا الجمال، وستره، وتغطيته ؟!

ما الذي يدفعها إلى ذلك؟ ومن الذي يجبرها عليه ؟!

لم أكن أجد جواباً لأسئلتي تلك، بالرغم من أنني كنتُ أشعر باحترام عظيم، وتقدير كبير لمن تفعل ذلك !!

وبعد احتكاكي بكثير من المسلمات، وخاصة النساء من بلاد الحرمين، تبين لي أن الأولوية الأولى والأخيرة في حياتهن هو . . . الله جل جلاله.

نعم . . . إنهن نساء كغيرهن . . . يحببن الجمال، والأناقة . . .

ويعشقن الحرية، والانطلاقة . . .

لكن ذلك كله محكوم بشرع الله تعالى وأحكامه، فهذا الجمال، وتلك الحرية لها حدودها وضوابطها، التي إن خرجت عنها أصبحت وبالاً على صاحبها.

هذا الكلام قد لا تفهمه المرأة الغربية، لأنه يُصوَّر لها أن الحرية والسعادة في أن تطلق المرأة العنان لنفسها، ، ،

تفعل ما تشاء!! تلبس ما تشاء!! تذهب حيث تشاء!! تصاحب من تشاء!!

وما درت المسكينة أنها سلعة رخيصة في أيدي هؤلاء الذئاب، يسيّرونها كما يشاؤون، وفق شهواتهم ورغباتهم، وليس حبّاً لها، أو حرصاً عليها.

المرأة الغربية أشبه ما تكون ببضاعة معروضة في السوق، ينظر إليها الغادي والرائح، سواءً أَرَغِبَ في شرائها واقتنائها، أم لا. . .

أما المرأة في الإسلام فهي عزيزة، كريمة، مُصانة، لها مكانتها الرّفيعة، ومنزلتها السامية، . . .أُمًّا . . . أو أختاً . . . أو بنتاً . . . أو زوجة . . .

من خلال كل تلك المعطيات، مجتمعة ومفترقة، علمتُ بأن موقعي ليس في الديانة النصرانية، وأن الصوت الذي يهتف بي من الأعماق وجد ضالّته، وأدرك بغيته . . .

قدتُ سيارتي إلى مسجد يقع في منطقة قريبة من مكان سكني، لكنني لم يحدث أن ذهبتُ إليها، وعند وصولي إلى المسجد، رأيتُ بناءه قديماً، بل كان يتداعى للسقوط، فلما دَخلتُه شعرتُ بمشاعر لا يمكن وصفها . . .

استقبلني بعض المسلمين من الأمريكيين السود استقبالاً لطيفاً جداً، يدلّ على النقاء، والطهارة، والإخلاص، والحب . . .

صحيح أن المبنى قديم جداً، إلا أنه يشع نوراً، ويضفي عليك سكينة وطمأنينة، لا يمكن أن تجدها في أحدث المباني، وأطورها، وأكثرها رفاهية وتقدماً . . .

فالعبرة ليست بالشكل والمبنى، بل بالمضمون والمعنى . . .

عندها لم يكن لديّ خيار، أو تردد في قبول هذا النور، فالقلب مستعد، والروح عطشى، والمشاعر مرهفة، والأحاسيس مختلطة . . .

فكانت البداية السعيدة لحياتي الجديدة مع . . . الإسلام.

بعد ذلك بدأتُ بتوثيق صلتي بهذا الدين، والنهل من مَعينه، فكم كنتُ محتاجة لمثل هذه المبادئ، وكم بحثتُ عن مثل هذه الفضائل، . . . فالحمد لله على نعمته.

وبحكم طبيعة عملي في الأعمال العقارية، فقد كنتُ أواجه الكثير من الناس، وأحتكّ بالكثير من الثقافات، والديانات، وكان غالب أصدقائي وصديقاتي من اليهود !!

فلما علموا بإسلامي أصابهم الذهول، وأظهروا لي امتعاضهم الشديد من هذا الخيار . . .

لماذا الإسلام بالذات، دون غيره من الأديان ؟!

هلاّ اعتنقتِ أي دين آخر غير الإسلام!! أي دين . . . لا يهم . . . المهم غير الإسلام . . .

لم تؤثر فيّ تلك الكلمات، ولم ألتفت إلى تلك الترهات، فأنا أعلم الناس بنفسي وحاجتي، وما الشيء الذي يجلب لي السعادة من غيرها.

ولهذا السبب فقد فقدتُ الكثير من هؤلاء الأصدقاء . . .

صحيح أنني تأثرتُ في بداية الأمر، كوني إنسانة اجتماعية، صاحبة علاقات واسعة، وفجأة-ودون مقدمات- وجدتُ نفسي وحيدة معزولة عن الآخرين . . .

لاشك أن هذا الأمر له تبعاته السلبية على النفس، لكن إذا وطنت نفسك على أن من ترك شيئاً لله عوضّه الله خيراً منه، ستشعر براحة قلب، واطمئنان نفس . . .

وهذا ما حدث فعلاً، فقد أبدلني الله تعالى بهؤلاء الأصدقاء خيراً منهم، وأطهر، وأنقى، وأحرص عليّ، وعلى ديني وإيماني من إخواني المسلمين.

لكن قاصمة الظهر بالنسبة لي كانت في علاقة الأهل بي، فلقد دخل عليهم من الهم والغم، والضيق، والشعور بخيبة الأمل، والتعب والعذاب النفسي ما الله به عليم.

حاولوا استعطافي للعدول عن قراري، فلم يفلحوا . . .

عاملوني بالترغيب والترهيب، فلم ينجحوا . . .

فلما وجدوا الطريق مسدوداً أمامهم، كان خيارهم هجراني وقطيعتي . . .

لقد آلمني ذلك كثيراً، فليس من السهل أن يفقد المرء أعز الناس عليه، وأقرب الناس إليه . . .

كم أحزنني ذلك، وشعرتُ معه بالحسرة والأسى . . . حاولت التقرب إليهم، والتودد لهم، فلم أُفلح . . .

نعم هذا قدر الله تعالى، ولنا في النبي صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام الأسوة الحسنة.

ومن أكثر المواقف تأثيراً في حياتي، ولازلت أذكره إلى الآن . . .

عندما أشرف والدي على الموت، وأُدخل المستشفى، علمتُ بذلك، وعلى الفور توجهتُ لزيارته، والاطمئنان عليه، ولعلمي أنه كان يكره أن يراني محجبة، فقد خلعتُ حجابي، ولازمته في المستشفى لمدة أسبوع، علّه يشعر بنوع من الراحة، فيرضى عني قبل موته، وهذا ما حدث بحمد الله تعالى.

أما الحجاب فقد كان لي معه قصة وحكاية . . .

فبعد دخولي الإسلام، جلستُ فترة بدون حجاب؛ لظروف عملي الذي يتطلب مني السفر إلى أماكن كثيرة!!!

وهنا لاشك تقصير مني، أسأل الله تعالى أن يسامحني عليه، لكنه الذي حصل . . .

في إحدى السفرات كانت الوجهة إلى القدس –فك الله أسرها- . . .

دخلتُها على أني أمريكية شقراء، وكنتُ قد عزمتُ في نفسي على ارتدائي الحجاب بعد مكثي هناك عدة أيام، لأرى بنفسي الفرق في النظر بين المسلمة وغير المسلمة، وهل ما كنتُ أسمع به من تغير النظرة للمسلمة المحجبة، وانتقاصها، والازدراء بها، حق وواقع، أم أنها مجرد إشاعات كاذبة، وترويج إعلامي لجذب الانتباه، وإثارة العواطف؟!

فعلاً مكتثُ عدة أيام بدون حجاب، كنتُ خلالها معززة مكرمة، أحظى باحترام وتقدير بالغَيْن، فأنا الأمريكية الشقراء . . .

ولما لبستُ الحجاب، وكشفتُ لهم عن حقيقة أمري، وأنني مسلمة، تغيرت النظرة تغيراً عظيماً!!!

لقد أدهشتني النتائج . . .

لقد رأيتُ الفرق الواضح في نظر، وتصرفات اليهود تجاهي.

نعم  . . . إن الأمر حق وواقع، وليس بخيال، ولا كذب، أو ادعاء، أو مبالغة . . .

كدتُ أتنكَّر لنفسي، هل حقاً أنني الشخصية نفسها التي حظيت بالاحترام والتقدير قبل أيام ؟!

علمتُ عندها مدى العداء والبغض الذي يخفيه هؤلاء لهذا الدين العظيم وأتباعه . . .

ومن تلك اللحظة لم أخلع الحجاب بحمد الله تعالى، إلا يوم وفاة والدي كما ذكرتُ قبل قليل.

لاشك أن ما يفعله الإنسان عن عقيدة وقناعة تامة، واستسلام لأمر الله تعالى، فإنه يكون راسخاً رسوخ الجبال.

وهذا ما يميزه عن العمل إن كان من باب التقليد والعادة، والاستحياء من كلام الناس، فإنه بلا شك يكون هشًّا ليناً، يتحطم عند أدنى فتنة أو بلاء.

وبعد ذلك، ، ، تاقت نفسي لزيارة بيت الله الحرام؛ لأداء فريضة الحج، فقد قرأتُ عن هذا الركن العظيم، وما فيه من روحانية، وعبودية، وانقياد، وتجرد من شهوات الدنيا ولذاتها، وغير ذلك من معانٍ سامية، وأهداف نبيلة.

وفعلاً ركبتُ طائرة متجهة إلى الشرق الأوسط، وقدّر الله تعالى أني كنتُ مريضة جداً في تلك الرحلة، إلا أن شوقي لرؤية بيت الله الحرام، وأداء هذه الفريضة العظيمة، سمت بروحي، وشدت من عزيمتي للمضي نحو هدفي . . .

لكن المؤمن يعلم أنه لا يخرج عن سلطان الله وقدرته، وأن ما يختاره له فهو الخير . . .

وهنا كانت المفاجأة . . .

لقد حدث خلل في الطائرة، مما اضطرها للعودة إلى الولايات المتحدة مرة أخرى!! كان ذلك سبباً في ذهابي إلى المستشفى، ومكوثي فيه أياماً لأخذ العلاج اللازم.

لكن عزيمتي لم تفتر، وهمتي لم تنطفئ، فما إن خرجتُ من المستشفى، حتى حجزتُ على أقرب رحلة متجهة إلى لندن . . .

عند وصولي إلى لندن، كان المرض قد أخذ مني كل مأخذ، وبدا واضحاً للجميع أنني لا أستطيع إكمال مسيري؛ لأن ذلك سيؤثر سلباً على صحتي . . .

لم أقتنع بكلامهم، وألححتُ عليهم بضرورة ذهابي للحج، قبل أن أموت.

تعاطف معي الجميع، وقاموا بالاتصال على أحد المسؤولين في السفارة السعودية في لندن، وشرحوا له الوضع الصحي لي، وإصراري على أداء هذه الفريضة. . .

فما كان من هذا الأخ إلا أن تفهّم الأمر، وحمله محمل الجد، وقام بإرسالي مع طاقم من الأطباء وزوجاتهم، يقدر عددهم بـ 200 شخص!!

فجزاه الله خيراً على ما قدّم لي، وهذا الموقف لا يمكن أن أنساه طيلة حياتي.

استغرقتُ وقتاً طويلاً في أداء مناسك الحج، مع اهتمام بالغ من قبل الأطباء، وإشراف على حالتي الصحية، لكن الله تعالى يسر الأمر، وأنهيتُ أداء هذه الفريضة بنجاح.

وأثناء أدائي لمناسك الحج، وجدتُ نفسي أمام بئر زمزم، ورأيتُ الناس يشربون منه، ويضعون منه على رؤوسهم ووجوههم، فعمدتُ إليه، وبدأتُ أسكبه على رأسي، وأبلل به سائر جسدي، وطلبتُ من الحاضرين أن يصبّو علي من الماء، حتى غطاني من رأسي إلى أخمص قدمي، وأنا أدعو الله تعالى بالشفاء والعافية . . .

بدأت صحتي تتحسن تدريجياً بحمد الله تعالى، وما هي إلا أشهر معدودة حتى كتب الله تعالى لي الشفاء التام، واستعدتُ صحتي، بل وأفضل من الأول، فالحمد لله على كل حال.

كانت تلك أبرز المعالم، والوقفات في حياة الأخت سارة الأمريكية، وهي بلا شك مليئة بالدروس والعبر في الثبات والتضحية، والبحث عن الحقيقة، والاستجابة لنداء العقل، والإصرار، والعزيمة ، وغير ذلك من اللفتات.

وهذه الدروس والومضات ينبغي أن تكون نبراساً لنا في حياتنا، ومرشداً ودليلاً لأبنائنا وبناتنا على الاعتزاز بدينهم، والفخر بمبادئهم، وأخلاقهم العظيمة، التي لا يمكن أن تجتمع في أي دين، أو مذهب، أو طريق آخر.

هذه الحقيقة التي يجب علينا أن ندركها جميعاً، وأن نعمل وننطلق من خلالها، وأن نكون قدوة حسنة، وأسوة صالحة لغيرنا في الدعوة لهذا الدين العظيم. . .

نعم . . .  إنه الدين الوحيد الذي يلبي رغبات المرء النفسية، والروحية، والجسدية، والعلمية، والفكرية، وغيرها . . .

إنه الدين الوحيد الذي يجمع بين العمل للدنيا بجِدّ واجتهاد ومثابرة، وبين العمل للآخرة ببذل وعطاء ومصابرة . . .

إنه الدين الوحيد الذي يحترم الإنسان لإنسانيته، وأخلاقه، وتعامله . . .

إنه الدين الوحيد الذي يربط الماضي بالحاضر والمستقبل. . .

لذا وجدنا أن الغربي عندما يدخل في الإسلام، يعتز بإسلامه، ويفخر به، ويحارب الدنيا جميعاً من أجله، لماذا ؟!

لأنه عاش الضياع، والتحلل، والتمزق، والخواء الروحي، والأمراض النفسية، والاضطراب، والقلق، وحياة الشك والحيرة، . . .

بل لا نبعد عن الصواب إن قلنا: إنه عاش بدون إنسانية، فالشكوك والشبهات أحرقته، والشهوات والملذات أغرقته، فهو يترنح بين الحرق والغرق.

فالحمد لله على نعمة الإسلام . . .

شكراً للأخت سارة على ما منحتنا من وقتها، وعلى ما أفاضت به علينا من فوائد، ولطائف، وإشارات، جديرة بالدرس، والاهتمام، والعناية.

وأنت أيها القارئ الحبيب …

الشكر لك على صبرك علينا . . .

والشكر لك على اختيارك لهذه المادة، حيث جعلتها من أولوياتك . . .

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى