القصة كاملةً لاضطهاد المسلمين وتعنيفهم في الهند
اعتداءات مستمرة منذ عقود، عشرات المجازر والمذابح، تهجير قسري وهدم للمساجد، انتزاع الأراضي من أصحابها بالقوة وقوانين لسحب الجنسية وإلغاء الحقوق القانونية، حربٌ على الهوية الإسلامية لمحوها وتشويه معالمها، حظر الحجاب في المؤسسات التعليمية، وحظرٌ على المنتجات الحلال وتغيير في كتب التاريخ والمناهج الدراسية. فما الذي يحدث مع أكبر أقلية في الهند ذات الغالبية الهندوسية!
يوماً بعد يوم تتسع مظاهر استهداف المسلمين في الهند، حتى أصبحت الاعتداءات التي يتعرضون لها سياسة ممنهجة، لم يقتصر هذا الاستهداف على أحداث طائفية في بعض المناطق، بل بات توجهاً يقوده النظام السياسي في البلاد بشكل واضح، يستخدم خلاله الإعلام كأداة سياسية للتحريض ضد المسلمين. أصبحت مشاهد حرق المساجد ومنع المسلمين من أداء صلاة الجمعة وسحلهم في الشوارع كما حدث في تريبورا خلال أكتوبر 2021 ، أو دلهي في فبراير 2020 مألوفة في الشارع الهندي.
لنعد قليلاً إلى الوراء قبل الخوض في المناخ الخطير الذي تفرضه الدولة على الأقلية المسلمة في الهند.
المحطة الأولى: وصول الإسلام إلى الهند:
في دراسته التاريخية ‘‘تاريخ الإسلام في الهند’’ يذكر الدكتور عبد المنعم النمر أن شمس الإسلام سطعت في الهند في زمن الخلفاء الراشدين عبر التجار العرب المسلمين. بعد ذلك جاءت بشائر الفتح الأولى للقارة الهندية على يد محمد بن القاسم الثقفي في عهد الدولة الأموية سنة 92 هـ – 711 م. ومن هنا بدأ الإسلام يعلو وينتشر في الهند وبدأت الحكومات المسلمة وجيوش الفاتحين تتوالى إلى أن جاء الفتح الكبير على يد السلطان محمود الغزنوي في أواخر القرن الرابع الهجري (387 هـ – 997 م) ففتح الهند وأسس الدولة الغزنوية، أولَى الدول الإسلامية في الهند. وتبعه شهاب الدين الغوري (582 هـ – 1186 م) مؤسس الدولة الغورية. سبعة قرون تلت ذلك التاريخ تعاقبت فيها عدة دول إسلامية على حكم الهند. كدولة المماليك، ودولة الخلجيين والدولة التغلقية، والدولة التيمورية.
في هذه الفترة، شهدت الهند عهوداً زاهرة كما لم تشهدها من قبل، وبرزت فيها حضارة المسلمين وآثارهم العلمية والفنية والأدبية في المجتمع الهندي في كل ناحية من نواحيه. فكان بلاط الملوك المسلمين ملتقى العلماء والأدباء والفنيين من كل الأقطار، فبرز على مر العصور علماء فطاحل كانوا ولا زالوا فخر الهند بل فخر البلاد الإسلامية كلها، كالإمام حسن حمد الصغاني ومجدد الألف الثاني أحمد بن عبد الأحد السرهندي والشاه ولي الله الدهلوي وفطاحل العلماء من أسرته والسید مرتضى الز بیدی صاحب تاج العروس في شرح القاموس، وغيرهم كثير من كبار العلماء الذين أفرد لهم بعض المؤلفين كتبا خاصة، بسيرهم وأعمالهم ، وقد كان الملوك يتنافسون في إنشاء المدارس و الإغداق على العلماء، وترجمة الكتب الثمينة.
في هذا الصدد، ننقل هنا بعضاً مما ذكره المؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون في كتابه “حضارات الهند“، يقول: مارس المسلمون في الهند مثل النفوذ العميق الذي مارسوه في جميع أقطار العالم التي فتحوها، ولا أمة كالمسلمين تم لها من النفوذ البالغ ما تم للمسلمين كما أثبتنا في كتابنا “تاريخ حضارة العرب”…والمسلمون حين أدخلوا إلى الهند حضارة العرب، أدخلوا معها رغبة كبيرة في العلوم والآداب والفنون، وما شادوه في عواصمهم من المباني ينطق بعظيم حمايتهم للفنون، وما انتهى إلينا من تراجم ملوك المسلمين يثبت لنا أن هؤلاء الملوك كانوا يشجعون الآداب والعلوم أيضاً، وأنهم كانوا يعدونها بأنفسهم.
هذه هي الحضارة التي قامت على أرض الهند وبقيت مئات السنين تنمو وتكبر وتعلو على يد المسلمين على مر الأيام، ولا تزال آثارها باقية حتى اليوم شاهدةً على أمجاد المسلمين وماضيهم العريق.
تحت قبضة الاحتلال:
في كتابه ” ملحمة الإسلام في الهند” يذكر الدكتور علي النحوي أن الأطماع الأوروبية في خيرات الهند بدأت تتشكّل في نهاية القرن الخامس عشر الميلادي، لا سيما بعد اكتشاف البرتغاليين لرأس الرجاء الصالح وتقدمهم حتى ساحل الهند الغربي. في تلك الفترة أيضاً، بدأت هولندا وفرنسا في الزحف نحو المناطق الهندية والتمركز فيها والاستيلاء على خيراتها، إلى أن جاءت بريطانيا بشركتها العالمية الأولى، الشركة الهندية الشرقية الإنجليزية للتجارة عام 1600 م وبدأت في التوسع وفرض نفوذها على المنطقة كلها.
لاحقاً في عام (1097هـ، 1686م) أقدمت الشركة على بِناء أكبر مستعمَرَة ومركز تِجاري في مدينة عُرِِفَت فيما بعدُ بمدينة كلكتا بالبنغال، وقد بدأ مخطَّطهم برغبتهم في القضاء على ما تبقى من نفوذ الدولة المغولية، والتي تمثِّل رمز السيادة الإسلامية في شبه القارة الهندية في ذلك الوقت.
لم يكن الإنجليز ليتمكنوا من إحكام قبضتهم وتقوية نفوذهم لولا تعاون البراهمة، إذ كان الإنجليز يتوقون منذ أمد طويل توطيد العلاقات والوشائج مع البراهمة لتحقيق أهدافهم الاستعمارية، كما يُبيّن الأستاذ محمد الندوي، رئيس مجلس الأمة لعموم الهند في دراسةً له. و بالمحصلة، أخذ البراهمة يساعدون الإنجليز ويعاضدونهم للحصول على ضالتهم المنشودة. بمراجعة الوثائق التاريخية، نجد المؤرخ الهندوسي سوامي دهرما تيرت في كتابه الشهير “تاريخ الاستعمار الهندوسي” تحدّث عن التعاون بين البراهمة والإنجليز، حيث يقول أن الإنجليز شكلوا الهيئات الإدارية للمعابد، وفوضوا الأمور الداخلية الإدارية كلها إلى البراهمة، ولم يدخروا وسعاً لإرضاء البراهمة والتودد إليهم لتتبلور وحدة الإنجليز والبراهمة لإخماد قوة المسلمين، وتمزيق شملهم.
كان الإنجليز يخشون مقاومة المسلمين ويخافون أن يستعيدوا الحكم والسيطرة على البلاد، وبسبب ذلك، سعوا إلى التقرب من الهندوس واكتساب ودهم، للتفرقة بينهم وبين المسلمين: فرِق تسُد.
كما عَمِلوا على إثارة النزعات الطائفية النعَرَات القومية، كعادة الاحتلال في كل بلد يدخلها، ودَعَوْا المسلمين والهندوس إلى الاجتماع تحت مظلة القومية الهندية ونبذ الدين. ومع مرور الأيام أخذت دعوة القومية تُنادي بتخليص الهند من الدخلاء عليها والغرباء، وحظر القوانين المتعلقة بشعائر المسلمين، على اعتبار أن المسلمين كالإنجليز، ولا بد من طردهم. بهذا الشكل أظهر الهندوس عَدَاءَهم الصريح للمسلمين، ووضعوا أُسُساً ومبادئَ في هذا الاتجاه
القومية الهندوسية:
القومية الهندوسية (الهِندُوتوا،هندوتفا) حركة سياسية بدأت قبل نحو قرن بهدف تحقيق حاكمية الهندوس المطلقة في الهند، وقامت هذه الحركة ببث دعايات مكثفة ودعاوى كاذبة جعلت الغالبية الهندوسية تظن أن حقوقها مهضومة في بلدها، وأن الأقليات قد استحوذت على كل الفرص والخيرات، وأن ديانتها وثقافتها وحتى وجودها في خطر، وخصوصاً من قبل مسلمي الهند الذين لا يتجاوز عددهم 180 مليون نسمة أمام 900 مليون هندوسي، وتشن الحركة حرباً مستمرة على مسلمي الهند ومسيحييها باعتبارهم خطراً على أمن وهوية الهند الأصلية.
يرى الباحث الهندي الدكتور ظفر الإسلام خان أن الهِنْدُوتوا بالنسبة للهندوسية هي كالصهيونية بالنسبة لليهودية، فكلتاهما حركة سياسية عنصرية تدّعي العمل لأجل أتباع ديانة معينة، وبسبب هذا التماثل قامت أوثق العلاقات بين الهند و إسرائيل منذ وصول أتباع الهِنْدُوتوا إلى سدة الحكم بالهند في أواخر القرن العشرين.
تسعى الحركة إلى تأسيس دولة هندوسية خاصة مستقلة، ولذا فإنها تنظر إلى الهندوس على أنهم أبناء الهند الحقيقيون وهم أصحاب الحق في إدارة البلاد وحكمها، أما الفئات الأخرى فليس لها الحق أبداً لأنها مواطنون من الدرجة الثانية في نظر الهندوس.
وتتبنى القومية الهندوسية أيديولوجية “الهندوتفا” (Hindutva) وهي مركب من القواسم الدينية والثقافية والانتماء لأرض واحدة وملامح اجتماعية متشابهة وتحلم بمستقبل تسود فيه الديانة الهندوسية على غيرها من الديانات، وتسترد مجدها القديم الذي دنسه المسيحيون والسيخ والمسلمون على وجه الخصوص.
تبلورت فكرة الهندوتفا على يد نايك دامودر ساوركر في كتابه “Essentials of Hindutva أساسيات الهندوتفا” المنشور عام 1923 وأُعيد نشره مرةً أخرى عام 1928 تحت عنوان “Hindutva: Who is a Hindu، هندوتفا: من هو الهندوسي” وفيه يتحدّث المؤلف عن خصائص ومواصفات الشخص الهندوسي. يُعد الكتاب بمثابة النص التأسيسي للعقيدة القومية الهندوسية.
واشتهرت هذه الأيديولوجيا بشعارها الذي ترفعه في وجه المسلمين :’’باكستان يا قبرستان‘‘ أي على المسلمين – الذين يقترب عددهم في الهند من 200 مليون نسمة- أن يرحلوا غير مأسوف عليهم إلى باكستان و إن بقوا فعليهم تحمل مسؤولية المصير الذي سيلقونه حين يحفرون قبورهم بأيديهم في الهند.
سياسة إقصاء وتطهير وتهديد بالقتل والتشريد وحملات لتشويه التاريخ وإغلاق متواصل للمدارس الإسلامية في أنحاء البلاد كما حدث في ولاية آسام نهاية عام 2020، حيث أقرت الولاية قانونًا يلغي جميع المدارس الإسلامية.
سباستيان فيمبني (Sebastian Vempeny) مؤلف كتاب “الأقليات في الهند المعاصرة” يرى أن سبب عدم التسامح مع الإسلام يعود إلى فشل البرهمية في ابتلاع الإسلام بالهند، ولو كان الإسلام قد قبل بالانصهار لكانت البرهمية قد قبلت به بكل سعادة كجزء من البيت الهندوسي
تعادي الحركة المسلمين على وجه الخصوص، وتنظر إليهم على أنهم محتلين سابقين وأذناباً للاستعمار و بؤرة للإرهاب. في هذا الفيديو يظهر رجل دين هندوسي يقول أن كل مسلم قد أصبح جهادياً مجنوناً وأن الإسلام هو سبب الإرهاب والسلام لن يتحقق ما دام الإسلام موجوداً لذا لا بد من محوه من هذه الأرض.
والكذبة المفضلة عند زعماء الحركة الهندوسية هي أن «الهندوسية في خطر»، وهم لا يكلّون عن الترديد أن المسلمين سيصبحون أكثرية في البلاد في المستقبل القريب، رغم تكذيب الواقع والإحصاءات العلمية لهذه الأكاذيب إلا أن السُذج يؤمنون بها.
فيما يتعلق بهذه الشائعات كتب فِينود مِهْتا (Vinod Mehta)، أحد الصحفيين الهنود البارزين، في مطلع تسعينيات القرن الماضي: رغم كل الدعاية المنشورة، فإن الحكم الهندوسي للهند كامل ومطلق، وهم بلا منازعة السادة لكل قوى الشعب السياسية والاقتصادية والعسكرية في الهند فمن هو المضطهِد ومن هو ضحية الاضطهاد؟ لقد تم تحويل مسلمي الهند إلى مواطنين من الدرجة الثانية، وهم لن يمثلوا تحدياً للذين يمسكون بزمام السيطرة على الدولة بقوة، ليس للهندوس أن يخافوا من شيء سوى الأساطير التي يختلقها الهندوس عن أنفسهم
ديانة واحدة، كيانٌ واحد، دولة هندوسية:
«النهضة الهندوسية » حلم راود زعماء الهندوس في القرنين التاسع عشر والعشرين، وظلت الحركة بمختلف أشكالها معادية للمسلمين ومؤيدة للاحتلال الإنجليزي أو على الأقل محايدة بالنسبة له، ولم يعرف عن زعماء الحركة الهندوسية أنهم حاربوا الاحتلال، بل كانوا يسخرون من الذين يعارضون ويُقتلون أو يذهبون للسجون خلال ذلك الكفاح، وكانوا يقولون عن أنفسهم: إنهم يستعدون لأمور أكبر من الاستقلال، مشيرين إلى أن هدفهم هو إنشاء دولة هندوسية، وكانوا يرون أن الإنجليز حلفاء لهم في هذه الحركة؛ لأنهم يقضون على نفوذ المسلمين.
ومن رحم أحلام النهضة وُلِدت منظمة الخدمة الذاتية القومية المتطرفة Rashtriya Swayamsevak Sangh عام 1925، وهي حركة شبه عسكرية قامت بتأثير الحركتين النازية والفاشية، وقد اقتبست منهما أفكارها حول النقاء الجنسي والفلسفة السياسية، وحتى ملابس أعضائها ونظامها وتدريباتها تحاكي النازية والفاشية، وقد سافر قادتها أكثر من مرة إلى ألمانيا وإيطاليا خلال العهد النازي والفاشي، ودرسوا أساليب هتلر وموسوليني وعادوا لتطبيقها في الهند
احتاجت المنظمة إلى من يمثلها سياسياً ويخوض سباق الانتخابات فتمخضت عن حزب متطرف لا يألو جهداً في التضييق على المسلمين كما فعل حين ألغى الحكم الذاتي لولاية كشمير، وبدأ بالتدخل في قوانين الأحوال الشخصية الإسلامية، وضغط على قضاة المحكمة العليا فحكموا بإعطاء أرض المسجد البابري للهندوس، ثم خرج بقانون الجنسية الذي استهدف المسلمين لحرمان كثير منهم من الجنسية.
وقد نال الحزب شهرته من خلال رعايته الحملات الهندوسية لبناء معبد رام على أنقاض مسجد بابري التاريخي الذي أنشئ في القرن الـ16 وأحرقه الهندوس عام 1992.
بهاراتيا جاناتا (حزب الشعب الهندي):
يتبنى الحزب عقيدة الهندوتفا ويعتبر الجناح السياسي للحركة القومية الهندوسية. تمكن من الفوز كأكبر حزب في ولاية كوجرات سنة 1995، ولا تزال تحت حكمه منذئذ، وهي الولاية التي شهدت أبشع اضطرابات طائفية بالهند في فبراير 2002 م قتل خلالها نحو ثلاثة آلاف مسلم، ودمرت أملاك المسلمين بمليارات الروبيات، وكان كبير وزراء الولاية آنذاك هو ناريندرا مودي الذي يشغل منصب رئيس وزراء الهند حالياً، وهو متهم بالتواطؤ في تلك الاضطرابات وإصدار الأوامر للشرطة بعدم التدخل.
ومنذ انتخابات 2014 يحكم الحزب البلاد برئاسة ناريندرا مودي الذي أصبح رمز التطرف الهندوسي. ومع وصول الحزب إلى سدة الحكم بدأ بتنفيذ برامجه لتهميش الأقليات وخصوصاً الأقلية المسلمة، فبدأت حركة نشيطة لدعوة المسلمين للعودة إلى الهندوسية سميت باسم «Ghar Wapsi» أي «العودة للبيت »؛ بمعنى أن أسلاف مسلمي اليوم كانوا هندوساً؛ وبالتالي يجب عليهم أن يعودوا إلى ديانتهم الأصلية
في فبراير من هذا العام نشرت الصفحات الرسمية للحزب كاريكاتيراً لإعدام مسلمين عبر حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي. وفي وقتٍ سابق وصف وزير الداخلية الهندي أميت شاه Amit Shah المهاجرين المسلمين غير الشرعيين ‘‘بالنمل الأبيض’’ ووعد بإلقائهم في بحر البنغال.
بهذا الشكل، تجري شيطنة الإسلام والمسلمين كل يوم على أيدي أفراد وجماعات محسوبة على الحزب الحاكم والحكومة بواسطة نشر تعليقات جارحة ومعلومات وأخبار ملفقة عن الإسلام والمسلمين والعرب وباكستان. ويدّعون أن الإسلام ليس ديناً، بل طائفة مارقة وأن الإسلام يعلّم الإرهاب، وسيكون هناك إرهاب حيثما وجد المسلمون، ويمجدون «إسرائيل » لأنها تدوس على رؤوس المسلمين
برامج محو هوية:
تسعى الحكومة الهندية لتنفيذ جميع برامج وأجندة الحركة الهندوسية المتمثلة ببسط سيطرة الهندوس وتقوية نفوذهم ومحو هوية المسلمين وإقصائهم. من هذه البرامج، كما يقول الدكتور ظفر الإسلام، الناشط الحقوقي ومدير معهد الدراسات العربية والإسلامية في الهند، برنامج مولودين لكل أسرة، أي تحديد النسل بصورة قسرية، وبرامج لتطهير كتب التاريخ والمناهج الدراسية من أي إشادة بالتاريخ الإسلامي، وبرامج لتغيير أسماء آلاف من المدن والقرى والشوارع والطرق والأحياء من أسماء إسلامية إلى أسماء هندوسية، ليتم محو المسلمين من ذاكرة التاريخ الهندي، إذ إن الأسماء الإسلامية للمدن والقرى تذكر كل جيل بأن المسلمين هم الذين أنشؤوها.
في مقالٍ له، نشرته مجلة التايم الأمريكية تحت عنوان: هل تسعى الهند نحو إبادة جماعية للمسلمين يقول الكاتب ديباسيش روي شودري Debasish Roy Chowdhury أن ما يواجهه المسلمون اليوم في ولاية آسام الهندية من قتل وتشريد وتهجير من أراضيهم ومنحها للهندوس ووصفهم بأنهم هم أصل كل بلاء في الهند ليس سوى بداية لإبادة جميع مسلمي الهند، وقد جُعلت “آسام” مختبرا أوليا لتلك الإبادة.
تحركات إسلامية:
استنكر “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” في عدة بيانات له ما يتعرض له مسلمو الهند، وخاصة بولاية آسام، من “اضطهاد وعنف ممنهج ومحاولات إكراههم على التهجير من بيوتهم” وطالب الاتحاد بتدخل أممي لوقف العنف بحق مسلمي الهند واعتبر الاتحاد أن هذه الأعمال منافية لجميع القوانين الدولية، والفطرة الإنسانية، ولجميع الشرائع السماوية.
وفي 28 سبتمبر 2021 دعا مفتي سلطنة عمان الشيخ أحمد بن حمد الخليلي جميع الدول المحبة للسلام بأن تتدخل لوقف العدوان على المسلمين في الهند، كما ناشد الأمة الإسلامية جميعاً أن تقف وقفة واحدة تجاه هذا الأمر.
ورداً على تصعيد العنف تجاه المسلمين في الهند، انطلقت حملات واسعة في الدول العربية والإسلامية لمقاطعة المنتجات الهندية.
صمتٌ وتجاهلٌ دولي:
على الرغم من أن مشاهد القتل والتهجير والعنف المباشر موثقة ومصورة وتتداول يومياً في وسائل التواصل إلا أن أحداً لم يحرك ساكناً ولم تكن هناك ردة فعل على الهجمة الهندوسية الشرسة. لا من الأمم المتحدة ولا من منظمات المجتمع المدني ولا من دول العالم التي تتبجح بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا ردة فعل مناسبة أيضاً من العالم الإسلامي والعربي. الإرهاب متصاعد يبدو أنّه لن يتوقف ما لم تتغير الحكومة ويتدخل المجتمع الدولي لتسوية الأمر.
الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية الدكتور ناجي خليفة الدهان، يقول أن بعض الدول دول الإسلامية والعربية، تمتلك أوراق قوة للضغط على الحكومة في الهند، أبرزها العلاقات الاقتصادية، إلا أن أياً من تلك الأوراق لم توظف لوقف نزيف المد العنصري، والتطهير العرقي ضد مسلمي الهند، ما يطرح تساؤلات حول أسباب اللامبالاة، وسياسة إدارة الظهر التي تنتهجها الدول الإسلامية تجاه معاناة مسلمي الهند والممارسات العنصرية ضدهم؟