معضلة بلا حل..!

إسماعيل عرفة

في عام 2013م صعد الباحث البريطاني روبرت شلدراك، الحاصل على درجة الدكتوراه في الكيمياء الحيوية من جامعة كامبردج، على منصة Tedx ليلقي كلمة أثارت عاصفة من النقد والاستهجان.

شرح شلدراك كيف أنه تتبع أحد الثوابت الطبيعية المثبتة في الأوساط العلمية، ألا وهو قانون ثابت سرعة الضوء، وتساءل: هل يُعتبر هذا الثابت كوني ثابتاً في الحقيقة أم أنه متغير؟!

نقب شلدراك في المراجع والوثائق المتوفرة، فوجد أنَّ القانون الثابت لسرعة الضوء الذي قد تم تحديده عمليًّا في الأعوام من (1928م) إلى (1945م) قد انخفض بحوالي عشرين كيلومترًا في الثانية عمَّا قبل هذه الأعوام، ثم ارتفع مرة ثانية منذ عام (1948م) إلى ما هو عليه الآن! وهو ما شكل صدمة كبيرة لشلدراك إذ أنه الثوابت الكونية لا يمكن تغيرها أبدًا، طبقاً لفلسفة العلم التجريبي.

توجّه شلدراك مسرعًا إلى رئيس إحدى الهيئات العلمية الرسمية البريطانية المختصة بتحديد الثوابت العلمية، وسأله عن سبب هذا التباين فيما يُفترض أنَّه ثابت علمي؟ فقال له بكل بساطة: (أوه! لقد اكتشفت أكثر الفترات إحراجًا في تاريخنا العلمي!).

ثم سأله شلدراك: كيف حددتم المشكلة التي أدَّت لهذا الاختلاف وكيف تخلصتم منها؟ فرد عليه رئيس الهيئة قائلًا بعفوية شديدة: (لقد قمنا بتثبيت سرعة الضوء علميًّا)، هكذا دون معالجة حقيقية لمشكلة ضخمة كهذه! ثم شرح شلدراك للجمهور كيف تكرر ذات الأمر في ثابت قوة الجاذبية.

من هنا تساءل شلدراك: لـماذا تغير ثابت مهم كهذا الثابت في الأوساط العلمية؟ ويقدم الإجابة موضحًا: إنَّ السبب لا يخرج عن فرضيتين: إمَّا أنَّ العلماء الطبيعيين قد أخطأوا في جل تجاربهم المحددة لسرعة الضوء، وإمَّا أنَّ ثابت الضوء ليس ثابتًا أصلًا كما هو متخيل، وإنَّما يتغيَّر بتغير الزمان والمكان، وفي كلا الحالتين؛ فإنَّ أمرًا كهذا يُعدُّ كارثة في الوسط العلمي؛ لأنَّه لا يسقط النتائج المبنية على سرعة الضوء فحسب، وإنَّما يسقط الوحدات الثابتة لقياس المسافات من الأساس؛ لأنَّ هذه الوحدات تم تفريعها من سرعة الضوء ابتداءً!

هذا الاكتشاف المثير للريبة دفع شلدراك إلى تأليف كتاب (وهم العلم The Science Delusion) الذي نقض فيه الثوابت النابعة من الفلسفة المادية التي يقوم عليها العلم الطبيعي المعاصر.

هذا الاكتشاف ينقض أحد أهم الأسس التي تقوم عليها الفلسفة المادية، ألا وهي اطراد الثوابت الكونية على مر الزمان والمكان. ولذلك قامت منصة Tedx بمنع الحلقة وحذفوها من موقعهم، نظرًا لما قد تسببه الكلمة من إعادة نظر في الفلسفة المادية برمتها، الأمر الذي يعتبره الملحدون من التابوهات التي لا ينبغي أن تمس.