لتجربة الأجواء المثيرة للمراهنة الرياضية والإثارة في ألعاب الكازينو عبر الإنترنت، ما عليك سوى التسجيل وبدء اللعب لدى شركة المراهنات Mostbet في المغرب . تعال لتستمتع باحتمالات عالية والعديد من المكافآت والعروض الترويجية والرهانات المجانية واللفات المجانية. سنمنحك نسبة 100% على إيداعك الأول، ولدينا أيضًا تطبيق ممتاز للهاتف المحمول!
مقالات

ازدواجية المعايير بين أوكرانيا وفلسطين

منذ اللحظة الأولى لبداية الغزو الروسي لأوكرانيا، ضجت وسائل الإعلام بالحدث وتحرك العالم لشجب روسيا. خمسة أيام كانت كافية لتوحيد المجتمع الدولي ضد بوتين، عقوبات اقتصادية وحرمان دولي من المشاركات الرياضية والثقافية، شركات تمتنع عن تقديم خدماتها للروس، بالإضافة إلى إمداد أوكرانيا بالمال والرجال والعتاد العسكري. بدا وكأن العالم كله في كفة وروسيا في كفة أخرى. لكن مهلاً، لما كل هذا التحرك السريع والحشد الهائل في أوكرانيا، وفلسطين منذ سبعين عاماً ترزخ تحت الاحتلال وتعاني من اضطهاد الكيان الصهيوني ولم يحرك المجتمع الدولي قطعة حجر لأجلها، فما الفرق بينها وبين ما يحدث في شرق أوروبا.

المصالح تحكم:

في حين كان الفلسطينيون -ولا يزالون- يقاومون الاحتلال الإسرائيلي ويدافعون عن أرضهم وحقهم المستلب، لم ير المجتمع الدولي في نضالهم حقٌ مشروع يستحق الدعم والمساندة، بل على العكس صوّرهم على أنهم إرهابيين وقتلة، بينما في أوكرانيا فالحال يختلف.

أمام هذه الازدواجية نتساءل لماذا التصرف هنا غير الذي هناك، ما الفرق بين الأوكراني والفلسطيني أو الأفغاني، وبماذا يختلف الغزو الروسي عن الاحتلال إسرائيل. السؤال ذاته طرحته النائب البريطانية جولي إليوت في جلسة للبرلمان البريطاني حيث قالت أن “ما يحدث لأوكرانيا لا يختلف عما يحدث في فلسطين منذ عقود وتساءلت: نحن نفرض الآن المزيد من العقوبات على روسيا، لكن الفلسطينيّين يسألون: لماذا لا نفعل شيئا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي؟. 

يُعرف هذا التناقض بازدواجية المعايير، أو الكيل بمكيالين. يرمز المصطلح إلى سياسة الدول والمنظمات المتناقضة في تعاملهم مع نفس القضية أو مجموعة من الناس في أكثر من بلد. تكيل الدول والمنظمات وفق هذه الازدواجية بمكيالين، فتنصر المظلوم حينما يصب الأمر في صالحها وتناصر الظالم إن كان حليفاً أو صديقاً. يحكم ذلك المصالح الخاصة والصوابية السياسية والاعتبارات الأمنية والاقتصادية. وعليه تُصبح الأحكام والمبادئ والقوانين مسيسة بحسب العرق والجنس والدين وهوية القاتل والمقتول .

نفاقٌ سياسي: 

في الخامس من شهر آذار الماضي انتقد النائب الإيرلندي ريتشارد باريت برلمان بلاده لتعامله بشكل متشدد مع الغزو الروسي بخلاف تعامله المتهاون مع الاحتلال الإسرائيلي. وجه باريت كلامه للبرلمان قائلاً: أنتم مسرورون الآن بالاستخدام الصحيح لأكثر العبارات دقة وأقواها لوصف جرائم فلاديمير بوتين ضد الإنسانية، لكنكم لن تستخدموا هذه اللهجة القوية نفسها عندما تتحدثون عن معاملة إسرائيل للفلسطينيين. خمسة أيام كانت كافية لإصدار عقوبات على بوتين والسفاحين التابعين له!. ألم تكن سبعين سنة من الاضطهاد في حق الفلسطينيين كافية لفرض العقوبات على إسرائيل. واعتبر باريت أنه “يتم التعامل مع الفلسطينيين على أنهم عرق أدنى”، واصفاً عدم فرض عقوبات على إسرائيل بالنفاق.


أما في إيطاليا فقد طالب السياسي الإيطالي أليساندرو دي باتيستا في مقابلة له مع قناة محلية بإرسال أسلحة إلى الفلسطينيين للدفاع عن أنفسهم، وقال: الفلسطينيون ليس لديهم دولة بسبب المجتمع الدولي المنافق ويعيشون تحت الاحتلال العسكري والفصل العنصري. بينما اعترض المذيع على كلامه قائلاً: الأوكرانيون أخوة أوربيون، ليرد عليه أليساندرو : إذاً بناءً على لون البشرة يتم إرسال الأسلحة. 

أخوة أوربيون، بشرتهم بيضاء وعيونهم ملونة، ليسوا كغيرهم من الأفارقة أو العرب أو الأفغان. سمعنا الكثير مثل هذه الكلمات والتعابير مؤخراً تتناقلها ألسنة الصحفيين والسياسيين. كبير مراسلي قناة CBC News الكندية علّق على الحرب الدائرة بقوله:  لا يمكن مقارنة ما يحدث في أوكرانيا بما حدث في العراق أو أفغانستان، هذه دولة أوروبية متحضرة، لا تتوقع فيها حدوث الحرب أو تأمل ألا يحدث ذلك”.

يُعلق الباحث السياسي الدكتور كاظم الموسوي على الازدواجية السائدة في النظام الدولي بقوله: حينما ندرس تاريخ السياسة والعلاقات الدولية بين الغرب والعالمين العربي والإسلامي، نجد أنه منذ صدور كتاب الأمير لميكافيللي أن الازدواجية هي السمة البارزة والغالبة على مجرى السياسة والعلاقات بين الغرب والشرق. وحتى الآن، للأسف ما زال هناك من يشعر بأن الغرب يرفع شعارات يُراهَن عليها ولديه ثقة فيما ينادي به الغرب.

معايير سائلة:

أماطت الحرب الروسية-الأوكرانية اللثام عن الوجه الحقيقي للنظام الدولي وكشفت زيف أحكامه ومبادئه الأخلاقية تجاه قضايا المسلمين واللاجئين العرب والأفارقة الهاربين من الحروب والصراعات. ولم يقتصر الأمر على المجتمع الدولي فحسب، حتى المنظمات والشركات هي الأخرى تكيل بمكيالين وتنافق بوجهين. شركة فيسبوك التي كانت وما تزال تفرض رقابة صارمة على المحتوى الفلسطيني المناصر للمقاومة والمناهض لإسرائيل، سمحت بتداول مثل محتوىً يحرض على العنف ضد الغزاة الروس ويدعو لموت بوتين. ، تمارس فيسبوك انحيازها للاحتلال الإسرائيلي بشكل صريح. إذ قامت بإغلاق مئات الحسابات وتعطيل عشرات الصفحات الناشطة في القضية الفلسطينية. 

عشرات الشركات التقنية والمالية كسامسونع وآبل ونيتفلكس وغيرهم  قاموا بتعطيل خدماتهم في روسيا أو بإيقاف تصدير منتجاتهم إليها في إطار حملة المقاطعة العالمية ضد الاحتلال الروسي. 

ببساطة، مان كان يطالب به الفلسطينيون على مدى السنوات السبعين الماضية نفذه الغرب خلال خمسة أيام في أوكرانيا. عقوبات ومقاطعات رياضية وثقافية وإغلاق للأجواء، ودعم عسكري واستخباراتي وتكنولوجي للجيش الأوكراني وفتح باب التطوع للتجنيد في الجيش الأوكراني. بالمقابل، فإن أي طلب لفرض عقوبات على إسرائيل يبدو وكأنه نكتة فكاهية قديمة لم تعد تجدي نفعاً. غير أن أي مبادرة للضغط على إسرائيل تواجه بالفيتو الأمريكي وفوبيا معاداة السامية. 

عن طبيعة النظام الغربي يقول أستاذ الدراسات الإسلامية حافظ الكرمي أن النظام الموجود في الغرب يقوم على الازدواجية بشكل أساسي. بمعنى: أنه فيما يخص الشعوب والمجتمعات داخل هذه الأنظمة يحاول أن يتعامل معها وفق قيم الحرية والديمقراطية وما إلى ذلك، لكن علاقته بالآخر ليس لها علاقة بالأخلاق، إنما تقوم على المصالح فإذا كانت مصالحه تقوم على قتل هذه الشعوب في أفغانستان وفلسطين والعراق وفي أي مكان، فهو لا يتورع عن ذلك.

حق المقاومة: 

في الثالث من آذار الماضي  نشرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية على صفحتها الرسمية في فيسبوك بياناً تدعو فيه الأجانب للتطوع للقتال بجانب الجيش الأوكراني. بعدها بثلاثة أيام صرح وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا أن عدد طلبات التطوع تجاوز العشرين ألفاً فيما بين أنهم استقبلوا حتى الآن مقاتلين من 52 دولة حول العالم، ليس ذلك فحسب، بل تم تدشين موقع رسمي على الإنترنت تحت مسمى ‘‘الفيلق الدولي للدفاع عن أوكرانيا” من خلاله يتقدم الراغبون بالتطوع للقتال بطلب الالتحاق بالفيلق.

بينما يُفتح الباب على مصراعيه للمقاومة الأوكرانية وتقدم لها جميع التسهيلات لمواجهة الغزو الروسي، تُحارب المقاومة الفلسطينية وتُجفف منابع دعمها ويُضيق عليها وعلى كل من يتعامل معها دوليا ومحلياً. كل هذا ولا تزال حتى اليوم تحت حصار خانق منذ خمسة عشر عاماً. وكانت أمريكا والاتحاد الأوروبي وكندا واستراليا ونيوزلندا وغيرهم من الدول صنفوها كحركة إرهابية

الأكثر نفاقاً حين يتم منح لقب البطولة والشجاعة للمقاومة الأوكرانية بينما توسم في فلسطين بالإرهاب والإجرام. في السادس والعشرين من شهر شباط احتفت وسائل الأعلام الغربية بخبر تفجير ضابط أوكراني نفسه منعاً لتقدم القوات الروسية. عمل بطولي، جندي شجاع، مخلص لوطنه بهذه الأوصاف وغيرها تم نقل الخبر وعرضه، في حين يُعرض نفس الخبر حين يكون الفاعل فلسطيني الجنسية بشكل مختلف.  إرهابي، انتحاري، قومي متطرف، مسلم متعصب.

بهذا الشكل يصبح العالم أعوراً تبعاً لساحة القتال وعرق ودين القاتل والمقتول. يذكر مؤلف كتاب ’’البريق الزائف للحضارة الغربية‘‘ محمد علي الخولي في كتابه أن: الغرب اشتهر، ومـازال، بازدواجية المعايير. إذ لا يوجد لديه مقياس واحد يلتزم به. فما هو حلال عنده اليوم يصبح حراماً غداً. وما هو حرام اليوم يصبح حلالاً غداً. وما يجوز للدولة (س) لا يجوز للدولة (ص). إن الحضارة الغربية راقية في نفاقها وكذبها، الفعل ذاته حلال وحرام في الوقت ذاته. الأمر يتوقف على الفاعل وعلى الضحية. فإذا كان العدوان من دولة غربية فهو عمل مشروع للدفاع عن المصلحة أو الدفاع عن النفس . ولكن إذا كان الفعل من دولة غير غربية فهو عمل عدواني غير جائز عندهم. وإذا كان العدوان ضد دولة غربية فهو عدوان همجي يجب أن يتوقف فوراً. ولكن إذا كان العدوان ضد دولة غير غربية فالمسألة تحتاج إلى سنوات قبل أن تصدر الإدانة الغربية للعدوان، وقد لا تصدر أبداً.

نتذكر هنا ما حدث في البوسنة والهرسك، وفلسطين، وأفغانستان والعراق وغيرهم من بلدان المسلمين. 

قانون مسيّس:

يذكر الخبير بالقانون الدولي الدكتور محمد الشيخلي أن مبدأ ازدواجية المعايير الذي تتعامل به الدول الغربية مع القضايا العربية والإسلامية ليس وليد اللحظة، إنما وُجِد منذ أن أنشئت عصبة الأمم وبعد ذلك الأمم المتحدة. فمجلس الأمن قد تم تشكيله وصياغته بما يخدم مصالح الدول الخمسة الكبار. دائماً عندما ننظر إلى قرارات المجلس نجد أنها تخدم مصالح الدول الكبرى الغربية على حساب بقية الشعوب ويظهر هذا جلياً وواضحاً فيما يتعلق بقرارات المجلس التي تتعلق بالجرائم التي ارتكبها النظام الصهيوني في إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. نجد أن الفيتو الأمريكي استُخدِم غالباً لصالح إسرائيل.

العالم الذي لا يرى الضحية إلا وفق معاييره ومصالحه، عالمٌ لا أخلاق ولا مبادئ. لا يُعول عليه لصناعة سلام ولا لنشر الأمان. وفق ميزانه تكون إسرائيل حمامة السلام وفلسطين موطن الإرهاب. ومن السذاجة بمكان تصور أن السياسة الغربية يمكن أن تُعير أي اهتمام للأخلاق والمبادئ في حال تعارضت مع مصالحها.

 (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المنافقون: 4]. .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى