لتجربة الأجواء المثيرة للمراهنة الرياضية والإثارة في ألعاب الكازينو عبر الإنترنت، ما عليك سوى التسجيل وبدء اللعب لدى شركة المراهنات Mostbet في المغرب . تعال لتستمتع باحتمالات عالية والعديد من المكافآت والعروض الترويجية والرهانات المجانية واللفات المجانية. سنمنحك نسبة 100% على إيداعك الأول، ولدينا أيضًا تطبيق ممتاز للهاتف المحمول!
وياكم 2015

وياكم 2015 الحلقة العشرون تحديات الهوية ( المسلمون في الغرب )

 (المسلمون في الغرب)

 (تحديات الهوية)

الحديث عن الغربة والغرباء حديث ذو شجون، فهو يمس الناس جميعاً، ولذلك طفحت به الأدبيات القديمة، والحديثة، العربية، والأجنبية، فهناك:

غربة أرواح.

غربة أبدان.

غربة بلدان.

غربة أديان.

وأحياناً قد تجتمع هذه الغربات بعضها على بعض، ولكل نصيب من الغربة.

كيف نفهم الغربة؟

كيف نحمد الله تعالى على ما نحن فيه من نعمة؟

كيف نكسر فكرة المثالية بأن ينتقل الإنسان من الشرق الفقير المتعثر إلى الغرب المدني المتحضر؟

هذه التساؤلات وغيرها كثير طرحتها  على ابنتي وجدان، الفتاة السورية المقيمة في العاصمة السويسرية بيرن، لنرى مدى قسوة هذه الغربة على النفس، وألمها الشديد على الروح، وكان بداية حديثي معها بقولي:

وجدان: حدّثيني عن غربتك؟

فقالت:

لي سنة وأربع شهور هنا في سويسرا، خرجتُ من الشام، وكانت الغربة صعبة عليّ كثيراً؛ لأنها غربة قسرية، ولم تكن باختياري، وقبل أن أخرج من الشام كنت قد هيأت نفسي على أن هذه الغربة ستكون صعبة؛ لأنها من وجهة نظري ليست غربة عن وطن، وإنما غربة عن عائلة، وغربة عن أصدقاء، وإلى ما هنالك؛ إلا أنني عندما جئت إلى هنا وجدتُ غربة ثانية لم أكن وضعتها في الحسبان! ألا وهي: الغربة الدينية!! لأنني كنت أظن أنني ذاهبة إلى بلد أوروبي، إلى سويسرا، بلد الحريات! ولكنني صدمتُ كثيراً عندما وصلت هنا، وعلمت أننا كنا نعيش بنعمة لم نكن نشعر بها! فلبس الحجاب مثلاً سوف أحاسب عليه، وإذا أردت أن أمارس نشاطات دينية، فلن أحاسب عليها فحسب، وإنما قد يتسبب ذلك لي بمشاكل سياسية في المستقبل!! فأصبحت أعيش غربتين: غربة عن الوطن والعائلة، وغربة دينية.

قلتُ:

وهل أنت وحدك هنا؟

فقالت:

كلاّ، بل أنا وعائلتي، أمي، وأبي، وأختاي، وأخي.

قلتُ:

في غضون الحيرة التي تعيشها الجالية التي تأتي من العالم الإسلامي إلى أوروبا، أو إلى أي بلد غربي، أﻻ تشعرين أن كثيراً منهم يذوب في هذا المجتمع؟

فقالت:

هذا صحيح، وهذا كان أول شيء فكرت به عندما جئت هنا، فكنت أقول: إنني ذاهبة إلى مجتمع، وعادات، وتقاليد، مختلفة تماماً عما نحن عليه، ومن الممكن التضييق على أفكاري، ومبادئي، وإذا لم أضع نفسي في مجتمع مسلم، مجتمع تفكيره صحيح، فإن أفكاري في النهاية ستزول تدريجياً، وسأضطر أن أنخرط في هذا المجتمع، وأمارس عاداته، وتقاليده!

ولذلك فأول خطوة قمت بها عندما جئت هنا أنني بدأت أبحث على جمعيات إسلامية، وبدأت أشارك بنشاطات دينية، وأحاول أن أحيط نفسي بالمجتمع الإسلامي، فعاداته، وتقاليده، هي عاداتي، وتقاليدي، وكان هذا هو الحل الأمثل.

قلتُ:

وأين وجدتِ البيئة التي احتضنت نشاطك، وهويتك؟

فقالت:

بالدعاء، والصلاة، يسّر الله تعالى لي مجلس الشورى الإسلامي بسويسرا، وشعرت بحمد الله بعد سنة من مشاركتي معهم أنهم عائلة ثانية لي، فقد ساعدوني كثيراً، ودعموني كثيراً، وأروني المجتمع على حقيقته، وأروني السلبيات، والإيجابيات، خاصة أن لغتي الألمانية في الأشهر الأولى لم تكن تساعدني، سواء في الجامعة، أو غيرها، فهم سهّلوا لي أموراً كثيرة.

قلتُ:

نحن اليوم نعيش صدمة قوية، فكثير من المسلمات يتأثرن بالواقع المفروض عليهن، لا سيما أن الفتاة أكثر حساسية من الشاب، وأكثر اصطداماً بالمفاجآت، أو المباغتات الاجتماعية، أو الفكرية، أو الأحداث التي ليست على البال.

والسؤال: بماذا تنصحين المغتربة التي دفعتها الظروف إلى أن تكون في أي مكان من هذا العالم الغربي الذي يختلف عنا هوية، وثقافة، وسلوكاً، وأخلاقاً؟

فقالت:

أول مشكلة تواجه المرأة المسلمة هنا هي مشكلة المظهر الخارجي، حيث لا حجاب هنا، فالمحجبة إذا أرادت أن تعمل لا بد أن تخلع حجابها! وكذلك لبسها الإسلامي لا بد أن تنساه! أما الصلاة فلا مكان لها أثناء العمل!

ولذلك أقول: إن الرزق من الله تعالى، والأصل أن الواحدة منا لا تتخلى عن أي مبدأ إسلامي، لتحصل على غرض دنيوي؛ لأنه في النهاية كل شيء بيد رب العالمين، وليس بيد الحكومة السويسرية، أو بيد أي شخص آخر، فيجب عليها أن تتمسك بمبادئها الإسلامية لآخر درجة، وأن تحيط نفسها بالصحبة الصالحة، والقراءة.

قلتُ:

وهل لمجلس الشورى الإسلامي نشاط نسوي؟

فقالت:

بالطبع، فهناك قسم نسائي متكامل، وأهم شيء في مجلس الشورى الإسلامي بسويسرا أنه يدافع عن حقوق المسلمين، سواء في المحاكم، أو بالنواحي السياسية.

قلتُ:

هل تشعرين في المجتمع السويسري الغربي وأنت مسلمة مغتربة أن تكوني داعية تحملين هويتك بكل فخر، وتندمجي في ذلك المجتمع؟

فقالت:

بلا شك؛ لأننا ما وصلنا إلى هنا إﻻ بعد أن تخلى بعض المسلمين عن مبادئهم!

نحن لا نحمل شيئاً خاطئاً، وليس هدفنا أننا كمسلمين أن نعيش بحقوقنا، ومبادئنا، فحسب، دون أن نؤذي أحداً! كلاّ، بل يجب علينا أن ندخل المجتمع بفخر، وبقوة، بهذا الدين.

كانت تلك آخر كلمات وجدان، وأرجو أن تكون رسالتها الجميلة قد وصلت للمغتربين، والمغتربات في الحفاظ على هويتهم، وفي التعايش الصحيح مع تلك المجتمعات.

ويستمر حديثنا عن الغربة والغرباء في الغرب، وصدق القائل:

أنا في الغربة أبكي.

ما بكت عين غريبي.

لم أكن يوم خروجي من بلادي بمصيب.

عجباً لي ولتركي بلداً فيه حبيبي.

فكثير من الذين خرجوا من ديارهم، وتغربوا عن أوطانهم، لم يكن ذلك في غالب الأحيان باختيارهم، وإرادتهم، بل ألجأتهم الظروف إلى هذا الخيار المرّ.

وهذا نموذج آخر من هؤلاء الغرباء المعذبين، إنها: نادية….

قلتُ لها:

أنت من مواليد ألمانيا، فجدّك أتى إلى هنا، وكان أبوك في الـ 14 من عمره، فولدتِ في ألمانيا، والعادة الغالبة أن الجيل الأول الذي يأتي مغترباً يتمسك بهويته، ودينه، وأخلاقه، وأصالته، والبعض قد يذوب في ذلك المجتمع، وبعضهم يذوب من الجيل الثاني!

وأنتِ من الجيل الثالث، ومولودة في ألمانيا، ومع ذلك أراك مسلمة مصلية تلبسين الحجاب الشرعي! فأقول: من أين جاء هذا الثبات، أو هذا الاستمرار في الحفاظ على الهوية؟

فقالت:

نحن بصراحة نجد الكثير من الصعوبة في الحفاظ على هويتنا الإسلامية في هذه البلاد؛ ولكننا بحمد الله نحاول في بيوتنا أن نحافظ على مبادئنا الإسلامية، والشرعية، وأن ﻻ ننسى أننا مسلمون، وهويتنا إسلامية، سواء كنا في ألمانيا أو سويسرا، أو غيرها.

قلتُ:

لغتك الأصيلة هي الألمانية؛ ولكنك تتكلمين اللغة العربية بطلاقة، بينما نجد أناساً في بلادنا العربية ﻻ يعرفون التكلم بهذه اللغة العظيمة؛ لأنهم درسوا في مدارس أجنبية في بلادهم! فكيف حافظتِ على هذه اللغة أيضاً؟

فقالت:

بصراحة أن والدي أصدر قانوناً شديداً في بيتنا وهو أنه يمنع التحدث بغير العربية، والذي يخالف ذلك يعرّض نفسه للعقوبة! ولذلك فأنا أجيد الحديث باللغة العربية، بل وأحافظ عليها.

قلتُ:

هذا أمر طيب، وهذه هي النتيجة والثمرة.

علمتُ أن تخصصك كان في تربية الجيل المسلم الذي نشأ هنا، وفي الغرب، والسؤال: برأيك أين تكمن المشكلة؟

فقالت:

المشكلة تكمن في أن الطفل يذهب إلى المدرسة، ويقضي فيها وقتاً طويلاً، وكما لا يخفى عليك فهؤلاء الناس يعرفون كيف يتعاملون بطريقة جيدة، وأسلوب جميل مع هؤلاء الأطفال، فكلهم أخصائيون، وهم دائماً يجددون خبراتهم، وتعاملهم مع الطفل، ولذلك نحاول نحن أن نخلق بيئة إسلامية لهذا الطفل، فمثلاً نذهب إلى المساجد، إلا أنه وبكل أسف نجد العنصرية متغلغلة بينهم!! فهذا مسجد عربي، وذاك مسجد ألباني، وثالث تركي!! فتجد أنه من الصعب الدخول فيهم، وعمل جو الأمة الواحدة! فمثلاً: إذا أردنا أن نسجل الأولاد ليتعلموا القرآن، أو اللغة العربية في المسجد، فتجد أن التعامل مع هؤلاء الأطفال يكون بعكس ما هم متعودون عليه في مدرسهم الأجنبية!! فالطالب يعامل في المدرسة بكل احترام وتقدير، فإذا ذهب إلى المسجد عومل بعنف! من هنا جاءتنا الفكرة أننا بحاجة إلى مؤسسة ترعى الطفل، وكيف نعلمهم بطريقة صحيحة، وأسلوب أفضل من الأسلوب الذي تربينا عليه.

قلتُ:

إذن أنتِ تؤكدين على فكرة مهمة وهي: أن التخصص مطلوب اليوم في ظل هذه الظروف المعقدة المتداخلة، والحياة غير العادية، بمعنى أن الإنسان من حيث هو إنسان في العالم الرأسمالي الثقافي المفتوح أصبحت حياته ليست طبيعية ضمن الميديا، وغيرها من المؤثرات، وبالتالي لا بد أن نراعي قواعد، ومنظومات التربية الحديثة؛ حتى لا يقع الإنسان في التناقض.

ولكن ما الذي دفعك إلى هذا الاهتمام بالتربية؟ وأين وجدت المكان الذي تمارسين به التربية؟

فقالت:

كما قلت لك عندما رأيت هذه العنصرية في المساجد، وفي بيوت الله تعالى، ورأيت قلة التخصص في التعامل مع الطفل، جئت إلى مجلس الشورى الإسلامي بسويسرا، واقترحت عليهم أننا يجب علينا أن نفعل شيئاً لهؤلاء الأبناء، وأن يكون بمستوى الدراسة السويسرية، إن لم يكن أحسن! لا بد أن نحتضن هذا الطفل، ونساعده على أن ينشأ في هذه البيئة الصعبة نشأة سوية، وأن نساعد الأسرة أيضاً في التعامل مع المدرسة، أي أننا نريد أن ندعم الأسرة ككل، والطفل بالذات، أن ينشأ في هذه البيئة، وهذا المجتمع، بتربية إسلامية.

قلتُ:

الذي لفت نظري خلال لقائي بالكثير من الفتيات، والأمهات، والمثقفات، والأكاديميات، في سويسرا، من اللاتي أسلمن، أنه بمجرد إسلامها، ولبسها لهذا الحجاب، فإن رؤية المجتمع تنقلب ضدها بطريقة غريبة، وتصبح منبوذة! فماذا تعلقين؟

فقالت:

هذا صحيح! فنحن نجد صعوبة كبيرة من هذه الناحية، فأول شيء يحدث لهذه المحجبة أنهم بمجرد أن يشاهدونها كذلك، فإنهم يتحدثون معها بطريقة مهينة، وكأنها ليست إنساناً!! فكثيراً ما يتعاملون معها بقلة احترام.

قلتُ:

وهذا الشيء يحتاج إلى نفسية تربوية لمواجهته، ومن ثَم غرسه في الأبناء لمعرفة كيف يتعايشون بعقيدتهم في مجتمع ينبغي أن يتعايشوا معه.

وقد كنتِ أنتِ من اللواتي مارسن هذا التكيف مع المجتمع، فهذا مجتمع نعيش فيه، ولا بد أن نحترم آلياته، وقوانينه؛ ولكننا في المقابل ﻻ نتنازل عن ديننا، وعقيدتنا، فكيف استطعت مراعاة هذه المفارقة، وهذه الموازنة؟

فقالت:

بصراحة الأمر صعب جدًّا، وبالذات عندما كنت صغيرة، وأذهب إلى المدرسة، فمثلاً: أول ما تحجبت واجهتُ مشكلة كبيرة من المدرسين، وهي قولهم: إن هذا الحجاب سبب في عدم سماعك بطريقة جيدة! وإنه من المؤكد أن أهلك قد ضغطوا عليك للبس هذا الحجاب! ولذا فالطفلة بعمر عشر سنوات التي تحجبت، يجب أن تكون شخصيتها قوية، حتى تقف أمام المدرسين، والطلاب، وأن تثبت ذاتها كطفلة بالمدرسة.

قلتُ:

هذا يعطينا إشارة أنه لا بد أن يتربى الطفل على قوة الشخصية، وأن يكون هذا ضمن منهجكم التربوي.

فقالت:

صحيح، وهذه هي أهم نقطة يجب أن نشتغل عليها في الغرب، فالبنت التي تريد أن تتحجب نقوي لها شخصيتها، وكيف تواجه المدرسة، والمعلمين، وكيف تكون فخورة بحجابها، وكذلك نربي الولد على المحافظة على صلاته، وأن يعرفوا أن أكلنا كمسلمين يختلف عن أكلهم، وأن عاداتنا وثقافتنا وطريقة حياتنا، تختلف عنهم تماماً.

كانت تلك آخر كلمات الأخ نادية عما يواجهه المسلم في بلاد الغرب من صعوبات وعقبات، وكيفية التعامل معها، والتغلب عليها.

ونستكمل حديثنا عن الغربة والغرباء في الغرب، في قضية التعليم، والمجتمع، والإعلام، تلك الثلاثية التي تتنافس، وتتصارع، فالإعلام يشكل الانطباعات العامة، والمجتمع يذيب الشخصية، والتعليم هو الأساس الذي يكون.

وللوقوف على حقيقة الأمر بصورة جلية، زرتُ إحدى المدارس المسلمة في سويسرا، والتي هي نموذج لحفظ الهوية، وحماية هذا الجيل، وتأصيله على القيم الإسلامية.

وهناك قابلتُ الأخت ثناء خلقي، صاحبة فكرة هذه المدرسة، فسألتها:

كيف ولدت هذه الفكرة؟ وكيف تتعاملون مع هذا الجو التغريبي إذا جاء المسلم إلى هنا، وعاش في الغرب؟

فقالت:

أنا أقيم هنا في سويسرا منذ عام 2001، فقد جئت إلى سويسرا، وتزوجت، وأقمت في مدينة زيورخ.

وفي إحدى المرات ذهبت إلى المسجد فوجدت أطفالاً صغاراً يتعلمون العربية، فكانت بدايتي هناك في أحد المساجد، حيث كانت اللغة العربية منسية، ولا يوجد كثير من الاهتمام بها، فهي غائبة عن الوجود تقريباً، ووجدت أطفالاً كثيرين بحاجة ماسة إلى تعلم هذه اللغة، ومنذ تلك اللحظة ولدت هذه الفكرة في رأسي، ومع إنجابي للأطفال أيضاً، أصبحت الفكرة واجبة التطبيق، فقررت البداية، وقام زوجي بمساعدتي بأن ندعم هذه الفكرة، ندعم اللغة العربية في الغرب، والقرآن الكريم، والهوية الإسلامية للأطفال، فهناك أطفال عرب ضائعون، لا يتكلمون، وﻻ ينطقون اللغة العربية، ولا أي حرف منها!! وإنما يتكلمون الألمانية، فحزنت جداً من هذا الوضع، فاجتهدت على نفسي، وبدأت مع الأطفال، والنساء، بدروس خصوصية، ودروس عامة، فأينما سمعت أن أحدهم محتاج إلى اللغة العربية، أذهب إليه وأساعده.

قلتُ:

هذا كله كان قبل مشروع المدرسة؟

فقالت:

كان هذا قبل البداية، فقد مكثتُ خمس سنوات في هذه الدائرة، وأنا أشاهد الأطفال، وأشاهد النساء، يريدون تعلم اللغة العربية، وهم جاهزون لجميع الوسائل؛ ولكن لا توجد الكفاءات، ولا توجد الإعانات!!

ففي هذه السنوات الخمس تعلمت كثيراً من الأطفال، تعلمت ماذا يريدون؟ فنحن هنا في الغرب نريد هوية الطفل الإسلامية، فالظروف مختلفة جداً، وتعليم الطفل هنا مختلف جداً عن تعليمه في بلادنا.

فجاء الأطفال المسلمون من جميع الجاليات، من سويسرا، ومن السودان، ومن البوسنة، ومن أفغانستان، ومن كوسوفا، وألبانيا، وسوريا، وموروكو، كل هؤلاء الأطفال جاءوا لتعلم اللغة العربية، والقرآن الكريم في هذه المدرسة، فمن هنا ولدت الفكرة، لنسمع هؤلاء الأطفال، ولنجتهد عليهم، ولنجد لهم برامج مختلفة.

فالحمد لله كان هدفي الأول والأخير أن يحب الأطفال المسلمون الموجودون في الغرب اللغة العربية، وأن يأتوا لدراستها بحب.

قلتُ:

لا شك أن اللغة هي مفتاح الفهم، بل إن اللغة هي أداة فهم، أكثر من كونها وسيلة تخاطب وتعارف.

ولكن ماذا عن المناهج التي لا بد أن تكون خاصة؟

فقالت:

المناهج متعبة جداً؛ لأنها مناهج مختلفة، فالطفل الذي جاء من البلقان تجده قد درس في بعض المساجد القراءة، فهو يجيد القراءة؛ لكنه لا يعرف الكتابة، ولا يعرف القلم، فهذا يحتاج إلى منهج خاص.

ويأتي طفل آخر من سويسرا لم يسمع باللغة العربية سابقاً، فهذا أيضاً يحتاج إلى منهج خاص!!

وقد أكملت في مسيرتي هذه 13 عاماً، وإلى الآن لم أستطع أن أجد منهجاً موحداً لجميع الأطفال! بل يجب أن تكون لهم مناهج متعددة مع الفهم، والدراسة، وهذه مسألة صعبة جداً.

قلتُ:

هل شعرتِ بحماس الآباء والأمهات عندما افتتاحك لهذه المدرسة؟

فقالت:

البعض منهم تحمس، ولكن في البداية كان الكثير منهم يقولون: إن المدرسة العربية ليس لها فائدة، أو فائدتها قليلة! ولكن بعد الجهد، والإصرار، وبعد التعب، والنتائج الظاهرة، أصبحوا متحمسين أكثر، والأطفال بدأت أعدادهم تزداد، فأنا لدي 120 طفلاً في ثلاثة أماكن مختلفة، وهؤلاء جاءوا لتعلم اللغة العربية، والقرآن الكريم، وبعد كل هذه الأمور تواصلنا مع مجلس الشورى الإسلامي في سويسرا، وتعاملنا معهم لدعم هذه المدرسة؛ وماذا يريد هذا الطفل؟ وإلى أين نريد أن نأخذه؟ ولذلك تعاونّا مع مجلس الشورى الإسلامي لنجد مكاناً، ومقراً للأطفال، فالهدف الذي نريد أن نوصله إلى أطفالنا هو اللغة العربية التي يتكلمونها، فهي اللغة الصحيحة، وهي التي تساعدهم على الانطلاق إلى جميع اللغات أيضاً.

هذه نبذة عن معاناة المسلمين في الغرب وطناً، وديناً، وبدناً، وحياة، وهذه لمحة من محاولة التكيف مع الواقع من خلال هويتنا، نسال الله تعالى التوفيق والسداد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى