لتجربة الأجواء المثيرة للمراهنة الرياضية والإثارة في ألعاب الكازينو عبر الإنترنت، ما عليك سوى التسجيل وبدء اللعب لدى شركة المراهنات Mostbet في المغرب . تعال لتستمتع باحتمالات عالية والعديد من المكافآت والعروض الترويجية والرهانات المجانية واللفات المجانية. سنمنحك نسبة 100% على إيداعك الأول، ولدينا أيضًا تطبيق ممتاز للهاتف المحمول!
وياكم 2016

وياكم 2016 الحلقة الحادية عشر التحيز المعرفي ج1

التحيز المعرفي

الحديث عن التحيز المعرفي والثقافي، وظلم الآخر حضارياً، وتاريخياً، ومعرفياً، حديث طويل الذيول.

فالإنسان بطبيعته ينتمي، والانتماء حاجة وواقع، إلا أن هذا الانتماء منه ما هو ناضج، ومنه ما هو متأرجح بين التعصب والتحيز، الذي فيه شيء من استصغار الآخر، إلى أن يتدرج لكي يصبح إلغاء للآخر، ودفنه، واستباحته!

في زياراتي لإسبانيا أو الأندلس، وبالتحديد لغرناطة، التقيتُ بالدكتور نيكولاس روسيل، الإسباني الذي أسلم وعمره ١٢ عام مع أسرته، وسمّى نفسه عبد الله المايوركي، وهو دكتور متخصص في علم الترجمة، وقارئ جيد للتاريخ، وجرى بيني وبينه حوار حول التعصب الثقافي، والتحيز المعرفي، وقد اختار أن يكون اللقاء والحوار في أحد البيوت الأندلسية! فسألته:

لماذا اخترت هذا المكان يا دكتور عبد الله؟

فقال:

لأن هذا البيت يعود إلى عبيد الله الصغير، آخر أمراء بني الأحمر في غرناطة!! وكل ما في هذا البيت من بناء، وأثاث، يعود إلى أواخر أيام المسلمين في غرناطة، وهو رمز على بقاء الآثار الأندلسية ها هنا.

قلتُ:

ألاحظ أنك تتكلم اللغة العربية جيداً، فمن أين جاءتك هذه اللغة العربية؟

فقال:

لقد درستها في الجامعة الإسبانية هنا في غرناطة، كما أنني قضيت صيفاً كاملاً في تونس الخضراء، وسنتين في المملكة العربية السعودية، في المدينة المنورة، فاستفدت كثيراً من لغة أهل الجزيرة، واستفدت كذلك كثيراً من الإذاعات الإسبانية ببرامجها باللغة العربية، ومن أهمها الإذاعة البريطانية BBC، كما كان للاحتكاك بالعرب والمسلمين المتواجدين بيننا، والمقيمين هنا دور مهم في ذلك، بالإضافة إلى خطب الجمعة، والدروس في المساجد.

قلتُ:

رسالتك الدكتوراه بعنوان: الدين والسياسة، المفهوم الإسلامي، أو المفهوم في الإسلام، ماذا ناقشت فيها؟

فقال:

ناقشت فيها ما هو مفهوم الدين والسياسة في الإسلام، وما الذي يربط بينهما، لأن الإسلام ميّز بين ما هو ديني محض، وبين ما هو سياسي محض؛ إلا أنه في الوقت نفسه ليس هناك فصل بينهما، كما يدعون في أوروبا، فهذا غير صحيح تماماً، بل الإسلام وضع روابط متينة بين ما هو سياسي محض، وبين ما هو ديني محض.

قلتُ:

هذا الكلام ينفي العلمانية التي ينادي بها العرب، إذن أنت ضد العلمانية؟

فقال:

بلا شك، فالإسلام يرفض العلمانية، ولا يقبلها.

قلتُ:

للأسف هناك نظرة كهنوتية عن الإسلام من بعض أبنائنا الذين تأثروا بالنظرة الكهنوتية الغربية في فصل الدين عن الدولة، والظروف التي ولدت ذلك.

وهل رجعت في رسالتك إلى مراجع عربية؟

فقال:

كلها أو أغلبها مراجع عربية، وبالتحديد المراجع القديمة؛ لأن هذا الموضوع قديم جداً، كقدم البعثة الإسلامية، وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم.

كما أنها اشتملت على مراجع عصرية كثيرة؛ لأن قضية السياسة في الإسلام قضية حية مستمرة، وهي في الحقيقة النقطة الأساسية في الإسلام، وفي استمراره كحضارة، ودين، ومجتمع.

قلتُ:

الكتاب الآخر الذي عُرفت به عنوانه: “تاريخ مايوركا”، فهلا حدثتنا عنه؟

فقال:

كتاب: “تاريخ مايوركا”، هو كتاب عن سقوط جزيرة مايوركا في أيدي النصارى سنة ١٢٢٠ ميلادية، ٦٢٧ هجرية، فهو كتاب قيم جداً، وكان مفقودًا لمدة أربعمائة سنة، وكانت المصادر العربية القديمة تشير إليه.

قلتُ:

ثمة ملاحظة في قضية ازدواجية نظرة الإسبان للإسلام والمسلمين، فهم مثلاً يَقبلون الإسلام ويُقبلون عليه كثقافة، وحضارة، وتاريخ، ولكنهم يرفضونه ديناً، وعقيدة، ومفاهيم عن الكون، والإنسان، والحياة، فكيف لنا أن نفك هذه الازدواجية، وهذه الواقعية المتناقضة؟

فقال:

السبب الأساسي في ذلك أن الهوية الوطنية والاجتماعية الإسبانية مبنية على قتال الإسلام سياسياً، وعقائدياً، فهم كانوا يقاتلون الإسلام سياسياً، وعقائدياً، ولكنهم في الوقت ذاته وبفضل تفوق الإسلام حضارياً، كانوا يَقبلون الإسلام بكل ما أنتجه من مادة، وفن، وذوق فني، وهذا هو الذي يميز الهوية الإسبانية عن باقي الهويات الأوروبية الأخرى فهم يصنفون أنفسهم على أنهم مسلمون حضارياً؛ ولكنهم مسيحيون عقائدياً، فالمسيحية الإسبانية هي مسيحية اجتماعية، وليست عقائدية.

قلتُ:

من خلال قراءتي عن الاستشراق لاحظت أن المستشرق الإسباني الذي درس الشرق، أأأااأوالمستعرب كما يسمّونه، يختلف في قراءته لتاريخ إسبانيا الأندلسي، والإسلامي، عن المستشرق الأوروبي، أو الأمريكي، فهل تلاحظ هذا؟

فقال:

هذا صحيح، فمثلاً في إسبانيا يسمّى الاستشراق استعراباً؛ لأنهم يعتقدون أن الفترة الإسلامية هي فترة من فترات التاريخ الإسباني، ومعنى ذلك: أن تاريخ الإسلام هنا هو في الحقيقة تاريخ إسباني، فيجب الانتماء إليه كما يُنتمى للتاريخ الروماني، فهم يعتقدون أن من كان من العرب الإسبان، أو من الإسبان العرب، أو من الإسبان المسلمين، أنهم جزء من تاريخ إسبانيا، لأن الوطن الإسباني يجمعهم جميعًا، والاختلاف الوحيد بين هؤلاء العرب المسلمين وبين الإسبان المسيحيين هو الدين، وشيء من الثقافة، ولذلك هم يرون أن كل ما أنتجه المسلمون هو من إنتاج الإسبان الذين كانوا في فترة معينة جزءً من تاريخهم.

قلتُ:

هل التحيز للعرق، أو للمنطقة، أو للإقليم، وإهدار تميز الآخرين، ودمجهم بطريقة غير منطقية، دعا بعض المرشدين السياحيين أو المثقفين أن ينسب كل شيء في الأندلس إلى الإسلام؟

فمثلاً: عندما زرت قرطبة ووقفت على جسر القنطرة، قيل لي: إن هذه قنطرة إسلامية!! إلا أن كل المراجع تقول: إنها قنطرة رومانية!

فنحن أيضًا حينما نتكلم عن حضارتنا، يجب أن نتكلم عنها بالإنصاف، فلا نحارب التحيز بتحيز آخر، فكيف ترى ذلك؟

فقال:

هناك محاولة أو ميل من البعض أن يحولوا كل ما أنتجه المسلمون هنا إلى أصول أوروبية، أو يونانية، أو رومانية، أو ما قبل الإسلام، بل إنهم يقللوا من أهمية المسلمين والإسلام في بناء التاريخ الإسباني، وكذلك الهوية الوطنية الإسبانية؛ وهناك أمثلة كثيرة على أن الكثير من الآثار الإسلامية يُقال عنها إنها رومانية، أو يونانية، أو فينيقية، حتى ينفوا فضل المسلمين في ذلك، وهذا قد يكون في بعض الأحيان عن جهل، وأحياناً يكون عن عمد!

فمثلاً: القنطرة الموجودة في قرطبة هي قنطرة إسلامية في الحقيقة! ولكن الأسس رومانية، وكذلك هناك مدينة في شمال إسبانيا أجمل من مدريد، فيها سور عظيم من أيام الخلافة الأموية، إلا أنه يصنف على أنه سور روماني! وهذا يقوله المرشدون السياحيون؛ ولكنه في الحقيقة سور إسلامي.

قلتُ:

يقولون: المنتصر يكتب التاريخ، والإسبان انتصروا فكتبوا التاريخ؛ ولكن هنالك ملحظ لبعض النقاد حيث يقولون: إن الذي كتب التاريخ الإسباني ليس المؤرخ، ولا المثقف، ولا المفكر، وإنما الكنيسة! فما هو أثر ذلك على صورة التاريخ الإسباني الإسلامي؟

فقال:

ليس هذا في التاريخ الإسلامي الإسباني فقط، بل وحتى في التاريخ المسيحي الإسباني؛ لأن تاريخ إسبانيا عبارة عن خطة تاريخية وضعتها الكنيسة الكاثوليكية، وكانت الكنيسة تكتب كلما كان هناك تقدم واستيلاء على الأراضي الأندلسية، وكانت تكتب فصولًا جديدة عن كيفية اكتمال هذا الاستيلاء على تلك الأراضي.

قلتُ:

أفهم من ذلك أنك لا تقرّ هذا التاريخ، ولديك ملاحظات، واعتراضات عليه؟

فقال:

بالتأكيد؛ لأن تاريخ الأندلس بدأ في ٧١١ م، أو في ٩٢ هجرية، والذي كُتب كان في القرن السابع الهجري، أي في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي، ومعنى ذلك أن متأخر جداً عن الأحداث التي يتحدث عنها، ويؤرخ لها.

قلتُ:

هل كانت النية والدافعية لطمس تاريخ المسلمين في الأندلس هو الفرمان، والقرار الذي صدر بعد سقوط غرناطة بحرق كل الكتب الإسلامية، والقرآن، والتاريخ، وغير ذلك، وبقي الحريق مشتعلًا ثلاثة أيام!!

فقال:

لا شك في ذلك، وكان القصد الأول من هذه المحرقة هو طمس المعالم الإسلامية في التاريخ الإسباني، والغاية من ذلك هو منع الإسبان من التفكير في العودة إلى الاسلام، وإلى الحضارة الإسلامية التي كانت قد مثلتها الأندلس.

فهذا الذي كان، وما زالت الكنيسة الكاثوليكية تخشى أن يعود الإسبان، ويتحولوا إلى مسلمين حضارة، وعقيدة.

قلتُ:

مع كل هذا السعي الحثيث لطمس المعالم الإسلامية في الأندلس، إلا أننا لاحظنا أن بعض الكنائس عليها شكل الهندسة الإسلامية، وبعض القصور كذلك، وملعب الثيران، وغيرها، فمهما فعل القشتاليون، والجناح المتعصب في المسيحية الكاثوليكية من طمس، فإن البصمة الإسلامية لا تزال موجودة، فكيف تفسر هذا؟ وهل هذا انبهار أم استسلام لواقع، أم أنه توظيف لصناع مدجنين موريسكيين وُجِدوا هنا؟

فقال:

التفسير لما ذكرت هو ما تفضلت به، وهو الانبهار بالحضارة الإسلامية خصوصًا الفن الإسلامي، فقد أحبّه الإسبان كثيراً، وبقوا عليه، بل إنهم كانوا يبحثون عن المهندسين المسلمين كي يبنوا لهم القصور، والكنائس، بل وحتى ملاعب الثيران، على هذا الشكل الإسلامي، فهم يجدونه أقرب إلى مشاعرهم، وأقرب إلى مفهومهم للجمال، وهذا من البقايا الحضارية للإسلام عندهم؛ لأنه من أدلة الإنصاف الحضاري عند الإسبان تجاه الإسلام.

قلتُ:

هذا دليل واقعي فرض نفسه؟

فقال:

نعم فرض نفسه، وعلينا أن نعلم أن الفنون الإسبانية هي في الحقيقة استمرار للفنون الإسلامية التي عرفها الإسبان.

قلتُ:

وما هي نظرة الإسباني اليوم لتراثه التاريخي عندما يعلم أنه تراث إسلامي أندلسي؟ بل وما هي نظرته لنا نحن الآن؟

فقال:

الإسبان ينظرون إلى التراث الإسلامي الآن على أنه من إنتاج أجدادهم، فهم يعتبرون المسلمين المتواجدين في الأندلس هم أجدادهم، ويعتبرون أن ذلك ميزة لهم عن الشعوب الأوروبية، وبسبب ذلك هم يشعرون أنهم أقرب إلى الشعوب غير الأوروبية، وأن الأوروبيين الآخرين ليس لديهم هذا القرب الذي بين الإسبان، وبين الشعوب الغير أوروبية.

قلتُ:

لقد طفت في أوروبا كثيراً؛ ولكنني أشعر أن الإسبان أقرب لنا، حتى في عاداتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى