لتجربة الأجواء المثيرة للمراهنة الرياضية والإثارة في ألعاب الكازينو عبر الإنترنت، ما عليك سوى التسجيل وبدء اللعب لدى شركة المراهنات Mostbet في المغرب . تعال لتستمتع باحتمالات عالية والعديد من المكافآت والعروض الترويجية والرهانات المجانية واللفات المجانية. سنمنحك نسبة 100% على إيداعك الأول، ولدينا أيضًا تطبيق ممتاز للهاتف المحمول!
مقالات

فلسفة المجانين – هل وجودنا وهمي؟

يكثر اليوم في خطابات كثير من علماء الطبيعة، ومن المبشرين من رواد التقنية الحديثة، أن واقعنا محض وهم، وأننا ضحية لمبرمج عبقري وضعنا ضمن واقع افتراضي مصمم رياضيًا بدقة كبيرة، وأن حيواتنا ما هي إلا برنامج محاكاة تعرضه عقولنا لا أكثر ولا أقل.. فهل حياتنا وهم؟!

فيما يلي نبيّن أن هذا السؤال مستحيل، وأنه سؤال فارغ من المعنى على الجانب الفلسفي والعلمي التجريبي والعملي في آن معًا.

١– فلسفة مستحيلة

لنسأل سؤالًا فلسفيًا نحتاج أولًا إلى أن يكون السؤال حقيقيًا، فكما يقول الفيلسوف النمساوي لودفيج فتجنشتاين: “إذا لم تكن متيقناً من أي حقيقة، فلا يمكنك التيقن من معنی كلماتك أيضًا”[1]، ما الذي يعنيه إذًا سؤال: “هل نحن وهميون؟” ببساطة لا يعني شيئًا، فكلمة (الوهم) تفترض من الأساس وجود (حقيقة) مضادة للوهم، هكذا يتم استعمالها لغويًا، فإذا كان السائل يسأل: “هل حياتنا وهم؟” يمكننا أن نسأله بدورنا: “من المتحدث هنا؟، هل وهم أيضًا؟، من هو الذي يسأل السؤال، هل إدراكك للسؤال حقيقي؟”؛ كما يمكننا أن نسأله أيضًا: “ما معنى الوهم؟، إذا فقدت الحقيقة وجودها المؤسس لمعنى السؤال ومرجعيته أصلًا فلا معنى للوهم كذلك؟”، وبالتالي يكون السؤال هنا عديم المعنى، أي لا يقع على شيء يمكن الإجابة عليه.

وقد خلص فيتجنشتاين إلى هذه النتيجة حيث قال: “إذا حاولت الشك في كل شيء، لن تشك في أي شيء، فلعبة الشك نفسها تفترض اليقين مسبقًا.”[2]، أي أنه بمحاولة الإنسان تطبيق الشك على كل شيء، يفقد الشك معناه، فـ(معنى) الشك يستلزم في الأساس وجود اليقين، والشك ما هو إلا محاولة لاختباره، ومن الوجود ينطلق كل سؤال فلسفي ممكن، بل تنطلق أي إمكانية معرفية بشرية، وبالتالي، بافتراضنا أن وجودنا وهم، فنحن نفترض في نفس اللحظة أن سؤالنا عن وجودنا وهل هو حقيقي أو وهمي هو سؤال لا معنى له البتة!، فكون أن للكلمات معنى، هي حقيقة تابعة لكون الوجود حقيقي.

يشير فتجنشتين أيضًا إلى أن إثارة شكوك غير معقولة توحي بأن من يثيرها شخص غير عاقل أيضًا، الأمر المثير هنا أنه يربط إثارة هذه الشكوك بالصحة العقلية أو الإدراكية لمن يثيرها، بعبارة أخرى، من يثير مثل هذه الشكوك مجنون.

يكون الشك معقولًا في ظروف معينة، ويجب أن يكون له نتائج في الممارسة، وأن يكون هناك أسباب ومسوغات للشك، أي الإمكان المنطقي له، ومن ثم يجب أن يثار هذا الشك داخل سياق معين، بمعنى لعبة لغوية معينة، حيث تبقى أشياء معينة ثابتة وراسخة في لعبتنا مع إمكان جمع الأدلة التي تؤكد أو تدحض هذا الشك المعقول، ولا ننسى تأكيد فتجنشتين أن الاستعمال والسياق يحددان المعنى والوظيفة، وبناء على كل ذلك، يُفترض مسبقًا اليقين وحقيقة أن أشياء معينة مستبعدة من الشك، أي إمكان وجود خطاب إنساني وثقافة ومجتمع وممارسات وتقاليد ولغة وتعلم، فالشك الجذري الفلسفي يلغي أي خطاب ممكن، ومن ثم هو شيء يعيق الحركة والحياة والتقدم، ولا ينبع من حياتنا، فضلا عن أنه هراء.

ومن ثم، فإن حل الشك يكمن في إظهار أن لا معنى له، على سبيل المثال، من يصر على إمكانية التوهمات الدائمة إزاء تصوراته وإدراكاته الحسية عن الأشياء، يمكن الرد عليه بإظهار أنه ينحرف عن الممارسات الطبيعية والمعتادة، وهي أشياء مسلم بها، في الوقت الذي يثير الشكوك فيها، والأمر نفسه ينطبق على من يعتقد بأنه دائمًا في حالة حلم.

إن هذا الشاك يسيء استعمال كلمة (وهم)، أن هذه الكلمة يوجد لها سياق ومعايير تحدد لها استعمالاتها المعقولة وغير المعقولة في لعبة اللغة.[3]

٢– سفسطة لا علمية

يعلن فيلسوف العلوم الشهير ماريو بونخي في كتابه (ممارسة العلم على ضوء الفلسفة) أنه (في البدء كانت المشكلة)[4]، إعلامًا بأهمية (صياغة المشكلة) في الممارسة العلمية، وكيف أنها الحدّ الفاصل بين الممارسة العلمية، وغير العلمية. لنحدد (مشكلة علمية) علينا أن نصيغ المشكلة في سؤال علمي، وقد وضع فيلسوف العلوم الأشهر كارل بوبر حدًّا فاصلًا يحدد ما هي المشكلة العلمية من المشكلة غير العلمية، هذا الحد، هو (معيار القابلية للتكذيب)[5] أي أنه لكي تكون قضية ما علمية، علينا أن نصيغها بطريقة تسمح باختبارها تجريبيًا.

دعونا نختبر إذًا قضية (الواقع وهم) على ضوء هذا المعيار، تقول القضية: أننا نعيش في عالم مصمم بطريقة برمجية، بحيث يمكن لمبرمجه أن يكتشف كل خلل يؤدي إلى انكشاف هذه المحاكاة وبالتالي لا يمكننا اكتشاف ثغرة في المحاكاة.

وهو ما يعني أن هذا السؤال لا يشكّل قضية علمية، فهو غير قابل للاختبار، كما أنه ما من طريقة لتكذيبه، إذ كما ذكرنا بالأعلى: لا يقع السؤال على معنى، فلا يمكننا اكتشاف شيء يستلزم أن نعرف (الحقيقة) إذا كان كل شيء (وهمًا).

وهو ما لخّصه ماثيو فرانسيز قائلًا:

“تكمن الصعوبة في سبر الكون بحثًا عن دلائل المحاكاة المفترضة في الأسئلة العلمية الصحيحة التي يجب أن نطرحها: الأسئلة التي يمكن تؤدي إلى نتائج منطقية.

في نظام المحاكاة المفترض والذي يملك المبرمج فيه القدرة على تعديل الأخطاء آنياً، قد لا نستطيع أن نميز بين كون حقيقي أو كون نظام محاكاة. نفس الشيء ينطبق على المحاكاة دون العيوب التي لا يمكن كشفها، وحتى الفرضيات التي طرحتها الفلسفة تبدو فارغة إن لم يكن هناك إثباتات ملموسة ومنطقية لتدعمها.”[6]

٣– إعاقة اجتماعية

“في البدء كان العمل”، هكذا يقول الفيلسوف النمساوي لودفيج فتجنشتاين: “في البدء لم تكن الفلسفة، لم تكن مشاكلها وألغازها وشكوكها، في البدء كان العمل، في البدء لم تكن الكلمة، بل العمل. تأتي الفلسفة وتنشأ الأسئلة فيما بعد. في البدء العمل، ولاحقًا تأتي الدهشة، لا لغة من دون فعل وممارسة، ولا توجد حياة ومجتمع من دون عمل، لا نفكر ثم نفعل، بل نفعل ونمارس ثم نفكر، هذه هي الطريقة التي تعمل بها المجتمعات وأشكال الحياة. لا نحتاج الفلسفة أو نظرية أو فكرة ما لتحدد وتسوغ أفعالنا، هو شكل حياة، وهكذا نتصرف فحسب، يعاكس فتجنشتين هنا المبدأ أو الدوغما الفلسفية التي تقدم النظر على العمل. إن البداية عند فتجنشتين ليست في اللغة أو الفكر وإنما في تصرفاتنا وردود أفعالنا وممارساتنا، ما نعتقد به ومتيقنين منه – مثل “العالم موجود”، “هناك بشر آخرون مثلنا”، “أعرف أن هذه يد” وما إلى ذلك – ليس شيئًا أخذناه عن طريق التأمل والتفكير، وهو في الوقت نفسه ليس شيئا تجريبيًا، ولا معرفيًا، فيميز فتجنشتين بين اليقين والمعرفة، وهو غير قابل للخطأ ولا يساوره شك، إنه يقين راسخ لدي ولدی غيري من الناس الطبيعيين الذين يشاركونني شكل الحياة، لا يمكن أن تنفصل لغتنا عن سياقنا الثقافي والاجتماعي، في البدء كنا موجودين مسبقًا ضمن ممارسات شكل حياتنا”.[7]

لا يتعامل الناس عمومًا، حتّى أولئك المبالغين في تبني فرضية المحاكاة الافتراضية مع العالم بوصفه وهمًا في الحقيقة، فبهذا التعامل يفقد أي تعامل إنساني معناه، بل لا يمكن أن يقوم أصلًا أي تعامل إنساني على افتراض أن الحياة وهم مجرّد، يتعامل الناس في حياتهم اليومية بوصفها حقيقة معاشة، وهذا اليقين عندهم لا يخضع للسؤال التجريبي، فهو يقين (قبلي) مؤسس أصلًا للاجتماع الإنساني وللتفاعل بين الناس، وبالتالي تبدو في نظر الرجل العادي محاولة التساؤل عن مدى واقعية الواقع وحقيقته محض هراء لا أكثر، وهي تبدو كذلك للمتحمس العلموي الذي ينافح عن هذه الفرضية أيضًا، فهو لا يلتزم (بفرضيته) و(بحسه العلمي) في حياته اليومية، بل يتعامل مع كلماته بوصفها ذات معنى، ومع تصرفاته وتصرفات الآخرين بوصفها خاضعة للحقيقة، ومع وجوده بوصفه شيئًا غير قابل للشك، فالذات المتسائلة، والسؤال الفكري، والفلسفة الذهنية، كلها أشياء تفترض منذ البداية وجود شيء حقيقي تنطلق منه كل هذه الأشياء. 

وبهذا يتبيّن لنا أن السؤال الذي يقول: “هل عالمنا حقيقي أو مجرّد محاكاة”، هو سؤال ساذج خالٍ من المعنى على مستوى فلسفي أولًا، وعلى مستوى علمي تجريبي ثانيًا، وعلى مستوى الممارسة العملية ثالثًا.

بقلم/ الغازي محمد

المصادر: -تكتب في أول تعليق-

[1]لودفيج فيتجنشتاين: في اليقين، الفقرة 114

[2]لودفيج فيتجنشتاين: في اليقين، الفقرة 115

[3]مروان محمود: مقدمة الترجمة، في اليقين، لودفيج فيجنشتاين.

[4]Doing science : in the light of philosophy / by Mario Augusto Bunge P.17

[5]كارل بوبر: منطق البحث العلمي.

[6]https://aeon.co/essays/is-reality-a-computer-simulation-does-it-matter

[7]مروان محمود:مقدمة الترجمة، في اليقين – لودفيج فيتجنشتاين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى